المشهد اليمني الأول/

 

لا يختلف اليوم اثنان على ان جنوب اليمن يعيش مخاضات ثورة ضد التواجد العسكرية للإمارات والسعودية حيث تعاظمت في الأونة الاخيرة حالة السخط والغليان ضد هذا التواجد في مختلف مناطق الجنوب. فالاحتجاجات والدعوات الى ثورة عارمة لطرد القوات الغازية اصبح شعار يرفع من عدن حتى المهرة كما ان العديد من الجنوبين أصبحوا يطلقون شعارات تدعو الى أستعادة السيادة الوطنية المدنسة وصون العرض والكرامة المستباحة من قبل هولاء الغزاة ومن معهم من المرتزقة.

 

فبعد أيام من احداث محافظة المهرة والاتفاق الذي توصل اليه ابناء هذه المنطقة مع السعودية والإمارات القاضي بأخراج قواتهم من هذه المحافظة وإعادة فتح المعابر والمؤانىء والمطارات دعا أيضا الزعيم الجنوبي المعروف حسن احمد باعوم أبناء المحافظات  الجنوبية الى التصعيد الثوري السلمي حتى طرد جميع القوات الاجنبية من الجنوب بشكل كامل ودعا باعوم الذي يترأس  المجلس الثوري الأعلى لتحرير الجنوب أبناء الجنوب وبالذات عدن وحضرموت بالاقتداء بتجربة اخوانهم في المهرة الذين اثبتوا تمسكهم بارضهم وسيادتهم ووضعوا حدا لصلف الاحتلال الأجنبي ومحاولة تدخله في شؤونهم  الداخلية. كما دعا باعوم أبناء المحافظات الجنوبية من جنود وضباط وصف ضباط الى الانسحاب من جبهات القتال وعدم القتال في المناطق الشمالية أو مايعرف بحدود دولة اليمن الديمقراطية سابقاً ورفض أي أوامر للزج بهم خارج تلك الحدود. وشدد المجلس الثوري الجنوبي على عدم القبول بأي قوات عسكرية غير جنوبية في أرض الجنوب.

 

وفي ظل التوتر الذي تعيشه المهرة وبعد الدعوة التي وجهها باعوم واكد عليها العديد من الشخصيات الجنوبية عادت السعودية مجددا للتصعيد في هذه المحافظة حيث قالت شخصيات من المهرة ان الرياض خرقت الاتفاق الموقع سابقاً داعية ابناء المهرة الى العودة للاحتشاد والإعتصام حتى إخراج هذه القوات. الخطوات الالتفافية التي نفذتها السعودية عبارة عن أصدار هادي قرار باقالة الشيخ علي سالم الحريزي وكيل المحافظ وعدد من المسوولين الأمنين والعسكريين الذين كانوا أعلنوا تأييدهم ومساندتهم لثورة أبناء المهرة ضد التواجد الإماراتي السعودي كا قالت المصادر ان السعودية شرعت في استحداث نقطة تفتيش تقع بين منفذي شحن والغيضة بمركز المحافظة. وأضافت المصادر أن طائرة عمودية وأربع مدرعات ساندت هذه القوات التي أنتقلت إلى وادي “تنالة” في نقطة تديرها قبيلة “بيت كده”.

 

وفي ظل الأحداث التي تشهدها المهرة تصاعدت أيضاً الأحتجاجات وحالة التذمر والغليان الشعبي ضد الإمارات في المحافظات الجنوبية الاخري خاصة في عدن والمكلا. حيث أرتفعت الأصوات المنادية بطرد الإمارات والسعودية وقال مواطنون في عدن ان المدينة تشهد حالة متردية من الإنفلات الأمني الذي لم تشهده على طول تاريخها كما ان الأوضاع المعيشية  تثقل كاهل المواطن الذي تقوم الإمارات باذلالة والنيل من شخصيته مضيفين ان الإمارات والسعودية لم تقدم اي خدمات او مساعدات خاصة للمواطنين في هذه المناطق.

 

ومع تصاعد الاحتجاجات المطلبية ضد الإمارات خاصة بعد الكشف عن سجونها السرية وممارساتها اللا إنسانية واللا أخلاقية بحق أبناء الجنوب  عادت مجدداً موجة الاغتيالات إلى مدينة عدن، تلك العمليات التي كانت تستهدف طوال سنوات ماضية، عشرات من مشايخ التيار السلفي وقيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح اللذان يناهضان وينتقدان سياسات الإمارات في الجنوب. حيث اغتيل ثلاثة اشخاص منهم مسؤول امني خلال 24 ساعة في عدن. وتشكل هذه الحالة مخاوف متزايدة للعديد من الشخصيات في الجنوب الذين اصبحو يتخوفون من الانتقاد العلني للامارات خوفا من الاغتيالات. كما ان المواطن الجنوبي بات متاكدا ان الشخصيات الجنوبية التي أرتمت في أحضان الإمارات والسعودية وساندته في إستباحة الجنوب فاشلة لا ولن تستطيع ان تقدم شيء للجنوب وأبناءه بعد ثلاثة أعوام من الفساد والإسترزاق باسم القضية الجنوبية.

 

وبالعودة الى باعوم فقد لاقت دعوته إستجابة من المجلس القبلي في الصبيحة حيث دعا هذا المجلس هو الأخر  إلى ضرورة انسحاب أبناء الصبيحة المشاركين في جبهات المناطق الشمالية  وسرعة عودتهم إلى ما اسمه الحدود الجنوبية وأقر اجتماع المجلس الوقوف ضد كل من يستقطب أبناء الصبيحة إلى جبهات الشمال وبحسب مراقبين تكسب دعوة قبائل الصبيحة أهمية، وذلك بسبب الأعداد الكبيرة المقاتلة في جبهات الشمال من مناطق الصبيحة، والتي يفوق عددها أي مقاتلين من مناطق جنوبية وتستخدمهم الإمارات كوقود لاطماعها السياسية والعسكرية في اغلب جبهات القتال خاصة في جبهات الساحل الغربي لليمن أو جبهات الحدود مع السعودية وقد تكبد المقاتلون الجنوبيون خسائر فادحه وقتل منهم الالاف في العديد من الجبهات نظراً لزج بهم في مقدمة الصفوف وتمترس القوات الإماراتية والسعودية والسودانية خلفهم.

 

وبالنظر الى ما سبق حول تصاعد الاحتجاجات وحالة التذمر الجنوبي تجاه الإمارات والسعودية فان العديد من المراقبون يعتقدوان ان الإمارات والسعودية الذين تقاسموا الجنوب ومياهه وجزره أصبحوا الأن في مازق حقيقي حيال التمدد اللامدروس والمندفع في الجنوب خاصة بعد صحوة الضمير الحاصلة للعديد من الجنوبيين وقياداتهم السياسية التي باتت تعرف جيداً ان الإمارات لا تهتم بالشارع الجنوبي وأن هدفها الأول والأخير هو التمدد في اطار المنافع الاقتصادية والسياسية وان الشعارات التي اطلقتها سابقا للجنوب والجنوبيين مجرد اكاذيب وخزعبلات لم تتحقق طيلة ثلاثة أعوام من تأريخ العدوان على اليمن بشكل كامل. لذلك من المرج ان تتواصل الثورة الشعبية في المهرة كما قد تلتحق العديد من المدن خاصة عدن والمكلا وعتق الى الثورة في ظل تنامي الغضب الشعبي العارم الذي أصبح لدى الجنوبيين على مختلف تياراتهم السياسية.

 

(د .عبدالرحمن راجح)

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا