المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    رؤى خبراء حول استراتيجية اليمن العسكرية وردود الفعل الإقليمية

    خاص- المشهد اليمني الأول مقدمة قدّم باحثان في الشؤون العسكرية والاستراتيجية...

    مادورو: واشنطن تُعِد لعدوان عسكري على فنزويلا

    اتهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الاثنين، الولايات المتحدة بالإعداد...

    فضيحة.. “رشاد العليمي” مندوب إسرائيل في قمة الدوحة

    فنتازيا عجيبة حدثت، قـطـر عقدت قمة ليتضامن العرب معها...

    21 سبتمبر… ثورة على الجاهلية الجديدة

    لا هوية لليمن ولا لشعبه أعظم من هويته الإسلامية المرتبطة برسالة محمد صلى الله عليه وآله، تلك التي شهد بها النبي حين وصفه ببلد الإيمان والحكمة. ومن البديهي أن يثور اليمنيون اليوم دفاعًا عن هذه الهوية الأصيلة، بعد أن حاول الغرب وعملاؤه صناعة هوية دخيلة تتنكر للإسلام وتتنكر لجوهر الأمة.

    فلولا ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، لكان اليمن قد أُلحق بركب المطبعين والمتخاذلين، ولوجدنا أنفسنا مجرد أداة في المشروع الصهيوني، بعدما كانت الأنظمة العميلة والأحزاب المرتبطة بالرياض وأبوظبي قد سلمت البلد بالكامل للوصاية الأجنبية. ولكان شعبنا اليوم بلا موقف مشرّف في نصرة فلسطين، بل وربما بلا هوية دينية أصلًا، بعد أن رآها التكفيريون عقبة أمام الوهابية، تلك الوهابية التي تحولت إلى خادم أمين للصهيونية العالمية ومشاريعها.

    والحقيقة أن ما كان قائمًا قبل الثورة لم يكن إلا مشهدًا مشوّهًا: تيار تكفيري يتزعمه حزب الإصلاح، يوزع صكوك الكفر والإيمان خدمةً لأسياده، وتيار علماني متستر على عدائه للشريعة، يسعى لاقتلاع الإسلام من المجال العام. وبين هذين التيارين المتناقضين ظاهريًا، والمتكاملين وظيفيًا، كانت البلاد تُساق نحو الفوضى، وكانت الهوية الإسلامية تُمحى بيد الوهابية من جهة، وتُستبدل بمفاهيم غربية متفسخة من جهة أخرى. حتى رأينا وزيرًا من أبناء اليمن يلتقط الصور بجانب نتنياهو قاتل الأطفال في غزة، في لحظة سقوط أخلاقي وسياسي مدوية.

    أما الأحزاب والتنظيمات السياسية، فلم يكن لها أن تُخرج اليمن من وضعه المأساوي؛ لأنها كانت جزءًا من المشكلة، مرتهنةً للخارج. فمن كان يخجل من طرق باب السفارة الأمريكية ليتلقى التعليمات، كان يجد ضالته في السفارة السعودية، حيث المشروع نفسه وإن اختلفت الواجهة. واليوم، لم يعد الأمر بحاجة إلى كشف أو استنتاج؛ فقد أعلن ابن سلمان صراحة أن السعودية “دولة قومية لا دينية”، في انقلاب واضح على الإسلام، وتجسيد لحقيقة تحالفهم مع المشروع الصهيوني.

    لذلك، لم تكن ثورة 21 سبتمبر حدثًا عابرًا، بل كانت ضرورة وجودية أنقذت اليمن من هاوية الانسلاخ عن الإسلام. كما أنقذ رسول الله صلى الله عليه وآله العرب من جاهليتهم الأولى، لتعيد الثورة اليمن إلى موقعه الطبيعي: بلد الإيمان، بلد الإسلام، وحامل لواء التوحيد في مواجهة الباطل.

    ومن دلائل صدق هذا التوجه أن اليمن اليوم يقف بوضوح في وجه الأعداء الذين واجههم الرسول بالأمس: اليهود والمتحالفين معهم من أهل الكتاب الذين أمرنا الله بالبراءة منهم ونبذ موالاتهم. بينما نرى في الجهة المقابلة معسكر التطبيع، يتسابق حكامه في إظهار الولاء للصهيونية، وفي هدم ما تبقى من القيم الدينية.

    أما مملكة آل سعود، التي كان يُفترض بها أن تكون حامية للحرمين الشريفين، فقد وقعت في جاهلية جديدة، بعد أن أعلنت الانتماء للقومية الجاهلية وتنكرت للإسلام، حتى غدت خطرًا على الأمة بأكملها. واليوم يتجلى هذا الخطر في غزة، حيث تُرتكب أبشع المجازر بحق النساء والأطفال، بدعم وتمويل سعودي مباشر، لتظهر الحقيقة ناصعة: أن الثورة في اليمن لم تكن خيارًا سياسيًا، بل كانت فريضة دينية وواجبًا تاريخيًا لحماية الإسلام وحماية الأمة من السقوط الشامل.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img