المشهد اليمني الأول/

يستفز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التنين الصيني بإجراءات عقابية اقتصادية مشعلاً نيراناً يصعب عليه إخمادها مستقبلاً متوقعاً أن سياسة الضغوط ستجعل العملاق الاقتصادي «يوافق» على ما يطلبه ترامب من تخفيف العجز المالي مع الصين التي أبدت استعداداً كبيراً للمواجهة دفاعاً عن حقوقها الاقتصادية المشروعة.

تزداد المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والعالم, ولا يزال ترامب متمسكاً بسياسة العقوبات لتمرير ما يريده, المطلوب من الصين أمريكياً شراء كميات كبيرة جداً من الغاز المسال وبذلك يتم تقليص نسبة العجز الأمريكي بقيمة مئة مليار دولار وتنتهي الأزمة, إذ يتوقع الفريق الاقتصادي لترامب أن ذلك «يرهب» بكين و«يجعلها مطواعة» لتخفيف عجزهم المالي.

الإجراءات العقابية ضد الواردات الصينية والتي يهدد بها ترامب يمكن أن تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار بذريعة أنها تهدف إلى وضع حدّ لما يزعم أنّها «منافسة غير مشروعة» من جانب الصين. والحزمة الجديدة ستشمل 100 منتج، وتستهدف كلاً من التكنولوجيا والاتصالات اللاسلكية والملكية الفكرية.

إدارة ترمب تحرك المخاطر، ما يشي بتداعيات عالمية خطرة، ويتجلى هذا بأكبر قدر من الوضوح في الرد الصيني المتوقع على نوبة استعراض العضلات الأمريكية الجديدة، وفريق ترامب لا يبدي ظاهرياً على الأقل اهتماماً برد فعل الصين، ظناً منه أن الولايات المتحدة «بوسعها أن تكسب كل شيء», ولكن مع بكين الأمر مختلف لأن هذا العملاق الآسيوي سيكون قادراً على خوض حرب تجارية طويلة الأمد وسيكون رابحاً فيها, فهو محصن من عدة جبهات عكس واشنطن وأهمها قطاع العمالة والأسواق البديلة وهو قادر على تعويض الخسائر سريعاً, مع ضرورة الإشارة إلى أن الصين أكدت مراراً أنها لا تريد خوض حروب تجارية كهذه إلا إذا فرضت عليها.

المخاوف الأمريكية من رد فعل الصين عبّر عنها بعض السياسيين والصناعيين الأمريكيين ممن تتضرر مصالحهم بالدرجة الأولى وخاصة تجار التجزئة الذين وصفوا قرارات ترامب بمثابة إطلاق الرصاص على أقدام أمريكا وشلها عن الحركة, فضلاً عن أن من شأن هذه التدابير العقابية أن يكون لها أثر مدمر على قطاع الوظائف وعلى مدخول الأسر والمستهلكين الأمريكيين على حد سواء.

الحرب التجارية والاقتصادية التي أعلنها ترامب ضد بكين تنبع من إخفاقه في إيقاف تنامي قوة ونفوذ الصين، فبراعة الصينيين الاقتصادية والتجارية ومقدرتهم على النمو السريع واكتساح العالم اقتصادياً أرعبت ترامب خاصة أنهم على وشك تجاوز الاقتصاد الأمريكي من ناحية الحجم ومستوى التطور, وتحظى الصين باحترام كبير على مستوى العالم سياسياً واقتصادياً, وشركاؤها التجاريون يكنون احتراماً منقطع النظير للالتزام الصيني بالاتفاقات الدولية وابتعادها عن أي نزعات للسيطرة وجنوحها نحو تكريس السلام العالمي عكس الولايات المتحدة. هذه العوامل وغيرها وفقاً «لنظرية التفوق الأمريكي» جعلت من الصين خصماً صلباً اقتصادياً وسياسياً وكسرت حالة القطب الواحد الذي تسعى إدارة ترامب عبر شعار «أمريكا أولاً» لإبقائه حياً عالمياً.

إدارة ترامب عليها أن تخاف الصين فعلياً, وتكون أكثر حذراً وهي تفرض العقوبات لأنها وفقاً للمحللين الاقتصاديين ستكون الخاسر الأول من فتح أبواب الحرب التجارية على «خصم» نما دخله المحلي الإجمالي السنوي بخُطى مُتسارعة، ليصبح الثاني في العالم بعد أن تجاوز الـ9000 مليار دولار.

*رشا عيسى

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا