المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    تحركات جديدة للعفافيش في صنعاء بإشراف اماراتي !!

    واحده من اهداف بث فيلم عفاش هو إحياء الموضوع...

    اتساع رقعة الغضب الشعبي في “المكلا” إلى “أحياء ومناطق” جديدة

    شهدت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت الواقعة تحت الاحتلال،...

    خيوط الخيانة في أوسلو وما بعـد أوسلو

    يحار المرء ويستغرق في التفكير لكن دون جدوى، إذ...

    إبادة غزة بالتجويع بين العجز الأممي والغطاء الأمريكي

    رغم تعدد التقارير والشهادات الأممية التي تؤكد أن إسرائيل ترتكب جريمة تجويع ممنهجة بحق المدنيين في قطاع غزة، إلا أن هذا الانتهاك الذي يرقى إلى جريمة إبادة جماعية لا يزال مستمراً في ظل غطاء سياسي ودبلوماسي أميركي، وعجز دولي صارخ عن اتخاذ إجراءات رادعة.

    وقد وصلت هذه الجريمة إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث، إذ وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مارس/آذار 2024 الوضع الإنساني في غزة بأنه “كارثة من صنع البشر”، مشيراً إلى أن نصف سكان القطاع كانوا يواجهون الجوع بشكل كارثي، وهي أعلى نسبة جوع مسجلة في أي مكان وزمان.

    وبموجب القانون الدولي، فإن “التجويع المتعمد للمدنيين” يعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وهو ما استند إليه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، حين طالب في مايو/أيار 2024 بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم تشمل “التجويع كأسلوب من أساليب الحرب” و”الإبادة” والقتل العمد والاضطهاد. وقد استند خان إلى أدلة تشمل صوراً بالأقمار الصناعية، وشهادات ناجين، وبيانات من مصادر موثوقة، تثبت أن الاحتلال تعمد حرمان سكان غزة من الغذاء والماء والدواء والكهرباء عبر إغلاق المعابر وقطع الإمدادات.

    ورغم أن المحكمة الجنائية الدولية قبلت الدعوى وأصدرت مذكرتي اعتقال في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فإن التحركات القضائية تواجه عراقيل كبيرة، في مقدمتها التدخل الأميركي العلني. إذ شنت إدارة ترامب، العائد إلى البيت الأبيض، هجوماً قانونياً على المحكمة الجنائية الدولية، وصل حدّ إعلان حالة طوارئ وطنية في فبراير/شباط 2025 وفرض عقوبات على قاضيات بالمحكمة، مع منعهن من دخول الأراضي الأميركية وتجميد ممتلكاتهن.

    كما لم تكن محكمة العدل الدولية بمنأى عن هذه الضغوط، حيث تُتهم بالتباطؤ في البت بدعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل. وقد وافقت المحكمة، في أبريل/نيسان 2025، على تمديد المهلة لإسرائيل حتى يناير/كانون الثاني 2026، ما يعني أن أي قرارات مصيرية ستكون مؤجلة إلى ما بعد انقضاء ذروة الكارثة.

    ويكشف هذا الواقع عن فجوة عميقة بين مبادئ القانون الدولي وممارسات القوى الكبرى، حيث أضحت المؤسسات القضائية الدولية هدفاً لحملات تسييس وتهديد، رغم امتلاكها صلاحيات واضحة لمحاكمة مجرمي الحرب. وتؤكد الوقائع أن تجويع غزة يتم ضمن خطة ممنهجة لمعاقبة المدنيين وتحقيق أهداف سياسية، بينها القضاء على المقاومة، وإرغام السكان على الهجرة، ما يجعل ما يجري في غزة أبشع جرائم القرن الواحد والعشرين تحت أعين العالم، وبمباركة أقوى دولة فيه.

    spot_imgspot_img