المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    بمشاركة ناشطين من 40 دولة.. انطلاق أولى سفن “أسطول الصمود العالمي” من تونس نحو غزة

    انطلقت، اليوم السبت، أولى سفن "أسطول الصمود العالمي" من...

    إيطاليا تمنع مرور السفن الإسرائيلية.. مقاومة أوروبية شعبية مقابل تطبيع عربي رسمي

    في تطور لافت يعكس التحولات المتسارعة في الموقف الأوروبي...

    اليمن مع غزة حتى النصر

    الوقوف في وجه العدوان الصهيوني على غزة يمثل أسمى صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في واقعنا المعاصر. وقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يكونوا في صف المستضعفين، وأن يدافعوا عنهم، فقال تعالى:
    ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: 75] هذا النص القرآني يضع الأمة كلها أمام مسؤولية واضحة، أن تنصر المظلومين في فلسطين وفي كل أرض يتعرض فيها عباد الله للعدوان، والشعب اليمني يقدم نموذجًا لهذه المسؤولية منذ أكثر من عقدين، وهو يتحمل الحصار والعدوان والتضحيات، لأنه يرى أن صموده الداخلي جزء لا يتجزأ من معركة الأمة الكبرى مع الكيان الصهيوني وأدواته. وما يواجهه من مؤامرات وضغوط لم يكن إلا جزاءً لمواقفه الثابتة في نصرة قضايا الأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين. قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 214].

    ولذلك فإن كل ما أصاب اليمن من حصار وتجويع وحروب متلاحقة، إنما هو نتيجة طبيعية لعقابه على التزامه بوصية القرآن ورفضه الانصياع لقوى الاستكبار التي تريد إذلال الأمة وسلب قرارها. لقد أراد الله أن يكون هذا الشعب في موقع الابتلاء والصبر، ليميز الخبيث من الطيب، ويختبر صدق إيمانه وصلابته في مواجهة الطغيان. وما يتعرض له اليمنيون اليوم هو صورة من صور الصراع الأبدي بين الحق والباطل، حيث ينهض شعب أعزل في وجه تحالف دولي مسنود بأعتى الأسلحة والقدرات، ومع ذلك يصمد لأن سلاحه الحقيقي هو الإيمان، ودرعه هو الوعي القرآني، وقد ربط الله تعالى بين الصبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على لسان لقمان الحكيم، فقال:﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: 17].

    فالصبر في منطق القرآن ليس مجرد احتمالٍ للشدائد، بل هو صمود إيجابي مقرون بموقف، ومعركة، ووعي، ودفاع عن الحق. وما يقدمه اليمن من صبر على الجراح والحصار، ومن ثبات في مواجهة الطغاة، إنما هو امتداد لهذا المبدأ القرآني العظيم الذي يجعل من الأمة شاهدة على الناس، قائمة بالقسط، لا تخضع للهيمنة ولا تركع أمام المستكبرين.

    وما يقدمه اليمن اليوم من دعم للمقاومة الفلسطينية، بالصواريخ والطائرات المسيّرة، هو الترجمة العملية لهذه القيم القرآنية. إنه التزام صادق بما أمر الله به، وتجسيد لقول الحق سبحانه: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ﴾ [التوبة: 12].

    إن وحدة الموقف بين اليمن هي واجب ديني وأخلاقي، وشهادة على أن الأمة لا تزال تنجب الأحرار الذين يثبتون على العهد، ويخوضون معركتها ضد أعداء الله مهما كانت التضحيات. وهذا الموقف هو الذي يفتح للأمة باب النصر الموعود، الذي بشّر الله به عباده: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7].

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img