نشرت صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية تقريراً مطوّلاً قيّمت فيه نتائج المواجهة بين اليمن والولايات المتحدة في البحر الأحمر، وخلصت إلى أن ميزان المعركة يميل لصالح صنعاء، واصفة المشهد بعنوان رمزي لافت: “صنعاء: واحد، واشنطن: صفر”.
التقرير أوضح أن اليمنيين يواجهون الولايات المتحدة والسعودية والكيان الصهيوني منذ أكثر من عقدين، منذ برزوا كقوة عسكرية عام 2004 احتجاجاً على الغزو الأمريكي للعراق والاحتلال الصهيوني لفلسطين. واعتبرت الصحيفة أن المواجهة دخلت مرحلة جديدة عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، حين تحركت القوات اليمنية لفرض حصار بحري على السفن الإسرائيلية ومنعها من عبور البحرين الأحمر والعربي دعماً لغزة، مستخدمة زوارق سريعة وصواريخ وطائرات مسيّرة ومركبات بحرية غير مأهولة محلية الصنع.
وأضافت الصحيفة أن واشنطن تعاملت مع العمليات اليمنية كتهديد استراتيجي لحريّة الملاحة، فأطلقت حملة عسكرية واسعة وأرسلت أساطيلها إلى مضيق باب المندب. لكن النتائج كانت”كارثية” على حد وصفها؛ إذ غرِق جنديان من قوات النخبة الأمريكية أثناء محاولتهما اقتحام قارب يمني، وأسقطت المدمرة “يو إس إس جيتيسبيرغ”عن طريق الخطأ طائرة مقاتلة من نوع “إف/إيه-18 سوبر هورنت“، قبل أن تصطدم حاملة الطائرات “هاري ترومان” بسفينة تجارية مصرية.
وأشارت لوموند ديبلوماتيك إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد عودته إلى البيت الأبيض، صعّد الحرب بإعلان حركة أنصار الله منظمة إرهابية، وأرسل تعزيزات بحرية وجوية ضخمة، من بينها حاملة طائرات إضافية تبلغ كلفة تشغيلها أكثر من ستة ملايين دولار يومياً، وطائرات شبح من طراز بي-2 تكلف الواحدة تسعين ألف دولار للساعة، وصواريخ اعتراضية يتجاوز سعر الواحد منها مليونين ونصف المليون دولار.
لكن رغم هذا التصعيد، تقول الصحيفة إن القوات اليمنية واصلت مقاومتها بإبداع وشجاعة، فأسقطت طائرات تجسسية أمريكية من طراز ريبر، وكادت تصيب طائرات “إف-16″ و”إف-35”، كما اخترقت الدفاعات الجوية لضرب أهداف في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتسببت عملياتها البحرية في تراجع حركة الملاحة في البحر الأحمر بنسبة ستين في المئة.
ووثّقت الصحيفة حادثة قصف أمريكي لمركز احتجاز في صعدة أودت بحياة ثمانية وستين شخصاً، أعقبها رد يمني عنيف تمثّل في إطلاق صواريخ باليستية على حاملة الطائرات “ترومان” التي اضطرت للانسحاب، في مشهد اعتبرته لوموند ديبلوماتيك نقطة التحول التي أذلت واشنطن عسكرياً.
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة استنفدت خلال شهر واحد تقريباً معظم مخزونها من الصواريخ الموجّهة دون أن تحقّق تفوقاً جوياً على أفقر بلد في المنطقة، مشيرة إلى أن القيادة الأمريكية أعلنت لاحقاً وقف عملياتها تحت مسمى “عملية الراكب الخشن”، في إقرار عملي بالفشل.
وختمت لوموند ديبلوماتيك تقريرها بنقل تصريحٍ لترامب قال فيه: “لقد ضربناهم بشدة، لكنهم أثبتوا قدرة هائلة على التحمل، يمكن القول إن لديهم شجاعة كبيرة”، لتخلص الصحيفة إلى أن ما حدث “يشكّل أول انتصار عسكري فعلي لليمن ضد الولايات المتحدة في التاريخ الحديث”.
