ذات صلة

الأكثر مشاهدة

الجمعة.. مسيرات “نفير واستنفار نصرةً للقرآن وفلسطين” في عموم المحافظات

دعت اللجنة المنظمة للفعاليات أبناء الشعب اليمني إلى خروجٍ...

السياسي الأعلى يتهم واشنطن بتأجيج “الحرب على الإسلام” عبر الإساءة للقرآن الكريم

أدان المجلس السياسي الأعلى بأشد العبارات الجريمة الأمريكية الجديدة...

اصدار حكماً بالإعدام على “تاجر مخدرات” ومصادرة أمواله وادانة خمسة آخرين

أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في أمانة العاصمة صنعاء، برئاسة...

معركة الكاريبي تشتعل: فنزويلا تتوعد بالردّ العسكري على الحصار الأمريكي واصطفاف دولي ضد واشنطن

في تصعيد غير مسبوق، أعلنت فنزويلا رفضها القاطع لتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض حصار بحري شامل على صادرات النفط الفنزويلي، معتبرةً أن الخطوة تمثل إعلان حرب اقتصادية وعسكرية صريحة تستهدف إسقاط النظام البوليفاري والسيطرة على ثروات البلاد النفطية.

وقال وزير الدفاع الفنزويلي، الجنرال فلاديمير بادرينو لوبيز، في خطاب حازم أمام كبار قادة الجيش في كراكاس، إن “القوات المسلحة البوليفارية ستدافع بكل الوسائل عن الوطن وسيادته ونظامه الشرعي”، مؤكداً أن الهدف الحقيقي لواشنطن هو “تغيير النظام والاستيلاء على النفط والموارد الوطنية”، وليس ما تدّعيه من “دعم الديمقراطية”. وأضاف بادرينو: “لن نرضخ، ولن نسمح بإهانة كرامة فنزويلا، فتهديداتكم لا تخيفنا”.

بدورها، أكدت نائبة الرئيس الفنزويلي ديلسي رودريغيز أن عمليات تصدير النفط الخام ومشتقاته مستمرة “بصورة طبيعية”، رغم محاولة الحصار الأمريكي غير القانونية، مشددة على أن فنزويلا “ستفرض احترام حقوقها في حرية التجارة والملاحة وفقاً للقانون الدولي”، وأن الشعب الفنزويلي سيواصل الدفاع عن حقه في التنمية والسيادة.

من جهتها، أعلنت شركة النفط الوطنية PDVSA أن ناقلاتها تواصل الإبحار بأمان تام نحو الأسواق الآسيوية والأوروبية، فيما كشفت بيانات ملاحية لوكالة “رويترز” أن ناقلة مشتقات نفط فنزويلية غادرت الموانئ متجهة إلى أوروبا، في تحدٍّ مباشر للحصار الأمريكي.

البيت الأبيض كان قد أعلن أمس عن “فرض حصار شامل على جميع ناقلات النفط المتجهة إلى فنزويلا أو القادمة منها”، مع تعزيز الانتشار العسكري الأمريكي في البحر الكاريبي. وقال ترامب في خطاب متلفز إن الأسطول البحري الأمريكي “سيزداد حجماً حتى تعيد فنزويلا كل النفط والأراضي والأصول التي سرقتها منا سابقاً”، في تصريح فُسِّر على أنه تهديد صريح بالتدخل العسكري المباشر.

وفي ردّ سريع، أدانت إيران بشدة التهديدات الأمريكية، ووصفتها بأنها “مظاهر فاضحة لسياسة القوة والترهيب” التي تنتهجها واشنطن ضد الدول المستقلة. وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان رسمي أن هذه الإجراءات تمثل “انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، مشيرة إلى أن استمرار هذا النهج العدواني “سيؤدي إلى تطبيع الفوضى في العلاقات الدولية” إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل مسؤول.

أما الصين، فقد أعلنت على لسان وزير خارجيتها وانغ يي معارضتها لما سمّته “أسلوب الترهيب الأحادي” الذي تمارسه الولايات المتحدة، مؤكدة دعمها الكامل لفنزويلا في حماية سيادتها الوطنية وحقوقها الاقتصادية. وقال وانغ، عقب مكالمة هاتفية مع نظيره الفنزويلي إيفان خيل، إن “الصين وفنزويلا شريكان استراتيجيان تجمعهما الثقة المتبادلة، والمجتمع الدولي يدعم موقف فنزويلا في الدفاع عن مصالحها المشروعة”.

وفي هافانا، رفض وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز تمديد العقوبات الأوروبية ضد فنزويلا، واصفاً إياها بأنها “تخدم المصالح العدوانية والاستعمارية الجديدة للولايات المتحدة”، داعياً إلى تضامن دولي في وجه الهيمنة الأمريكية المتجددة في أمريكا اللاتينية.

من جهتها، أعربت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم عن قلقها من احتمالات الانزلاق إلى مواجهة عسكرية في البحر الكاريبي، مطالبة الأمم المتحدة “بمنع إراقة الدماء”، ومؤكدة أن موقف المكسيك المبدئي “هو رفض التدخل الأجنبي والدعوة إلى الحوار كسبيل وحيد لحل النزاعات الدولية”.

ويأتي هذا التصعيد في وقتٍ نفّذت فيه القوات الأمريكية غارات على ثلاث سفن في شرق المحيط الهادئ بذريعة مكافحة تهريب المخدرات، أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص، ما اعتبرته كراكاس مقدمة لعمليات عدوانية أوسع تحت غطاء أمني مزيف.

المشهد الحالي يضع المنطقة على حافة مواجهة مفتوحة بين واشنطن ومحور كراكاس – هافانا – بكين – طهران، في وقت تتصاعد فيه الأصوات داخل أمريكا اللاتينية محذّرة من عودة “عقيدة مونرو” بثوب جديد، تسعى من خلالها واشنطن لإخضاع القارة لمصالحها النفطية والاستراتيجية.

في هذا السياق، يرى مراقبون أن ما يجري ليس مجرد أزمة نفط، بل حرب جيوسياسية باردة جديدة، حيث تسعى فنزويلا لتثبيت معادلة الردع عبر تحالفاتها الدفاعية مع روسيا وإيران والصين، بينما تراهن واشنطن على الحصار الاقتصادي والعزل الدبلوماسي لإسقاط النظام البوليفاري من الداخل.

وبينما تتجه الأساطيل وتتصاعد البيانات، يبقى البحر الكاريبي على فوهة بركان سياسي وعسكري قد يعيد رسم خريطة النفوذ في نصف الكرة الغربي، لتصبح فنزويلا — مجدداً — خط التماس الأول في معركة الإرادات بين الشرق والغرب.

spot_imgspot_img