المشهد اليمني الأول/

سلط الكاتبان السعودي جمال خاشقجي والبريطاني روبرت لاس الضوء على زيارة قيادات سعودية للمملكة المتحدة، وقالا إن لندن لم تعد تملك أوراق ضغط كبيرة على السعودية، ولم تعد تهتم إلا بصفقات السلاح، وجلب أموال النفط السعودي على هيئة استثمارات.

استبعد الكاتبان، في مقالهما المشترك بصحيفة جارديان البريطانية، أن تمارس رئيسة الوزراء تيرازا ماي ضغوطات قوية على القيادة السعودية، كما فعل ونستون تشرشل من قبل.

وأشارت إلى أن ماي لن تجرؤ على سؤال الرياض عما إذا كانت قد استأذنت الشعب السعودي قبل أن تقرر بيع حصة من شركة أرامكو أم لا؟

وألمح الكاتبان إلى الطابع الاستبدادي لدى السلطات السعودية الحالية، وقارنا بين أسلوب القيادة الحالي الذي لا يعتمد مشورة أحد تقريباً، وبين أسلوب الملك عبدالعزيز الذي كان يقضي ساعات كل أسبوع مع مستشاريه وزعماء القبائل والعامة، كي يستمع إلى مظالمهم وأفكارهم.

وتابع المقال أن الملك عبد العزيز عندما دخل مكة عند ضمها، قال المقولة المشهورة «إن أهل مكة أدرى بشعابها»، وأقام على إثر ذلك مجلس محلي للشورى، فيه ينظم زعماء المدينة كيفية تنقلات الحجاج، وكيفية إدارة شؤونها، بالتوازي مع مجلس استشاري آخر في الرياض.

أما حال السعودية اليوم، يتابع المقال، ففيها مجلس شورى أنشأه الملك فهد في تسعينيات القرن الماضي، لكن جميع أعضائه معينون من قبل الملك، وأتى الملك عبدالله بعد ذلك ليحدث ضوضاء حول إتاحة نسبة من هذه المقاعد للانتخاب الحر.

وأوضح المقال أن كل هذا الكلام عن الانتخاب قد تبخر فجأة، ولجأت السعودية إلى استعمال القمع في الداخل والقوة الخشنة في الخارج، كما ظهر جلياً في حصار قطر وإجبار رئيس وزراء لبنان على الاستقالة، ناهيك عن حرب اليمن، وكلها سياسات غاب عنها طلب المشورة من الشعب.

وحمّل الكاتبان بريطانيا مسؤولية خاصة عن الـ 13 ألف مدني الذين سقطوا في حرب اليمن لسببين، أولهما إرثها الاستعماري في تلك المنطقة قبل قرن، وثانياً بسبب إمدادها التحالف السعودي الإماراتي بأسلحة فتاكة تقتل المدنيين، وذلك في حرب الرياض مع الحوثيين.

الإصلاح المزعوم

وحول برنامج الإصلاح المزعوم للسعودية، أشار الكاتبان إلى أن السلطات في الرياض لم تخضع ملامح برنامج التغيير لنقاش شعبي عام، وهو ما يخرج السعوديين من تطرف ديني قديم إلى تطرف جديد، شعاره «عليكم القبول بالإصلاحات» دون أية استشارات، بل صاحبت تلك التغييرات عمليات اعتقال واسعة طالت المنتقدين.

وتساءل الكاتبان: هل يفتقر برنامج الرياض بعد كل ذلك لأهم عناصر الإصلاح وهي «الديمقراطية»؟ وأجاب خاشقجي ولاس بأن القيادة السعودية تقترح فرض أول ضرائب معاصرة في المملكة، ضمن خطتها الاقتصادية لمواجهة أسعار النفط المنخفضة، وهي خطة لا شك أنها ضرورية وشجاعة، كما يقول الكاتبان، لكن بها عيب كبير.

هذا العيب يصفه الكاتبان بأنه يكمن في تجاهل السلطات الحاجة إلى رضا الشعب بشأن هذه الضرائب الثقيلة، وبما أن قيادات سعودية تزور بريطانيا، فينبغي لها التأمل في الدرس القاسي الذي تعلمته بريطانيا بالطريقة الصعبة، وهو «لا ضرائب بدون انتخابات»، أو كما يقول الكاتبان.

وفي نهاية مقالهما دعا الكاتبان رئيسة وزراء بريطانيا إلى إعطاء نصيحة لقيادات السعودية حول تطبيق الديمقراطية في بلدهم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا