كشف معهد البحرية الأمريكية في تقريره الصادر لشهر أكتوبر عن فشل الولايات المتحدة وحلفائها في احتواء النفوذ البحري اليمني في البحر الأحمر، مؤكداً أن التحالف البحري الأمريكي يعيش مأزقاً استراتيجياً غير مسبوق بعد أن نجحت صنعاء في قلب موازين القوة في واحد من أهم الممرات الدولية.
وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة فشلت في فرض أي تفوق بحري فعلي رغم إنفاقها أكثر من مليار دولار على صواريخ الاعتراض والعمليات الجوية المشتركة ضمن ما يسمى بـ“تحالف الازدهار”، مشيراً إلى أن ما تواجهه واشنطن ليس حرباً بحرية تقليدية، بل خصماً يتمتع بمرونة تكتيكية وابتكار عملياتي أربك المنظومات الأمريكية المتقدمة.
وأكد المعهد أن القوات البحرية اليمنية فرضت واقعاً جديداً في البحر الأحمر عبر تكتيكات ذكية وعمليات نوعية أجبرت الأسطول الأمريكي على التراجع والاحتماء خلف الدفاعات الجوية، ما حوّل البحر الأحمر إلى ساحة صراع يمني-أمريكي مفتوحة تتحكم فيها صنعاء من موقع المبادرة.
وفي محاولة للحد من الخسائر، دعا معهد البحرية الأمريكية البنتاغون إلى تحويل البحر الأحمر إلى ميدان تجارب مفتوح للتقنيات العسكرية الحديثة، مثل الزوارق غير المأهولة والطائرات الذكية وأنظمة التشويش، في مسعى لاستغلال “الواقع الميداني” لتطوير الأسلحة البحرية الجديدة، على غرار ما حدث في أوكرانيا مع الأسلحة البرية الغربية.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن تفكر بتوظيف الزوارق الذكية لمرافقة السفن التجارية أو التشويش على الطائرات المسيّرة اليمنية، وحتى استخدام أدوات ميدانية مثل الشباك والسلاسل المعدنية لمضايقة الزوارق الهجومية، في خطوة تعكس ارتباكاً واضحاً أمام أساليب الحرب غير التقليدية التي تنتهجها صنعاء.
ولفت التقرير إلى أن إيرادات قناة السويس تراجعت من أكثر من 10 مليارات دولار إلى نحو 4 مليارات فقط، كما انخفضت طاقة الموانئ السعودية التشغيلية إلى الثلث تقريباً، نتيجة العمليات البحرية اليمنية التي عطّلت حركة السفن التجارية وأربكت خطوط الإمداد الدولية.
ودعا المعهد إلى إشراك دول المنطقة مثل مصر والسعودية تحت غطاء “تعزيز أمن الملاحة”، رغم فشل تحالف الازدهار في حماية السفن أو ضمان انسيابية التجارة عبر الممر البحري، وهو ما اعتبره التقرير دليلاً على فشل واشنطن في حشد جبهة بحرية فعّالة.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن الولايات المتحدة مطالَبة بالتعامل مع البحر الأحمر كميدان حرب فعلي وليس كممر مائي استراتيجي فحسب، بعدما نجحت القوة البحرية اليمنية في فرض معادلات ردع جديدة أجبرت واشنطن على إعادة التفكير في استراتيجيتها البحرية، محذراً من أن استمرار هذا الفشل قد يؤدي إلى انهيار مكانة الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط إذا لم يتم تداركه سريعاً.
