تُطلُّ صنعاء اليوم على الساحة بواقعٍ واضحٍ لا لبس فيه: أمام الرياض فرصة تاريخية لإصلاح ما أفسدته سياسات عدوانها، وفرصةٌ لإنهاء عقدٍ من الجراح والخراب.
لكن هذه الفرصة ليست منحة تُبادَل بالحديث الفارغ أَو بالوعود المؤجَّلة.. إنها امتحانٌ لمسؤولي قرار الرياض: هل يختارون السلامَ الجادَّ أم يواصلون المكابرة ويجعلون من الفرصة غصةً توجعهم؟
صنعاء لا تريد سلامًا كاستسلام؛ بل تضعه في موضعه الإيماني والوطني والإنساني: سلامٌ قائم على حفظ السيادةِ والاستقلال واحترام الحدود.
السلامُ الذي تريده صنعاء ليس هدنةً مرحليةً بل مشروع نهضةٍ واستقرار؛ علامة يمنية تُسجَّل باسم الشعب، لا ورقةً تُرمى في سلة الأقوال.
لكن في الوقت نفسه، ثمن التفريط معلومٌ وواضح.
من يظنُّ أن السلام سيأتي بلا ثمن أَو أن الاستقلال والسيادة تُستعاد بالكلام وحده مخطئ.
صنعاء تقولها بصراحة: سنظلُّ على أعلى درجات الجاهزية، وسنصون كرامتنا وسيادتنا.
ولن يكون التراجع عن الحقوق خيارًا؛ إنما الاستعداد للتضحية باقٍ حتى يستقرَّ العدل ويزولَ العدوان وآثاره.
هذه ليست تهويلًا بل واقعٌ استراتيجي: إما أن يترسَّخ سلامٌ مبنٍ على احترام متبادلٍ وإصلاح آثار العدوان، أَو أن تُجرَى الحسابات على أَسَاس آخر – حسابٌ يحفظ اليمن ويقطع الطريق أمام أي محاولة اعتداء مستقبلية.
صنعاء تؤكّـد أنها لن تسمح أن يتحول الأمن اليمني إلى سلعةٍ يُرتزق عليها أَو أدَاة للتدخل في شؤون الأُمَّــة.
الرسالة موجهة إلى الرياض والوسط الإقليمي والدولي: لا تكفي الإشارات؛ مطلوب فعل يُقنع الشارع اليمني ويؤسِّس لآليات ضمان دائمة.
المطلوب خطواتٌ واضحة تعالج أسباب العدوان -سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا- وتبني ثقةً عملية تُقاس بإجراءات لا بالتصريحات.
وعلى الشعوب والمراقبين أن يفهموا أن خيارَ السلام الذي تبتغيه صنعاء مبني على كرامةٍ وطنية لا مساومة فيها، وأن أية محاولة للاستمرار في سياسة العدوان ستقابل بإرادَة صُلبة، وبتحضيرٍ ينزع كُـلّ إمْكَانية لعودتها.
هذا لا كلام مبالغ فيه، بل تحذيرٌ واقعيّ لمن يراهن على الزمن: اليمن حاضرة، قوية، ومتطلِّبة لكرامتها.
الخلاصة: أمام السعوديّة طريقان واضحان: طريقٌ للسلام الحقيقي يُبنى على الاحترام والحدود والحلول العملية ومعالجة آثار العدوان، أَو طريقٌ للمزيد من التصعيد الذي لن يجلب إلا خسائر قاضية للجار.
صنعاء موقفها واضح: السلام المشرف أولًا، لكن على قواعد عادلة – وإلا فالكلمة الأخيرة ستكون لنبض شعبٍ لا يقبل الذل.
نموت نموت وتحيا اليمن.
