في مشهدٍ يعكس حالة الذعر التي تجتاح إسرائيل، تحوّلت مراسي “هرتسليا” و”حيفا” على ساحل البحر المتوسط إلى محطاتٍ للفرار الجماعي، حيث يتجمّع العشرات من الإسرائيليين يومياً، يحملون حقائبهم خفيفةً، يبحثون عن أي يختٍ مستعدٍ لنقلهم إلى قبرص، مهما كلفهم الثمن.
تقف “شارون” على رصيف الميناء، تودع زوجها الذي سيبدأ رحلة الهروب عبر البحر إلى لندن. تقول بصوتٍ مرتجف: “الناس هنا في حالة جنون.. الجميع يريد الخروج بأي طريقة”. بينما يعتبر “عيدي” أن هذه رحلةٌ بلا عودة، مصرحاً: “سأعيش في البرتغال.. لقد حان الوقت”.
الهروب من ساحة الحرب
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على إيران وردّ طهران بقصفٍ صاروخي مكثف، تحوّلت إسرائيل إلى ساحة حرب مفتوحة. أغلقت السلطات المجال الجوي، ونقلت طائراتها المدنية سراً إلى الخارج، تاركةً الملايين عالقين تحت تهديد الصواريخ.
لكن الأثرياء وجدوا مخرجاً: **اليخوت الفاخرة**. ففي هرتسليا وحدها، يقف أكثر من مئة شخص يومياً، يدفعون آلاف الدولارات لقاء مقعد على متن قاربٍ متجه إلى قبرص. تقول “هآرتس” إن مجموعات فيسبوك السرية أصبحت سوقاً سوداء لترتيب هذه الرحلات، حيث يرفض معظم المسافرين الاعتراف بأنهم يفرون من القصف، متذرعين بزيارات عائلية أو رحلات عمل.
النزوح الداخلي.. عندما يصبح الجنوب ملاذاً
أما من لم يستطع الهروب خارجاً، فاختار الفرار إلى الداخل. في تل أبيب، تهرع العائلات من أحيائها بحثاً عن شقق في الجنوب، حيث تقلّ خطورة الصواريخ.
“ف”، أم لطفلين، تصف حالها: “نعيش في مبنى قديم بملجأ صغير.. كلّما دقت صفارات الإنذار، نركض حاملين أطفالنا كالمجانين”. بعد أن سمعت عن شقة في “الشارون”، قررت هي وصديقتها المغادرة فوراً: “لا نريد سوى غرفة محصنة.. السعر لا يهم الآن”.
لكن الأسعار ارتفعت بشكل جنوني. فإيجار الشقق في المناطق الآمنة قفز إلى **600 شيكل لليلة**، بينما يبحث الفقراء عن خيارات أرخص في القرى الجنوبية النائية.
من هربوا من غزة يعودون إليها
المفارقة الأكثر قسوةً أن بعض سكان “كيبوتس رعيم” – الذين هربوا إلى تل أبيب بعد هجمات 7 أكتوبر – قرروا الآن العودة إلى منازلهم على حدود غزة! فبحسب “تايمز أوف إسرائيل”، يفضلون العيش قرب “حماس” على البقاء تحت نيران إيران.