المشهد اليمني الأول| متابعات

الفيس بوك، تلكَ المؤسسة العملاقة التي عَبرَت حدود التواصل الإجتماعي، لتكون دولة قوية جِداً، من شأنها إحداث التغيير في أنظمة الحُكم على مستوى العالم، خصوصاً العالم العربي، ونتذكر جيداً دور الفيس بوك في أحداث “الربيع العربي”، وكيفَ ساهم بالإطاحة بدكتاتوريات المِنطقة، التي أبت ولوقتٍ طويل، أن تخضع لشعوبها.

ما يُثير الإنتباه؛ هي زيارة نجل الملك السعودي لمؤسسة الفيس بوك، ولقائه بمؤسسها “مارك زوكربيرغ”، فهي حادثة جديدة على حكام العرب، وخصوصاً حكام الخليج، أن يقوموا بمثل هذه الزيارة، فإلى ماذا يُخطط بن سلمان؟.

الزيارة بالتأكيد ليست بريئة، فهناك مؤسسات أكثر أهمية من الفيس بوك، لم يُقدم على زيارتها نجل الملك، على سبيل الذكر لا الحصر، مؤسسات العفو الدولية، حقوق الإنسان، الحريات الصحفية، وغيرها من المؤسسات المهمة في متبنيات السياسة الخارجية للدول، خاصةً وإنها جميعها تُدين السعودية حالياً، مرةً على جرائمها ضد شعبها، وأخرى على جرائمها في المِنطقة، لكن يبدو إن الأمير عَرفَ مِن أين يؤكل الكتف، فأكتفى بمحاولة رشوة المؤسسة الأكثر فعالية في تغيير الأنظمة.

وهنا نجد إن بن سلمان اعترفَ ضمنياً، بعدم جدوى الحوار معَ المؤسسات الحقوقية الدولية، فهي لا تؤثر أصلاً، ودورها ينحسر في كتابة التقارير التي يكون مستقبلها سلّة المهملات، بينما هو يخشى جدياً، تأثير مواقع التواصل الإجتماعي، خاصّةً بعدَ ازدياد عدد المعارضين لحكم آل سعود فيها، ومحاولة خلق رأي عام رافض لبقاء هذه العائلة، التي أشاعت الدمار وقتلت الشعوب.

بالتأكيد فإن الهِبة المالية السعودية لفيس بوك كانت حاضرة في اللقاء، فهذا ديدن آل سعود في تقديم الرشاوى للدول والمؤسسات صاحبة القرار النافذ، لكن ما الذي سيستحصل عليهِ الأمير السعودي من وراء الرشوة، هو ما يثير التساؤولات، وسنحاول أن نكتشف ذلك، في الأسطر القادمة.

إيقاف الصفحات المُعارضة للحكم السعودي، وتزويد الإستخبارات السعودية بمعلومات عن أصحابها، إضافة إلى فتح المجال للحكومة في المراقبة والتجسس على الفيس بوك، كلها خيارات مُتاحة لعقد الصفقة، فالسعودية يمكن أن تدفع عشرة أضعاف ما يجنيه الفيس بوك من المستخدمين، فقط لتحمي نظامها الحاكم!

نعم؛ إن حكومة آل سعود بدأت جدياً تخشى الإجماع الشعبي فهي تعاني من أزمات داخلية تبلور حولها إجماع شعبي ساخط، وأيضاً هناك إجماع شعبي رافض للسياسات الخارجية للمملكة، أهمها: العدوان ضد اليمن، والتدخل السافر في العراق وسوريا، وأيضاً العلاقات مع اسرائيل، التي بدأت تطغى على سلوك النظام.

هذا الإجماع الشعبي، الذي وجدَ في الفيس بوك وتويتر أدوات لتنمية مطالبه، يجب أن يُكسر، بكل الوسائل والسُبل، حتى تلك الوسائل غير الأخلاقية، التي أستخدموها سابقاً في شراء تحالفات ضد المسلمين، وأحرقت مُدناً وأرياف، جبال وبحار، فكل شيء مهدد اليوم بالحرق حتى الماء، إذا كان ريال آل سعود حاضِراً!

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا