المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    إحاطة غروندبرغ أمام مجلس الأمن: خطاب ناقص يبرّئ المعتدين ويتجاهل حصار اليمن

    قدّم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إحاطته أمام...

    وصف المقاومة بالإرهاب واعترف بالعدو كدولة.. ردود غاضبة على تصريحات الخائن العليمي

    أثارت تصريحات الخائن رشاد العليمي، رئيس ما يسمى بالمجلس...

    صنعاء تشيّع “شهداء الصحافة” في موكب مهيب

    شيّعت اليمن، اليوم الثلاثاء، جثامين شهداء العدوان الإسرائيلي على...

    إلى قمة الخزي: هل يكفي الحبر لوقف الدم؟

    التاريخ لا يحفَظُ الكلمات، لكنه يحفَظُ الأفعال.. الأُمَّــة انتظرت أن ترى قمةً ترتقي إلى مستوى الدماء التي تُسفَك والكرامة التي تُنتهك.. الكَيانُ الصهيوني يتربَّصُ ويبتسِم؛ لأَنَّه اعتاد أن يسمعَ كلماتٍ لا أفعالًا، فيواصلُ مشاريعَه الاستيطانية واستباحة المنطقة دولةً دولةً دونَ خشية!

    منذ عقود، والعالم العربي والإسلامي يجتمع في قممٍ متلاحقة كلما اشتدت الأزماتُ أَو تفاقمت الكوارث.

    وعلى مدى هذه السنين، لم تخلُ بياناتُ تلك القمم من العبارات المتكرّرة: إدانة، استنكار، شجب، قلق عميق، ودعوة إلى ضبطِ النفس.

    لكن هل أوقفت الإدانةُ يومًا قتلًا؟ هل بدَّلَ الاستنكارُ حالًا؟ هل أرهب الشجب الكيان الصهيوني، وهو الذي يرى جميع المتحدثين أعداء له، بينما لم ترتوِ بياناتُهم سوى من الحبر؟

    إن الكيان الصهيوني، منذ اغتصابه لفلسطين وحتى جرائمه في غزة والقدس ولبنان، لم يتعامل يومًا مع هذه البيانات إلا؛ باعتبَارها أوراقًا تُلقَى في سلة النسيان بعد دقائقَ من تلاوتها.

    يُدرَكُ أن ما وراء الكلمات فراغًا، وأن خلفَ الجمل الرنَّانة عجزًا وخوفًا وحساباتٍ سياسية ضيقة تُقدَّم على حساب الدم العربي والإسلامي.

    منبرٌ للخطابة لا مِنصة للفعل

    القمة العربية الإسلامية تحوّلت في أذهانِ الشعوب إلى مُجَـرّد منبر خطابي تُلقى فيه الخطب الطنانة، لا منصة فعل تُدار فيها معارك المصير.

    شعوبُ الأُمَّــة التي تُذبَحُ وتُجوَّعُ وتُحاصَر في فلسطين واليمن وسوريا والعراق، لم تعد تثق بالبيانات؛ لأَنَّها تعلم أن وراءها غيابَ الإرادَة، وانعدام القرار، وارتهان كثير من الأنظمة لإرادَة الخارج، بل إن بعضهم نسج علاقات تطبيعية علنية مع الكيان الصهيوني.

    متى يتحول البيان إلى فعل؟

    القمة تصبح ذات معنى إذَا غادرت دائرةَ “الكلمات” إلى ميدان “الأفعال”:

    إذا أعلن فيها قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وإغلاق سفاراته في العواصم العربية والإسلامية.

    إذا توقفت صفقاتُ السلاح التي تُستخدَم في قتل الشعوب بدلًا عن مواجهة الصهاينة.

    إذا رُفعت قراراتٌ حقيقيةٌ لوقف التطبيع ومواجهة مشاريع التهويد.

    إذا تحوَّلت إلى جبهةٍ سياسية واقتصادية وإعلامية وعسكرية موحَّدة لمواجهة العدوان.

    أَمَّا أن تبقى القممُ مُجَـرَّدَ طقوس سنوية تُشبه اجتماعاتٍ خيرية يطغى عليها الحرج والمجاملة، فذلك لا يزيدُ الأُمَّــة إلا ضعفًا، ولا يزيد الكَيانَ الصهيوني إلا جرأة وتوحشًا.

    الشعوب تنتظر.. والكيان يتربَّص

    شعوب الأُمَّــة –من غزة إلى صنعاء، ومن القدس إلى بغداد، ومن بيروت إلى الخرطوم– انتظرت أن ترى قمةً ترتقي إلى مستوى الدماء التي تُسفك والكرامة التي تُنتهك.

    بينما الكَيانُ الصهيوني يتربَّصُ ويبتسِم؛ لأَنَّه اعتاد أن يسمعَ كلماتٍ لا يرافقُها فعل، فيواصلُ مشاريعَه الاستيطانية والعدوانية دونَ خشية.

    ختامًا.. قمة الحبر أم قمة المصير؟

    إن السؤالَ الجوهريَّ الذي يجبُ أن يُطرَحَ على القادة المجتمعين: هل اجتمعتم لتكتبوا بيانًا جديدًا بالحبر، أم لتصنعوا قمةً حقيقية تعيد للأُمَّـة قرارها ومكانتها؟

    فالأُمَّةُ لم تعد تحتملُ مزيدًا من المؤتمرات الشكلية، بل تريد قراراتٍ حاسمة تجعل الكيان الصهيوني يعيدُ حساباتِه، وتُعيد للشعوب ثقتها في قياداتها.

    فالتاريخ لا يحفَظُ الكلمات، لكنه يحفَظُ الأفعال

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    مبارك حزام العسالي

    spot_imgspot_img