المشهد اليمني الأول/

ثلاث سنوات من العدوان على اليمن، كان خلالها اليمنيون يؤكدون أن الولايات المتحدة الأمريكية طرفا في هذه الحرب، وأنها المحرك والمخطط الرئيسي لها، وأن مشاركتها مع العدوان لا تقتصر على الدعم اللوجيستي والإستخباراتي، وتزويد الطائرات جوا بالوقود فحسب، ولا في تحليق طائراتها المسيرة “الدرونز” لاستهداف عناصر تنظيم القاعدة؛ بل أنها تشارك بقوات حقيقية على الأرض، وتقف جنبا إلى جنب مع الجندي السعودي والسوداني والإماراتي في المعارك البرية في الجبهات الداخلية، وجبهات ما وراء الحدود.

إعتراف أمريكي

اعترفت وزارة الدِّفاع الأمريكيّة على لِسان أحد المُتحدِّثين باسمِها، أنّ هناك قُوّات إمريكية فعلية في اليمن، وأن عمل هذه القوات يأتي في إطار الدعم اللوجيستي والاستخباراتي لقوى التحالف من جهة، وفي مشاركة الجيش السعودي لحماية حدوده وتأمينها من جهة أخرى. وأضافت المتحدثة في سياق حديثها، أن بلادها قلقة من اي تواجد من شأنه أن يهدد الأمن السعودي، معتبرة “إيران” و “حزب الله” و “أنصار الله” تهديد حقيقي للمملكة. يأتي هذا الإعتراف الإمريكي بعد إنكار مستمر طيلة الفترة السابقة، كانت فيها واشنطن تكتفي بالحديث عن دعم أمريكي محدود في الحرب على اليمن، متمثل في تزويد السعودية بأسلحة حديثة عن طريق صفقات البيع، وكذا تزويد طائرات العدوان بالوقود جوا، ناهيك عن الدور اللوجيستي والاستخباراتي. لكن الحقيقة تنافي ذلك، ففي حقيقة الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية تشارك بجنود على الأرض منذ بداية العدوان على اليمن، وتنفذ مع قوى التحالف عدة عمليات عسكرية لأكثر من هدف.

نتائج عكسية

لا يمكن للقوات الأمريكية وغيرها من القوات التي تأتي للقتال في اليمن أن تصنع فارقا، أو أن تحقق تقدما إيجابيا في نتائج سير المعارك، فالمقاتل اليمني يزداد قوة ورباطة جأش مع كل إعلان عن قدوم قوات غازية، لإنه يؤمن بقضيته، ويدرك جيدا الهدف الحقيقي من هذه الحرب التي تستهدف غزو بلاده واحتلالها. اضف إلى ذلك، أن هناك الكثير من اليمنيين الصامتين والمغرر بهم، كانوا يبررون للعدوان تدخله العسكري، زاعمين أن الهدف من ذلك هو إعادة الشرعية المزعومة، وتحقيق الإستقرار الداخلي والبناء والتنمية. إلا أنهم مع مرور الوقت تأكدوا من زيف تلك الإدعاءات والشعارات والمبررات، وعرفوا حقيقة ما يريده العدوان، خصوصا في المناطق التي يسيطر عليها، وهذا جعلهم يتوجهون إلى جبهات القتال للإنخراط مع المجاهدين لدحر هذا العدوان. ويعد اعتراف الخارجية الإمريكية بمشاركة جنود أمريكيين في القتال في اليمن، وقودا إضافيا لتحفيزهم على النفير والجهوزية، ورافدا معنويا يعزز معنوياتهم، ويعمق في قلوبهم صدق قضيتهم، وصوابية دورهم في الدفاع والتحرير.

ترابط الأحداث

يأتي الإعلان الأمريكي عن تواجد قوات أمريكية في اليمن بالتوازي مع قرار سوداني وشيك بسحب القوات السودانية من اليمن، وأيضا مع طلب أمريكي بإرسال قوات سعودية للقتال في سوريا. هذان الحدثان يؤكدان أن هناك ترابط للأحداث، فالرياض ستبرر للداخل السعودي بأن مشاركتها في سوريا دعما للتواجد الأمريكي، يأتي في إطار التعاون بين البلدين، وستأخذ الإعتراف الأمريكي بتواجد جنود في المملكة واليمن، كنموذج فعلي على هذه الشراكة، وهذا التعاون الأمني والعسكري. أما فيما يتعلق بإنسحاب السودان من تحالف العدوان على اليمن، فهو أمر طبيعي وعقلاني ولو أنه جاء متأخرا، إذ أنه يأتي بعد الخسائر الفادحة والجسيمة التي تكبدتها قواته في اليمن، واودت بحياة المئات من جنوده في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل. أضف إلى ذلك الحراك السوداني الداخلي، والضغوطات الشعبية المتزايدة على النظام بضرورة سحب الجنود السودانيين من المحرقة اليمنية.

من الوكلاء، إلى الأصلاء

تحدث السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني في خطاب له مطلع الإسبوع الماضي، عن أن المعركة مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني قد انتقلت من المعركة مع الوكلاء إلى المعركة مع الأصلاء، يأتي ذلك بعد التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة والإقليم لمحاولة النيل من إيران، وكان آخرها توجه واشنطن للإنسحاب من الإتفاق النووي مع طهران. وتأتي مشاركة جنود أمريكيين في الحرب على اليمن، بداية مكشوفة، سيتبعها ارسال المزيد من القوات، لمحاولة تعزيز التواجد الأمريكي في المنطقة، ومن ثم شن حرب مباشرة محتملة على إيران. وإذا صحت هذه الرواية؛ فإن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدفع ثمنا باهضا ومهولا، مقارنة بما خسرته في افغانستان والعراق، وستكون انتكاستها فاضحة، وسقوطها مدوٍ، وسيكون تهورها سببا مباشرا للتعجيل بزوال أدواتها في المنطقة بشكل نهائي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: فؤاد الجنيد

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا