المشهد اليمني الأول/

ليس مستغرباً بقاء السعودية على خريطة أكثر الدول في العالم شراء للسلاح واستعمالاً له, فهي من جهة توفر سوقاً منتعشاً لواردات السلاح الأمريكية والغربية عموماً وما يتطلبه ذلك من إنفاق المليارات لشراء الأسلحة باهظة الثمن, ومن جهة أخرى تجنب نفسها الاتهامات والانتقادات الحادة لانتهاكها المتواصل لحقوق الإنسان فوق أراضيها, وحقوق شعوب المنطقة وعلى رأسها اليمن الذي تمزقه الطائرات السعودية وتفتك بشعبه.

معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) شرح في تقريره الجديد تموضع السعودية بالمركز الثاني عالمياً في حجم استيراد الأسلحة على مدى السنوات الخمس الماضية (2013- 2017), مؤكداً أن 61 في المئة من الأسلحة التي تستوردها السعودية مصدرها الولايات المتحدة، و23 في المئة من المملكة المتحدة. ويقول بيتر ويزمان كبير الباحثين في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري في المعهد: إن هناك عوامل شديدة الأهمية لهذا التسابق نحو التسلح مثل التفاخر بحيازة الكم الأكبر من السلاح بجانب الفساد, مضيفاً: هناك أزمة أخرى حقيقية بشأن عملية شراء الأسلحة متمثلة بغياب نقاشات حقيقية في بعض الدول التي تحكمها نظم ليست ديمقراطية ومن بينها السعودية, فلا يوجد مجتمع مفتوح ولا نقاشات برلمانية حول ما يجب شراؤه وما لا يجب.

الواضح أن السعوديين يخافون حتى من أنفسهم وإلا لماذا هذا الإنفاق الكبير في سوق السلاح وافتراض أعداء وهميين ومخاطر غير موجودة أساساً. وعلى عكس الأجواء السلبية والعدائية التي تحاول السعودية نشرها في المنطقة وبث أخبار مزيفة بأنها «عرضة» لهجمات الأعداء وتتخوف من ضربات وهمية تؤرق حدودها, فالواضح أن السعودية ليس لهواجسها أي أساس فهي على علاقة وطيدة مع عدو المنطقة الأول «إسرائيل» وهما حالياً بحالة تفاهم وتناغم إلى حد لا يمكن تصوره, ولا يوجد أي دولة لها مطامع في السعودية, والأمريكيون موجودون بكثافة لحماية حكامها بغية الاستحواذ أكثر على النفط بأقل الأسعار.

مما لاشك فيه أن السعودية هي العامل الأكثر إقلاقاً في المنطقة وخاصة بعد العدوان على اليمن, وقمع ثورة الشعب البحريني السلمية, والتحريض المتواصل ضد إيران, ودور السعودية في ترسيخ وجود التنظيمات الإرهابية ودعمها بالمال والسلاح فحكام السعودية يعتقدون أن النفط والسلاح يجنبهم غضب شعوبهم ويبقي الرضا الأمريكي عليهم وربما كل هذا لفترة مؤقتة, فهم قد يجدون أنفسهم مجردين من النفط والسلاح في أي لحظة خاصة أن واشنطن مشهورة إلى حد كبير بالتخلي عمّا تسميهم حلفاء عندما تتطلب المصالح ذلك.

*رشا عيسى – تشرين

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا