دخلت قضية مشاركة منتخب “العدو الإسرائيلي” في البطولات الدولية طورًا جديدًا من المواجهة السياسية، بعدما ألمح مسؤولون إسبان إلى إمكانية انسحاب منتخب إسبانيا من كأس العالم 2026 كأداة ضغط رداً على استمرار «الإبادة» في غزة، في موقفٍ يعكس درجةً غير مسبوقة من الاحتقان الشعبي والسياسي تجاه التطبيع الرياضي مع تل أبيب.
جاءت الإشارة الأقوى عبر تصريحات المتحدث باسم الكتلة الاشتراكية في مجلس النواب الإسباني باتكسي لوبيز الذي أكّد أن الحكومة والاتحادات الرياضية ستدرس “في الوقت المناسب” كل الخيارات، بما في ذلك الانسحاب من المونديال إذا شارك منتخب “إسرائيل” — تصريحٌ وضع الرياضة في صلب الخيارات السياسية للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو.
في إطار متصل، أقدمت هيئة البث الإسبانية “RTVE” على قرارٍ يُعد الأول من نوعه بين الدول الكبرى، بالإعلان عن استعدادها لقطع مشاركتها في مسابقة يوروفيجن 2026 إذا سُمح لإسرائيل بالمشاركة، ما زاد وتيرة الردود الأوروبية وفتح نقاشًا واسعًا حول حدود الفصل بين السياسة والرياضة/الثقافة.
وتتزامن هذه التحركات مع دعوات وضغوط شعبية ومنظمات مدنية في أوروبا وأمريكا التي تدعو لاستبعاد “إسرائيل” من منافسات رياضية وثقافية على خلفية التقرير الأممي والتحقيقات التي اعتبرت جرائم واسعة في غزة، الأمر الذي دفع تحالفات مدنية لإطلاق حملات مناهضة لوجود الفريق الإسرائيلي في المنافسات الأوروبية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المواقف السياسية الرسمية من إسبانيا تكتسب زخماً من مواقف قيادية سابقة، إذ صرّح رئيس الحكومة الإسباني بدعوات إلى استبعاد دول أو فرق من الفعاليات الدولية عندما تستمر «الأفعال الهمجية»، ما يعكس تحولًا في لهجة مدريد تجاه سلوكيات تل أبيب الدولية.
المشهد الآن محكوم بعدد من المتغيرات العملية: أولاً، موقف السلطات الرياضية الدولية (الفيفا والاتحادات القارية) وآلياتها القانونية المتعلقة بتأهيل المنتخبات والاعتبارات السياسية التي تفرضها لوائحها؛ ثانياً، مدى قدرة الحكومة الإسبانية على ترجمة الضغوط السياسية والشعبية إلى قرار رسمي يطال مشاركة منتخبٍ وطني في أكبر حدث كروي عالمي؛ ثالثًا، انعكاسات أي انسحاب محتمل على العلاقات الدبلوماسية والأمنية مع حلفاء إقليميين ودوليين.
الخلاصة أن ساحة الرياضة تحولت هذه الأيام إلى أداة ضغط سياسية قابلة للتفجير. إسبانيا وضعت خيار الانسحاب على الطاولة كرسالة سياسية صارمة مفادها أن “التسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان لن يجد له ممراً في ساحاتنا الرياضية”، وأن استمرار المأساة في غزة قد يدفع بلداناً أوروبية إلى اتخاذ خطوات عملية — قد تكون لها تبعات بعيدة المدى على علاقات أوروبا بتل أبيب وعلى طابع الفعاليات الرياضية والثقافية الدولية.
