كشفت صور أقمار صناعية حديثة عن مشاهد تدمير واسع لمدينة غزة بعد أشهر من القصف الإسرائيلي المكثف، حيث تساقطت الأبراج السكنية وتحولت الأحياء إلى أطلال، فيما يواصل السكان رحلة نزوح قسري بلا وجهة آمنة، وسط تأكيدات فلسطينية بأن لا مكان آمناً في القطاع المحاصر.
ووفق الدفاع المدني الفلسطيني، فقد دُمّر أكثر من 50 مبنى متعدد الطوابق خلال الأسابيع الأخيرة، بينما شهدت أحياء الزيتون وصبرا تدميراً شبه كامل طال أكثر من 1500 منزل ومبنى منذ مطلع أغسطس، لتغدو مناطق بأكملها أكواماً من الركام.
الطريقان الرئيسيان في القطاع، صلاح الدين والرشيد الساحلي، لم يعودا آمنين؛ الأول مغلق بنيران قناصة الاحتلال، والثاني مكتظ بالخيام ويتهدد المارة بالقصف، حتى منطقة المواصي التي أعلنتها تل أبيب “منطقة إنسانية” لم تسلم من الاستهداف، لتترسخ قناعة الغزيين بأن كل شبر في القطاع بات هدفاً محتملاً للقصف.
التصعيد الإسرائيلي طال أيضاً أحياء رئيسية كـ الشيخ رضوان، الرمال، التفاح، الشجاعية، الزيتون وصبرا، حيث سُويت أبراج ومنازل بالأرض، واحترقت خيام نازحين جراء توغلات الدبابات. مستشفيات مثل الشفاء، وجامعات كـ”الإسلامية” و”الأزهر” و”الأقصى“، إضافة إلى مقار أممية ومساجد ومدارس، لم تنجُ من الدمار.
في الشمال، حقول الفراولة في بيت لاهيا التي عُرفت بـ“الذهب الأحمر” مُحيت بالكامل تحت جنازير الجرافات الإسرائيلية، فيما يواجه السكان هناك مجاعة مؤكدة بحسب تقارير أممية. أما مخيم جباليا، أضخم مخيمات اللاجئين منذ نكبة 1948، فقد تحوّل إلى ركام، ومدارسه الثلاث التي كانت تحت إدارة الأمم المتحدة أصبحت ملاجئ مكتظة بالنازحين.
بعد أكثر من عامين من العدوان والحصار، تقف غزة اليوم وقد تحولت إلى مدينة أشباح؛ أبراجها سويت بالأرض، أحياؤها أُحرقت، مستشفياتها ومؤسساتها التعليمية والدينية دمّرت، فيما يبقى السؤال المؤلم مطروحاً: ماذا تبقّى من غزة؟