المشهد اليمني الأول/

اعتبر مصطفى بيومي -أستاذ اللغة الإنجليزية في كلية بروكلين بجامعة نيويورك- أن ما وصفه بـ «الخطة السعودية الكبرى في الشرق الأوسط» باءت بالفشل، وأن زيارة الوفد السعودي لأمريكا حالياً هدفها الحصول على مزيد من الأسلحة لمواصلة الحرب المدمرة في اليمن.

قال بيومي -في مستهل مقال نشرته صحيفة «جارديان» البريطانية- إن قادة سعوديين وصلوا إلى واشنطن، ويجب أن يكون جاريد كوشنر متحمساً جداً، إذ يقال إنه قريب جداً من القادة في السعودية، رغم أن التخطيط لمستقبل الشرق الأوسط خلال جلسات في وقت متأخر من الليل مع قادة المملكة لا بد وأنه بات أصعب الآن بعد حرمان كوشنر من الاطلاع على المعلومات الاستخباراتية. واستدرك الكاتب قائلاً: «لكن الإثارة حول الزيارة السعودية لا تقتصر على جاريد، فقد بدأت بمقابلة مبهرة لمحمد بن سلمان مع برنامج 60 دقيقة على قناة CBS، وسعى ولي العهد إلى أن يروج للشعب الأمريكي فكرة بزوغ فجر السعودية الجديدة المحررة».

وتسائل الكاتب: «هل هذا صحيح؟»، ثم يجيب أنه «في حين أن إصلاحات السعودية المحدودة تتعلق أساساً بتحرير النواحي الاجتماعية والاقتصادية للمملكة، فإن المجال السياسي يبقى محظوراً تماماً. ما يعنيه هذا هو أن الإصلاحات المتعلقة بحقوق المرأة -رغم أهميتها وطول انتظارها- غير كاملة، وقواعد الوصاية -التي بموجبها تطلب المرأة موافقة ولي الأمر الذكر للسفر إلى الخارج، أو الحصول على جواز سفر، أو الزواج- لا تزال قائمة، وتظل هي العائق الأكثر أهمية أمام النهوض بالمرأة في المملكة».

وتابع بيومي: «هذا أمر غير مفاجئ، حقاً، فالمملكة العربية السعودية تظل ملكية مطلقة، والتعبير السياسي مقيد بشدة. وفي منتصف سبتمبر من العام الماضي، تم اعتقال أكثر من 60 من النشطاء البارزين ورجال الدين والصحافيين والمفكرين، في ما وصفته لجنة تابعة للأمم المتحدة بأنه نمط مقلق من الاعتقالات والاحتجاز التعسفي على نطاق واسع ومنهجي».

ويستكمل: «الحكومة تستمر في التمييز ضد مواطنيها، ولا يزال نظام العدالة الجنائية ينص على مراعاة الأصول القانونية، لا سيما بالنسبة إلى العمال المهاجرين الأجانب».

وأضاف الأكاديمي في جامعة نيويورك: «ثم هناك حملة التطهير العلني ضد الفساد، عندما تم احتجاز 11 أميراً سعودياً، العام الماضي، بفندق ريتز كارلتون في الرياض بتهمة السرقة من الخزائن العامة. لا يمكن لأحد أن يشك في ضرورة استئصال الكسب غير المشروع، لكن هناك تساؤلات جدية حول كيفية معاملة المعتقلين، وما إذا كانت القضية كلها تتعلق بتعزيز سلطة القادة الجدد أكثر من أي شيء آخر».

وقال بيومي إن الطريقة التي تدير بها السعودية شؤونها شيء، وتدخلها في حياة الآخرين شيء آخر «كارثية». وذهب الكاتب للقول: «من فلسطين إلى قطر وما وراءها، فشلت الخطة السعودية الكبرى للشرق الأوسط، ولا يوجد مكان أكثر تدميراً من اليمن».

وأشار إلى أن مسؤولاً في الأمم المتحدة وصف الوضع في اليمن بأنه يبدو «مثل نهاية العالم»، لافتاً إلى أن الحرب التي دامت ثلاث سنوات بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المنفي قتلت أكثر من 10 آلاف مدني، بينهم 68 قتلوا في غارتين جويتين نفّذتهما القوات السعودية في يوم واحد في ديسمبر الماضي. وحاصر التحالف الذي تقوده السعودية في بعض الأحيان موانئ البلاد، وحرم شعبها من المساعدات الإنسانية. ويعاني أكثر من مليون شخص من الكوليرا، وهو أسوأ تفشٍ للمرض عرفه العالم، وحوالي 8.4 ملايين شخص -أي حوالي ثلث سكان اليمن- يتضورون جوعاً.

وقال الكاتب إن الوفد السعودي «جاء إلى الولايات المتحدة ليس من أجل البحث عن حلول سياسية لهذه الأزمة، بل لشراء المزيد من الأسلحة لمواصلة حرب المملكة. وتدعم إدارة ترمب تماماً قراره»، متسائلاً: «كيف نتوقع من ترمب أن يهتم باليمن الفقير؟».

واختتم بيومي مقاله بوصف السياسة الخارجية للسعودية بـ «الكارثية»، معتبراً أن الهدف منها «تعزيز السلطة»، في حين أن النظام السعودي يأمل في أن يؤدي مشهد الترفيه إلى إلهاء الشعب عن المطالبة بالتغيير السياسي المطلوب بشدة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا