ملايين الأمريكيين يخرجون في أكثر من ٢٧٠٠ مدينة وبلدية، هاتفين بـ: «لا للمُلوك»، و«لا للملكية في أمريكا» ومطالبين برحيل «المَلِك» الدكتاتور «ترامب»، الذي يقابلُ كُـلَّ ذلك باللامبالاة والاستخفاف بل بقمّة الاستعلاء.. إنها إذًا «الديمقراطية» الأمريكية!
ماذا لو خرج بضع مئات أَو آلاف (غالبًا بتحريك منظمات وجهات ومموَّلين مرتبطين بالغرب الصهيوني ومخابراته) في بلد عربي أَو مسلم أَو في منطقة أُخرى ضد نظام غير خاضع لهيمنة أُولئك، حتى لو كان غالبية الشعب معه؟!
سيخرج الإعلامُ الغربي والدائرُ في فلكه مُطبِقًا الآفاق بالتهليل والتصفيق والتطبيل لما يحدث، صانعًا من «الحبَّة قبة» ومشوِّهًا ومشيطنًا للنظام وكائلًا له أقذعَ الصفات والنعوت ومروِّجًا لـ«ديمقراطية» أمريكا والغرب التي يتنكَّبُ عنها ويعاديها هذا النظام، ومتباكيًا وذارِفًا دموعَ التماسيح على شعبه وحقوقه المسلوبة وَ… وَ… وَ… الأسطوانة الشيطانية المضلِّلة الكاذبة المعروفة!!!
هذا هو الأمريكي ومن تبعه وسار في خطاه، وهذه هي طريقتهم شديدة الانحراف والعوج في تناول الأمور وطرح القضايا..
نفاق وأنانية وحَوَلٌ رُؤْيوي سياسي وقيمي ودعائي وازدواجيةُ معايير وموازينُ مختلة تمامًا..
واليوم بالتحديد، وقد أخذ نموذجُه الشيطاني طرازًا وطَورًا عدوانيًّا استعراضيًّا لافتًا في غوغائيته وهمجيته واستعلائه واستكباره وعدوانيته وصهيونيته في عهد «ترامب»، يتطور مع كُـلّ ذلك جشعُ الأمريكي الصهيوني ولصوصيته ونهمُه لدماء الآخرين وحقوقهم ومقدَّراتهم وجرأتُه في ترجمة هذه النزعات الجامحة..
كل هذا القبح والتوحُّش الأمريكي الترامبية الصهيونية يتجلى في التعاطي مع شأن غزة والمظلومية الإنسانية الصارخة في قضية فلسطين عُمُـومًا وما أحاط ويحيط بها من ملابسات تطوَّرت بدورها على مدى عقود طويلة وُصُـولًا إلى ما أحدث هذه الهزة والخَضَّةَ الزلزالية بالغةَ الشدة في الرُّوْع الإنساني والضمير العالمي من فظائع الإبادة المهولة في غزة..
الأمريكي -كما يبدو اليومَ بأعلى درجات الوضوح- هو صاحبُ ولاية الأمر الأَسَاسية لكَيانِ الإبادة السفاحِ قاتل الأطفال في غزة وفلسطين، وأبوه الشيطاني الكافل والحاضن والمتبني والموجِّه له في كُـلّ ما يفعله ويرتكبه وتقترفُه يداه من فظائعَ ومآثم.
هذا الأمريكي المجرم الهمَجي المستعلي الطامع الماكر المخادع في كُـلّ جرائمه وأشكال عدوانه -وما أكثرها!-، وحسبما تحكي التجربة الإنسانية المريرة معه، لا يوقف قنابلَه الفتَّاكة القاتلة المدمّـِرة ليجنحَ إلى السلام، وإنما ليستخدم قنابلَه الأُخرى الأكثر فتكًا وخطورة!
قنابلَ الخداع والمكر والطرق الالتفافية الالتوائية شديدة التعرج والتوعر والإظلام للوصول إلى أهدافه ومآربه وتمرير مخطّطاته ومشاريعه المدمّـرة.
ومنطوقُ الواقع المجرَّب يقول: إنَّ هذا الذئب العدواني إنْ جنح إلى «السلم» وانكفأ في أية حرب أَو ساحة عدوان يخوضُها هو بالأصالة أَو عبر أدواته وأذرعه؛ فلا يفعل ذلك إلا موجوعًا مرغَمًا ومسدودَ الآفاق بفعل صلابة وصمود وقوة من يقف أمامه، ومع ذلك يبقى يحومُ في الظلام والضوء جاهدًا في اقتناص كُـلِّ فرصة وإمْكَان لاصطياد الفريسة بالكيد والمكر والغدر والكذب والخداع وبالسياسة الإبليسية القائمة على الرياء والنفاق وذرفِ دموع التماسيح وأقنعة الوعود التي لا تتحقّق والمفاوضات التي لا آفاق أَو خواتيم أَو ثمارَ مضمونةً منصِفةً أَو حتى متوازنةً لها..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الكريم الوشلي
