المشهد اليمني الأول/ تقرير – حميد منصور القطواني

 

يبدو من مشهد الحرب الاقتصادية الامريكية بالدولار الصهيوني، وتفاعلاتها الجيوسياسية، ما بين سقوط قلاع نفوذها, و التمهيد بتحريك الرخ الرأسمالي لهجوم خيل الصديق على قلاع اعداءها في لعبة على رقعة شطرنج، تقود في مجملها لاخراج مشهد صراع اقليمي جديد.

 

عنوانه تصريح اردوغان: سنحرر مناطق جديدة في سوريا في اشارة للدور التركي القادم، الذي جاء ادلى به في تاريخ يتقاطع مع تاريخ الشهر والسنة انهارت في الخلافة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الاولى قبل مئة عام.

 

في وقت نرى الازمات المفتعلة تعصف بالاقتصاد التركي بايدي تحمل بصمات نخب تخدم العقيده الصهيونية، خاصة بيوت المال اليهودية ومنها عائلة روتشلد، التي تمتلك بنوك خاصة وحصة كبيرة في البنك المركزي التركي جعل مفاتيح الهيمنة والسيطرة بيدها منذ ان قامت باعادة صياغة اقتصاد تركيا, بعد انهيار الخلافه العثمانية مطلع القرن الماضي.

 

وهذا يوضح محددات وموجهات صانعي الازمات ولكن ما الهدف من ذلك? وما علاقة حرب العقوبات على ايران والصين وروسيا واوروبا?
يعد هدف اسقاط سوريا الاسد هدف مشترك لتركيا والكيان الصهيوني وامريكا وملوك النفط الخليجي لاعتبارات جيوسياسية واقتصاديه وامن الكيان الصهيوني سعوا في السابق جميعا لتحقيقه عبر الفوضى وحروب العصابات، ولكنهم هزموا وسقطت ادوات الحرب بالوكالة وغرقت منظومة التمويل والتعبئة السعواماراتية واستعاده سوريا عافيتها.

 

ولكون قواعد الاشتباك الدولي تجعل اي اشتباك مباشر بين المحور الصهيوامريكي واتباعه من ملوك الخليج تقود نحو حرب الاقليمة نحو الانفجار النووي الشامل على مستوى اقطاب العالم.. لم يبقى سوى تركيا الاخوان لتحقيق هذ الهدف المشترك عبر شن عدوان مباشر على سوريا الاسد وحلفاءه يكون راس حربته لفيف الدواعش المهزومين الذين يناهز عددهم 100 الف ارهابي حشرتهم الهزائم في ادلب الخاضعة حاليا لحماية الجيش التركي بشكل مباشر.

 

ليخوضها اليوم عبر حرب الجيوش ورهانه خلفية الناتو لفرض التوازن الدولي وحاضنة اخوانية واسعة عربيا واسلاميا لتجييش قطيعهم للقتال في سبيل بعث الامجاد العثمانية وحلم الخرافة.

 

ليكون ارضية العدوان على سوريا الاسد صفقة بين تركيا اردوغان كطرف والصهيوامريكي كطرف اخر بموجبها ينبري الاول لتمرير صفقة القرن وتثبيت وجود الكيان الصهيوني, وكسر راس حربه محور المقاومة (سوريا) وتفكيك خاصرتها (العراق).

 

فيما تلتزم الصهيونية ونخبها الراس المالية لانقاذ ودعم الاقتصاد التركي وتمكين الطموح العثماني في سوريا وكردية العراق.. و من غير المستبعد ان تطرح مكه والمدينة بمحوريتها في عقيدة الخلافة العثمانية بحلتها الاخوانية كجائزة تحفز اطماع اردوغان, لتكون قطر خزينته و جسره و راس حربته لقطفها وفق ظروف داخليه تنضج قطافها.

 

ليتم اخراج ذلك في صورة تحول استراتيجي و محطة تاريخية في توقيت يصادف الذكرى المئة لانهيار الدوله العثمانية الذي سجل اخر سلطان لها موقفه الرافض لعقد الصفقة المشهورة مع الصهيونية لتعجل الاخيرة بمفاعيل انهيار الدوله العثمانية لتاتي الاقدار بسخريتها في دورتها الزمنية لعرض نفس الصفقة بنسختها المحدثة مقابل اعادة بعث الخلافه العثمانية بحلتها المعاصرة مقابل الموافقة على ما كان سبب انهيار لها قبل مئة عام.

 

ومن باب التقدير لتحرك الصهيوامريكي ان حساباته لتهيئة المناخات والظروف الدولية لعدوان التركي المتوقع على سوريا يتم انضاجها من خلال الحرب التجاريه والعقوبات على روسيا والصين واوروبا لتحييدها والحد من قدراتها على احتواء تركيا اردوغان .

 

وربما يتعدى الهدف الرئيسي للصهيوامريكي من الحرب التجارية والمناورات السياسية والمفاوضات تحت الطاولات الى فرض صفقة مع روسيا والصين واوروبا بموجبها يتلزم الثاني بعدم اعاقة التحول الكلي نحو نظام عالمي متعدد الاقطاب ودعم هذا التحول وتنفيذ تسوية شاملة تعيد تشكيل قواعد النفوذ والمصالح والتوازنات الدولية.

 

مقابل ان تلتزم الاقطاب الجديدة بعدم اعتراض تفاعلات الحرب القادمة بين سوريا المقاومة من جهة وتركيا الاخوانية من جهة اخرى, في اطارها الاقليمي, بعيدةً عن الكيان الصهيوني والممرات والمصالح الدولية.

 

وفي ذات السياق يبدو ان العقوبات بسقفها العالي على ايران جاءت للاخلال بالتوازن الاقليمي, وتقييد مستوى فاعلية خياراتها لاسناد سوريا الاسد ومحاصرتها في زاوية تكون فيها الكلفة عالية جدا امام خيار الاستغناء او التصادم مع تركيا انبوب النفط والغاز الايراني الى اوروبا.

أردوغان مرشح لمهمة تحقيق الأهداف الصهيوأمريكية

ايضا من ما يرشحه سماته الشخصية ذات الطابع الاناني و النزعة النرجسية وهوسه في الزعامة والتفرد وانعدام الموانع القيمية والاخلاقية الذي يجعله شخص بدون مقدمات يتقلب في مواقفه وتحالفاته بشكل حاد ذو عقلية تحكمها بوصلة المصالح وعقيدة الغاية تبرر الوسيلة لتحقيق طموحاته في الزعامة الاقليمية وبعث العثماني كغاية يتقاطع فيها مع المنظومة العقدية والتنظيمة لتنظم للاخوان الدولي.

 

وعلى ما يبدو ان تحويل نظام حكم تركيا من حكم النخب الى حكم الفرد يأتي في سياق تهيئة الظروف لاطماعه في هذا الاتجاه.

 

وهنا على ما يبدوا ان الصهيونية تسعى لاعادة انتاج تجربة بسمارك بلاروسيا( المانيا الشرقيه) في منتصف ثمانيات القرن الثامن عشر الذي كان يطمح الى الزعامة الاوروبية وتوحيد المانيا الشرقية والغربية تحت قيادته.

 

وكانت بلاده الشرقية حينها تمر بنفس الازمات الاقتصادية المفتعلة ( وليس بعيدا ان تكون بنفس الموجهات لذات الاجندة ) نتيجة افرازت ظروف مرحلة من الصراعات الدولية والاقليمية التي خلقت بيئة مثالية لتحرك النفوذ الصهيوني لتنفيذ اجندتها عبر توظيف العلاقات الدولية المتوترة ومساحات الفوضى والفراغ السياسي واللعب بورقة التوازنات الاقليمية لتمريرها.

 

امام تلك الظروف اندفع بسمارك لعقد صفقه مع الصهيونية التزم فيها بتمكين الصهيونية من بناء كيانهم قبل ان تنتقل الى بريطانيا مقابل التزام الصهيونية ممثلة بيوت المال اليهودية لدعم وانقاذ اقتصاد امبراطوريه بلاروسيا ومساعده لبناء اقتصاد قوي الى جانب تمويل حروبه ضد فرنسا التي بدورها دفعت اليها بظروف شبيه بظروف سوريا كونها مرت بافرازات صراعات وتحولات بنيوية داخليه ودوليه مماثلة.

 

فهل يكون اردوغان بسمارك الشرق الأوسط?

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا