قدّمت المفوضية الأوروبية مقترحاً وزّعت مضمونه على عواصم التكتل يطالب بتعليق جزء من امتيازات التجارة التي تتمتع بها “إسرائيل” مع الاتحاد، وهو إجراء يستهدف نحو “5.8 مليار يورو” من صادرات تل أبيب إلى الأسواق الأوروبية ويُعيد فرض رسوم جمركية قياسية على شريحة واسعة من السلع.
في خطوة تنفيذية فورية، أعلنت المفوضية أنها ستقوم بـ “تجميد دعم ثنائي” تقني يقدّر بنحو “20 مليون يورو” يمكن حسمه فوراً من الميزانيات المخصصة للمشروعات المشتركة، في حين تراهن بروكسل على أن يكون ذلك إشارة ضغط سياسية ومالية لوقف التصعيد الإنساني في غزة.
بالتوازي مع الإجراءات التجارية تقترح بروكسل فرض عقوبات شخصية تشمل تجميد أصول وحظر سفر لعدد من القيادات الإسرائيلية، وعلى رأسها اسمان من الحكومة هما “بتسلف سموتريتش” و“إيتامار بن غفير”، بالإضافة إلى قيود موجهة ضد “مستوطنين عنفيين” وفق صيغة المقترح.
وتقدّر مفوضية التجارة أن إعادة فرض الرسوم الجمركية قد تُسفر عن عائدات تبلغ مئات الملايين من اليوروهات سنوياً، وهو ما يعكس أن خطوة تعليق الامتيازات ليست رمزية بل تحمل بعداً اقتصادياً حقيقياً قد يؤثر على “ما يقارب ثلث صادرات ‘إسرائيل’ إلى الاتحاد” إذا ما نُفّذ على نطاق واسع.
ومع ذلك يواجه المقترح عقبات سياسية داخلية في الاتحاد الأوروبي إذ تُظهر المداولات تردّداً واضحاً لدى دولٍ كبرى بينها ألمانيا وإيطاليا، ما قد يعرقل تمريره في صيغته النهائية أو يضعفه عبر جمع أصواتٍ أقل من المطلوب للعقوبات الأكثر تحميلاً.
وتُقرأ هذه الخطوة على أنها محاولة من بروكسل لإرسال إشارة حازمة مفادها أن حماية حقوق الإنسان والمعايير الدولية تقع في صلب سياسات الشراكات، وأن استمرار التدهور الإنساني في غزة سيدفع إلى إعادة تقييم العلاقات والامتيازات على أساس التزامات دولية واضحة.
وقد نددت تل أبيب فوراً بالمقترح وهددت بـ “ردّ مناسب” في حالة تبنيه، بينما ترى أوساط دبلوماسية أن مستوى الضغط الأوروبي سيعتمد على توافق سياسي داخلي في بروكسل وقدرة الدول الأعضاء على تحمّل تداعيات اقتصادية ودبلوماسية محتملة.
في ظل هذا المناخ المتوتر تبقى المعادلة واضحة : “إجراءات أوروبية فعّالة ستحتاج إلى إرادة سياسية موحّدة داخل الاتحاد” وأي تردد سيُفسَّر لدى الشارع الأوروبي والعالمي على أنه ضعفٍ في مواجهة انتهاكات إنسانية جسيمة، بينما تطبيق ملموس لتلك الإجراءات قد يعيد رسم معالم العلاقة بين الاتحاد و”إسرائيل” لمرحلة ليست باليسيرة على الطرفين.