شهدت الدوحة انعقاد قمة عربية – إسلامية استثنائية، اليوم الإثنين، تزامناً مع العدوان الإسرائيلي الغادر الذي استهدف العاصمة القطرية بمسكن لعائلات قادة حركة حماس ووفدها المفاوض، ما أدى إلى استشهاد ستة أشخاص بينهم مواطن قطري. الهجوم، الذي وقع في قلب عاصمة تُعد مركزاً للوساطة، شكّل تجاوزاً غير مسبوق للخطوط الحمراء، واستدعى مواقف صاخبة وحاسمة من مختلف القادة الحاضرين.
قطر في قلب المعركة:
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضع النقاط على الحروف، مؤكداً أن الدوحة، التي بذلت جهوداً لوقف حرب الإبادة على غزة وأطلقت وساطات أفضت إلى تحرير أسرى من الجانبين، تعرضت لعدوان مباشر يهدف لإفشال المفاوضات. تميم شدد على أن “إسرائيل تسعى لجعل غزة غير صالحة للحياة وتهجير شعبها، وتحلم بنفوذ إقليمي وهمي، وأن الدوحة ستواجه العدوان بالحزم اللازم حفاظاً على سيادتها”.
موقف العراق:
رئيس الوزراء العراقي رأى أن ما يجري في غزة والضفة بات معاناة إنسانية غير مسبوقة وتهديداً للأمن الإقليمي، مؤكداً أن الرد يجب أن ينتقل من دائرة الإدانة إلى تحالف عربي – إسلامي واسع لمواجهة العدوان.
الموقف الأردني:
الملك الأردني حذّر من أن الهجوم على قطر يثبت أن التهديد الإسرائيلي “لا يعرف حدوداً”، ودعا لقرارات عملية لوقف العدوان على غزة ومنع تهجير الشعب الفلسطيني.
مصر:
الرئيس المصري اعتبر أن العدوان على قطر تجاوز لكل الخطوط الحمراء، مؤكداً رفض القاهرة لاستهداف المدنيين وتجويع شعب غزة، ومشدداً أن “السيادة الوطنية ليست مجالاً للتفاوض”.
تركيا:
الرئيس التركي أردوغان وجّه خطاباً عالي السقف، مؤكداً أن حكومة نتنياهو تسعى لمجازر منظمة وجرّ المنطقة للفوضى، مشدداً أن “الأمة تملك إمكانات لردع الأطماع الإسرائيلية إذا تحركت بإرادة واحدة”.
إيران:
الرئيس الإيراني وصف العدوان على قطر بأنه محاولة لتقويض جهود وقف الإبادة في غزة، مؤكداً أن الكيان الصهيوني يواصل عدوانه بغطاء غربي. وأكد أن غزة فقدت أكثر من 64 ألف شهيد بالقتل والتجويع، محذراً من أن أي دولة عربية أو إسلامية ليست بمأمن من العدوان.
جيبوتي:
الرئيس الجيبوتي وصف القصف الإسرائيلي للدوحة بأنه “صفعة مدوية في وجه الصمت الدولي”، داعياً الأمة للتحرك كجسد واحد.
لبنان:
الرئيس اللبناني شدد أن الرسالة الإسرائيلية عبر استهداف قطر واضحة، وأن الرد يجب أن يكون بالمثل، لا بمجرد بيانات شجب فقدت قيمتها.
المالديف، موريتانيا، الصومال، جزر القمر، والكويت:
تقاطعت المواقف على أن العدوان يهدد أمن الأمة بأسرها، وأن السياسات الإسرائيلية تقود إلى الفوضى، ما يستدعي إجراءات رادعة وتوحيد الصف.
ماليزيا وباكستان:
رئيس الوزراء الماليزي طالب بوقف العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل، مؤكداً أن “الإدانة وحدها لا تحرر فلسطين”. فيما شدد رئيس الوزراء الباكستاني على ضرورة تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وتشكيل فريق عمل عربي – إسلامي لمواجهتها.
عُمان والجزائر وإندونيسيا:
البيانات شددت على أن أمن قطر هو من أمن الخليج والأمة كلها، وأن الاحتلال الإسرائيلي أكبر تهديد للأمن والسلم الدوليين.
بيان مجلس التعاون الخليجي
بيان مجلس التعاون الخليجي في قمة الدوحة حمل نبرة استثنائية غير معهودة، إذ أدان بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على قطر واعتبره انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة عضو ومساساً مباشراً بأمن الخليج. وأعلن القادة تكليف مجلس الدفاع الخليجي واللجنة العسكرية العليا بعقد اجتماع عاجل في الدوحة لتقييم الوضع الدفاعي للمجلس ومصادر التهديد بعد هذا التصعيد. هذه الخطوة، رغم رمزيتها، عكست إدراكاً متأخراً بأن العدوان الإسرائيلي تجاوز حدود فلسطين ليطرق أبواب الخليج نفسه، وأن صيانة الأمن الجماعي لم تعد خياراً بل ضرورة استراتيجية تفرض الانتقال من دائرة الشجب إلى حسابات القوة والردع.
البيان الختامي للقمة
البيان الختامي لقمة الدوحة جاء محمّلاً برسائل سياسية قوية، حيث أدان بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الغادر على قطر واعتبره انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتقويضاً لجهود الوساطة والسلام. وأكد القادة تضامنهم المطلق مع الدوحة وحقها في اتخاذ كل ما يلزم للدفاع عن سيادتها وأمنها، مشيدين بدورها في دعم المفاوضات ووقف الحرب على غزة. كما شدد البيان على أن استهداف مكان محايد للوساطة يمثل تهديداً خطيراً للاستقرار الدولي، داعياً إلى تحرك عربي وإسلامي موحد لمواجهة السياسات العدوانية الإسرائيلية. ورغم وضوح الإدانة وقوة الرسائل، إلا أن البيان ظل محكوماً بطابع سياسي أكثر منه عملي، ليترك الباب مفتوحاً أمام اختبار الجدية في ترجمة الأقوال إلى أفعال.
الخلاصة
باختصار، رغم قوة الخطاب وحدة المواقف في قمة الدوحة، إلا أن المخرجات عانت من غياب خطة تنفيذية واضحة، وتفاوت في أدوات الردع، وتكرار لغة الشجب دون فعل، إضافة إلى غياب أي قرار عسكري عملي، والارتهان للوساطات الدولية، مع بقاء الانقسام الصامت بين بعض العواصم. وبذلك بدت القمة أقرب إلى إنذار سياسي مرتفع النبرة دون برنامج ردع استراتيجي يوازي خطورة العدوان.