المشهد اليمني الأول/

لا صوت يعلو فوق صوته هذه الأيام ، يكاد يكون شغل الناس الشاغل ، في الباصات وفي الأسواق وفي مقرات العمل ، الكل يتحدثون عن الغاز ويبحثون عنه ، بعد أن قررت هوامير ومافيا الفساد والهبر والاستغلال المضاربة بها في السوق السوداء ليصل سعر الأسطوانة الواحدة قرابة الـ6000ريال وما تزال نفوسهم الشريرة مفتوحة للزيادة دونما إكتراث لأوضاع المواطنين وظروفهم الصعبة والمعاناة التي يكابدونها في سبيل توفير الحد الأدنى جدا من المال لشراء الغاز الذي تحول إلى كابوس مرعب للسواد الأعظم من اليمنيين .

فعلى الرغم من سعرها المرتفع إلا أن التعبئة ناقصة ولا تخلو بعض المحطات من التلاعب والغش في معيار احتساب قيمة وكمية الغاز وعدم فلترة الهواء وكل ذلك من جلد المواطن الغلبان الذي لم يجد بدا من القبول بهذا الوضع رغم انقطاع المرتبات وتنامي نسبة التدهور الاقتصادي والمعيشي ، كل ذلك لم يكبح جماح عصابة مافيا الغاز في البلاد ، رغم أن البلاد في حالة عدوان وحصار ، حيث دفعهم وجشعهم إلى افتعال أزمة جديدة في مادة الغاز المنزلي الهدف منها رفع السعر تحت ذرائع ومبررات كاذبة لا أساس لها من الصحة ، ووصل بهم الحال إلى تحريض بعض المواطنين في مارب على قطع الطريق ومنع تدفق الغاز بهدف المضاربة بسعره ومص ما تبقى من دماء هذا الشعب المكلوم المغلوب على أمره .

أرباحهم خيالية جدا ومع ذلك يظل الجشع والطمع مسيطران عليهم ، وأعينهم على المزيد من الأرباح في تصرف عدواني قذر لا يقل قذارة عن عدوان آل سعود وتحالفهم العبري ، وهنا منتهى الوحشية والإجرام والاستغلال ، والذي بات السكوت عليه جريمة لاتغتفر ، إذ يتطلب الأمر إجراءات رسمية حازمة ومنصفة لتجار الغاز وللمواطن المستهلك ، فالرحمة مطلوبة من التجار للشعب ، والحكومة مطالبة بضبط إيقاع سعر الغاز وحل كافة الألغاز التي كانت وما تزال تحيط بملف الغاز الشائك ، بحيث يتحقق الإنصاف وتتجسد العدالة للجميع وخصوصا أن المسألة مرتبطة بحياة ومعيشة المواطنين الذين بات الكثير منهم في سفر وتجوال دائم للبحث عن الكراتين لإحراقها كبديل للغاز الذي بات في جبهة الأسد وصار الحصول عليه مهمة صعبة ومضنية ومكلفة جدا .

الشركة اليمنية للغاز حددت سعر أسطوانة الغاز عبوة 20لتراً بـ 3 آلاف ريال وهي خطوة معقولة ومقبولة نوعا ما ، والمطلوب هو تفعيل الرقابة على تجار الغاز الذين يحتكرون تجارة الغاز والعمل على إلزامهم بتوفير الكميات التي تغطي الاستهلاك والطلب المحلي ، وفتح باب المنافسة فيما بينهم لبيع الغاز بأقل من السعر الرسمي المحدد بثلاثة آلاف ريال ، فإذا تم ضبط التجار الكبار ، فلن نجد من أصحاب المحطات غير الالتزام بالسعر الرسمي ولن يكن هنالك أي مجال لافتعال أزمات والمتاجرة بأوجاع ومعاناة وظروف الملايين من اليمنيين .

بالمختصر المفيد، هناك تجار لهم ارتباطات بقوى موالية للعدوان ، وهم يخدمون العدوان بافتعال هذا النوع من الأزمات وخصوصا في ظل هذه المرحلة الصعبة والخطيرة وهؤلاء يجب وضع حد لأنشطتهم وممارساتهم المشبوهة وتخليص المواطنين من شرورهم المستطيرة ، وهنا لا مجال للمرونة والمداهنة معهم ، فالحزم مطلوب ولا استثناءات ولا امتيازات للبعض دون البعض الآخر ، المساواة مطلوبة والقرارات يجب تطبيقها على الجميع ، الكبار قبل الصغار ، إذا ما أردنا تجاوز هذه الأزمة المفتعلة وفك طلاسم ألغازها التي أدخلت المواطن اليمني في (حيص بيص) وأفقدته القدرة على الاستقرار المعيشي في المستوى العادي جدا ، لانريد عقد صفقات حكومية مع تجار الغاز يدفع ثمنها السواد الأعظم من اليمنيين ، كما لانريد تهاونا في مسألة ضبط أصحاب المحطات والتجار وإلزامهم بالسعر الرسمي للغاز المنزلي ، فلقد بلغت الحلقوم وصار الوضع مأساويا بامتياز ، ومعه لامجال للدعممة والفرجة والحلول الترقيعية المؤقتة الخاضعة للارتجال والمزاجية والمصالح الضيقة والتي قد تتغير تحت تأثير ذلك.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

بقلم/ عبدالفتاح علي البنوس

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا