الرئيسية بلوق الصفحة 8

حرَّاس الصهيونية في اليمن

الصهاينة أصغر من أن ينفذوا هجوماً واحداً لولا العملاء والخونة في عالمنا العربي، وفي اليمن ظهر عملاء الصهيونية على حقيقتهم باصطفافهم العلني إلى جانب أدوات الصهيونية السعودية والإماراتية، ومن رضي بآل سعود أو آل نهيان فقد قبل بالكيان الإجرامي ومشروعه التدميري في المنطقة، وعلامة التطبيع التناقض بين الشعارات والوقائع على الأرض.

ومنذ اليوم لتأسيس الكيان لم يكن الحديث عن الصهيونية محصورًا في حدود الكيان المحتل أو في طبيعة سلوكه الإجرامي وحده، بل كان مرتبطًا بشبكة واسعة من الحلفاء والوكلاء الذين يؤدّون الدور الأخطر: تنفيذ المشروع من داخل المنطقة وبأدوات عربية. فالتجربة التاريخية تثبت أن “إسرائيل”، رغم تفوقها العسكري والدعم الغربي غير المحدود، لم تكن يومًا قادرة على فرض مشروعها دون غطاء إقليمي، ودون أن تجد من يمهّد لها الطريق سياسيًا وعسكريًا وإعلاميًا.

في اليمن، تتجلّى هذه الحقيقة بوضوح. فالقوى التي اصطفت منذ بداية العدوان إلى جانب الرياض وأبو ظبي لم تكن تتحرك بدافع “استعادة الشرعية” أو “إنقاذ الدولة” كما تزعم، بل ضمن مشروع إقليمي أوسع تقوده السعودية والإمارات، يرتكز في جوهره على إعادة تشكيل المنطقة بما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية. وهذا الاصطفاف كان تعبيرًا عن اندماج كامل في معسكر التطبيع، حتى وإن رُفعت في العلن شعارات زائفة عن السيادة أو العروبة.

لقد كشفت الوقائع أن العلاقة بين الرياض وأبو ظبي والكيان الإسرائيلي لم تعد سرّية أو تكتيكية، وقد تحوّلت إلى شراكة استراتيجية قائمة على خدمة المصالح الصهيونية: تفكيك الدول، ضرب قوى المقاومة، وتحويل الصراعات الداخلية إلى أدوات استنزاف طويلة الأمد. ومن يقبل بأن يكون جنديًا أو واجهة سياسية لهذا المحور، فإنه يقبل عمليًا بأن يكون جزءًا من المشروع الصهيوني، بغضّ النظر عن محاولاته التجميلية أو لغته الدعائية.

وعليه، فإن القوى اليمنية المتحالفة مع السعودية والإمارات لا يمكن فصلها عن هذا السياق. فمواقفها من فلسطين، وصمتها المطبق تجاه جرائم الاحتلال، وتبنّيها للرواية الغربية عن “التهديد الإيراني” بدل توصيف العدو الحقيقي، كلها مؤشرات تكشف طبيعة التموضع الحقيقي لهذه الأطراف. فالتناقض الصارخ بين الخطاب العاطفي حول القدس في المناسبات، والممارسة السياسية التي تخدم أمن الكيان الإسرائيلي، هو السمة الأوضح لما يُسمّى اليوم “التطبيع غير المعلن”.

إن أخطر ما في هذه المرحلة ليس وجود أعداء معلنين، بل اتساع دائرة الحلفاء المحليين الذين يقدّمون أنفسهم كقوى وطنية، بينما هم في الحقيقة حرّاس لمصالح الصهيونية، وحلقة وصل بين المشروع الصهيوني والواقع اليمني. فـ”إسرائيل” لا تحتاج إلى إنزال عسكري في اليمن ما دام هناك من يتكفّل بإضعاف البلد، وتفكيك مجتمعه، وتجريده من بوصلته السياسية والأخلاقية.

ورأينا كيف أن شعاراتهم عن الوطن والوطنية والجمهورية وغيرها تلاشت أمام انتهاكات المجلس الانتقالي بكل الثوابت وحتى بالانتماء إلى اليمن، واعتمدوا جميعاً المصطلحات الثقافية التي جاء بها الاحتلال البريطاني، وهكذا حال كل من يرفض الحق وينخرط في الباطل بدوافع الأحقاد والمصالح، وستكون نهايته على يد المشروع الإجرامي الذي جاء به، كما رأينا نهاية الإصلاح في عدن وغيرها من محافظات الجنوب، وكما سنرى نهاية خونة الشمال في الساحل الغربي، فمناطقية عيدروس وغيره من الانفصاليين لن تترك لهم شأنهم وسيأتي الدور عليهم عند الانتهاء من خدماتهم.

وخلاصة القول، أن معركة اليمن لم تعد معزولة عن معركة المنطقة ككل. ومن يقف اليوم في خندق الرياض وأبو ظبي، فهو يقف تلقائيًا في الخندق ذاته الذي يحمي الكيان الإسرائيلي ويؤمّن امتداد نفوذه. أما محاولات الفصل بين هذه التحالفات، فلم تعد تقنع أحدًا بعد أن كشفت الوقائع أن الطريق إلى تل أبيب يمرّ، سياسيًا وأمنيًا، عبر عواصم عربية وأدوات محلية قبل أن يمر عبر البحر أو الجو.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد محسن الجوهري

التقسيم و الانفصال: أساس كل احتلال

كلنا نعرف ونفهم انه عبر العصور التاريخية القديمة والحديثة استخدمت القوى الاستعمارية والامبراطوريات الاحتلالية الاستراتيجية الأساسية والاجرامية التقسيم والانفصال كأدوات ومنهجية فعالة لتحقيق أهدافها التوسعية وإدامة سيطرتها وتعتمد هذه الاستراتيجية على مبدأ «فرق تسد»، حيث يتم تفكيك المساحات الجغرافية والروابط والاواصر الأخوية والسياسية والاجتماعية والدينية المتماسكة وخلق كيانات متعددة ضعيفة ومتنازعة بمنهجيات مختلفة منها الديمقراطية والملكية والفيدرالية والكونفدرالية وكافة المسميات والمصطلحات التي ما انزل الله بها من سلطان، لكي يسهل عليها الاستحكام والإدارة والسيطرة.

الأسس النظرية للتقسيم كأداة استعمارية
1. كما اسلفنا تعتمد القوى الاستعمارية على مبدأ “فرق تسد”: والذي يعود هذا المبدأ إلى العصور الرومانية، والحروب العالمية الأولى والثانية وها هو اليوم اصبح نهجاً نظامياً لقوى الاستكبار والهيمنة في العصر الاستعماري الحديث، بحيث تقوم القوى المحتلة بخلق انقسامات مجتمعية وجغرافية وسياسية واجتماعية وعرقية ومذهبية وتنشئ الحدود المصطنعة، المعمقة للانقسام والتشرذم.
2. تفتيت الهوية الايمانية والوطنية: يعمل المحتل بتركيز عالي على استهداف الهوية الجمعية والوطنية للشعوب والسكان الموحدة عبر تعزيز الهويات الفرعية، مما يخلق مجتمعات ممزقة يسهل التحكم بها.
3. إنشاء كيانات وشراء الولاءات والتبعية عبر تقسيم أراضي الدول المحتلة إلى دويلات صغيرة واقاليم متفاوتة والمجتمعات إلى كيانات مختلفة سياسية وعرقية ومناطقية وعقائدية مختلفة تعتمد اعتماد كلي لتوجيهات القوى النافذة والمسيطرة.

نماذج من مظاهر التقسيم الاستعماري التاريخية

الاستعمار في إفريقيا
عند تقسيم إفريقيا في مؤتمر برلين (1884-1885)، رسمت الحدود بشكل اعتباطي، مجتازة المجتمعات العرقية والثقافية الموحدة، هذا التقسيم المصطنع خلق صراعات مستمرة سهّلت للقوى الاستعمارية السيطرة على موارد القارة.

الانتداب البريطاني على فلسطين
طبقت بريطانيا سياسة تقسيمية منهجية في فلسطين، حيث عملت على:
– تعزيز الانقسام بين العرب والعرب وبين العرب واليهود.
– عمل على تفتيت الوحدة العربية.
– زرع بذرور الفتن والاحتراب والاقتتال ودعم الفصائل ضد بعضها.
– إصدار وعد بلفور الذي مهد الطريق للاستيطان والاحتلال الصهيوني الدايم حتى اليوم.

التقسيم الجغرافي
تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة بواسطة المستوطنات والجدار الفاصل الذي فصل غزة عن الضفة الغربية سياسياً واقتصادياً وعزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني.

التقسيم الاجتماعي والسياسي
– تعزيز الانقسامات الفلسطينية الداخلية لاضعاف التمثيل الفلسطيني الموحد على الساحة الدولية.
– خلق واقع معيشي واقتصادي متفاوت بين المناطق الفلسطينية المختلفة حتى تقسيم قانوني عرب 84وعرب 67، وهكذا الهدف الاستراتيجي من التقسيم.
– إضعاف المقاومة وتقويض القدرة على مواجهة الاحتلال بشكل موحد وفعال والاستفراد بكل مجموعة وكل رقعة لوحدها.
– تعميق التبعية وجعل الكيانات المقسمة تعتمد على المحتل للاتصال بين أجزائها.
– تكريس الاحتلال: تحويل الاحتلال من حالة مؤقتة إلى واقع دائم عبر تقسيم الأرض والسكان.
– استنزاف الطاقات: تحويل طاقات المجتمع نحو صراعات داخلية بدلاً من مواجهة المحتل

ما يحدث اليوم في اليمن من قبل ثلاثي الشر امريكا وبريطانيا والكيان وادواتهما من الاعراب
تحاول قوى الاستعمار الاجرامية احتلال اليمن والسيطرة عليه منذ زمن بعيد نظراً لموقعة الجغرافي وموارده الاقتصادية بأسلوب حديث وخطير متطور من الاستعمار المباشر إلى الاستعمار الغير مباشر عن طريق سياستها الشيطانية واجندتها الاجرامية وادواتها العملية والمرتهنة وهذا هو الحاصل في اليمن منذ ما يقارب قرن من الزمن منذ اغتيال الشهيد ابراهيم الحمدي وسيطرة الاحتلال على الشطر الجنوبي من الوطن، وما حدث في المحافظات الجنوبية اليوم ليس بالجديد بل تكريس للاحتلال وفصل اليمن وتقسميه إلى اقاليم ودويلات صغيرة.
وهيهات لهم ذلك.

الحل في مقاومة الاحتلال واستراتيجيته الاجرامية

يجب على الشعب اليمني ككل التيقظ والوعي والانتباه لما يحكيه المحتلون من خطط واجندات وأطماع احتلالية، وتعزيز الوحدة الوطنية والهوية الايمانية ونبذ كل الخلافات والتحرك الجاد والمسؤول في التصدي ومقاومة الغزاة والمحتلين وافشال كافة مشاريعه التقسيمية والحفاظ على رؤية وطنية موحدة تقف وتدعم المقاومة الشعبية التحررية التي لا تخضع ولا تخنع ولا تساوم ليكون الوطن واحد والمصير والهوية واحدة.

وختاماً، يشكل التقسيم والانفصال الأساس الذي ترتكز عليه العديد من مشاريع الاحتلال عبر التاريخ. وهذه الاستراتيجية الخبيثة يجب العمل على التصدي لها وافشالها والتحلي بالوعي والبصيرة والحفاظ على الوحدة اليمنية والهوية الوطنية ليبقي اليمن عصي على الغزاة حراً ابياً شامخاً مستقلاً ومقبرة الغزاة والمحتلين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طوفان الجنيد

ماذا يحدثُ في المُحافظاتِ الجنوبيَّةِ والشَّرقيةِ اليمنيَّةِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ السُّعوديِّ ومَشيخةِ الإماراتِ؟

تناقلتْ وسائلُ الإعلامِ المحليَّةِ والعربيَّةِ والأجنبيَّةِ أخباراً مُتواترةً، ومُتناثرةً، مفادُها بأنَّ القواتِ العسكريَّةَ لمُرتزقةِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتحدةِ قدْ قرَّرتْ أنْ تحتفلَ في ساحةِ العروضِ الرسميَّةِ في ضاحيةِ خُور مَكْسر بمدينةِ عَدَن في يومِ الأحدِ المُوافقِ 30 نوفمبرَ 2025م، تحتفلُ بعرضٍ عسكريٍّ إماراتيٍّ رافعينَ علمَيِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتحدةِ وأعلامَ جمهوريَّةِ اليمنِ الديمقراطيَّةِ الشَّعبيَّةِ المُنتهيةَ صلاحيتُها، واعتبرَ المحتفلونَ في ساحةِ العروضِ بأنَّ يومَ الجلاءِ بطردِ آخرِ جنديٍّ بريطانيٍّ منَ الأراضي اليمنيَّةِ بأنَّهُ عيدُهُم وحدَهُم، أيْ عيدُ المجموعةِ الجنوبيَّةِ الانفصاليَّةِ.

تلكَ القوَّاتُ (اليمنيَّةُ الجنوبيَّةُ الانفصاليَّةُ) التي تمَّ استعراضُ مجموعاتِها في هذا اليومِ المجيدِ، وفي هذهِ السَّاحةِ الحُرَّةِ لا شيءَ يُشبهُ ذلكَ، لا السَّاحةُ في خور مكسر، ولا ذكرى يومِ الاستقلالِ منْ بريطانيا (العُظمى) تُشبهُ منْ أتوا بهمْ للعرضِ العسكريِّ، فالسَّاحةُ كانَ يحتفلُ في منصَّتِها القادةُ القوميُّونَ الذينَ قاتلوا المُحتلَّ البريطانيَّ حتى طردوهُ، أمثالُ الرَّئيسِ الشَّهيدِ / قحطان الشعبيّ والرَّئيسِ الشَّهيدِ / سالم رُبيِّع علي [سالمين]، والرَّئيسِ الشَّهيدِ / عبدالفتاح إسماعيل ، ودولةِ / الشَّهيدِ / مُحمَّد صالح عولقي، والرَّئيسِ / علي ناصرِ مُحمَّد – أطالَ اللهُ في عُمرِهِ، ودولةِ الشَّهيدِ / علي أحمد ناصر (عنتر)، ومعالي الشَّهيدِ / البطلِ / صالح مُصلح قاسم، والرَّئيسِ / المُهندسِ / حيدر أبوبكر العطَّاس ، ومعالي / أنيس حسن يحيى (أبو باسلٍ) أطالَ اللهُ في عُمرِهِ، ومعالي / الفقيدِ / أحمد مساعد حُسين، ومعالي / أبوبكر عبدالرزاق باذيب، الفقيدِ / المُناضلِ / علي أحمد ناصر السَّلامي، ومعالي / مُحمَّد سعيد عبدالله (الشَّرجبي) متَّعَهُ اللهُ بالصَّحةِ، هؤلاءِ الأبطالُ الشُّهداءُ والأحياءُ منهمْ حملوا السَّلاحَ كطلائعَ للفِدائيينَ؛ لقتالِ جنودِ وعملاءِ المُحتلِّ البريطانيِّ البغيضِ.

أمَّا مَنْ حضرَ على منصَّةِ الشَّرفِ في هذا اليومِ المجيدِ الـ 30 نوفمبر في ذكراهُ الـ 58 عاماً، حضروا لاستقبالِ الجنودِ والضُّباطِ في العرضِ العسكريِّ فهمْ مُرتزقةٌ صِغارٌ خدموا ويخدمونَ الشَّيخَ / مُحمَّد بن زايد آل نهيان / شيطانَ العربِ، الذي احتلَّ مدينةَ عدنَ في يوليو 2015 م، وأمَّا هؤلاءِ الضَّحايا منَ الجنودِ (تمَّ تصحيحُ “الجنوط” سياقيَّاً) والضُّباطِ وصفِّ الضُّباطِ، فهُمْ مُستأجرُونَ بأبخسِ الأثمانِ بقضِّهمْ وقضيضِهمْ للوكيلِ الإماراتيِّ الذي قامَ بتجهيزِهمْ اللوجستيِّ، والمعيشيِّ؛ لكي يحضروا مُهندَّمينَ في ساحةِ العروضِ بخور مكسر، ألمْ يسألْ سائلٌ منْ بينِ المرصُوصينَ رصَّ القاعدينَ بأريحيَّةٍ على منصَّةِ الاستعراضِ العسكريِّ، ليسألَ سؤالاً؟ مَنْ وفَّرَ وأحضرَ لهؤلاءِ الجنودِ البدلَ العسكريةَ النظيفةَ وألبسَها لهمْ؟، ومنْ اشترى لهمْ القُبَّعاتِ العسكريةَ كيْ تحميَ رؤوسَهمْ منْ حرارةِ شمسِ خور مكسر؟، مَنْ اشترى لهمْ البياداتِ (الجزماتِ) لكيْ يضبطوا الإيقاعَ العسكريَّ بالطابورِ؟ مَنْ أحضرَ لهمْ الناقلاتِ والحافلاتِ لتقلَّهمْ منْ مواقعِ سكنِهمْ إلى موقعِ العرضِ العسكريِّ؟ مَنْ جهَّزَ لهمُ الفطورَ الصَّباحيَّ؛ كيْ يحضروا العرضَ وهمْ في حالةٍ صحيَّةٍ سليمةٍ؟.

هذهِ تساؤلاتٌ مشرُوعةٌ للمشاهدِ اليمنيِّ الكريمِ الذي تابعَ البعضُ منهمْ منْ بابِ الفضُولِ ليسَ إلا ذلكَ العرضَ العسكريَّ بتلكَ المُناسبةِ الوطنيَّةِ المُهمَّةِ.؟ أليستْ هيَ مشيخةَ الإماراتِ العربيَّةِ المُتحدةِ، ورئيسَها المُتصهينَ اللعينَ، هيَ مَنْ صرفتِ الملياراتِ منَ الدولاراتِ السَّائبةِ؛ لتنفيذِ ذلكَ المشروعِ الصُّهيونيِّ الإسرائيليِّ الأمريكيِّ الخبيثِ تُجاهَ، وضدَّ اليمنِ العظيمِ. الأغربُ هُنا في المشهدِ العسكريِّ المُخزي بأنَّ وزيرَ الدفاعِ لحكومةِ الفنادقِ حضرَ يُمثِّلُ الجناحَ الثانيَ منَ المرتزقةِ، وهمْ مرتزقةُ المملكةِ السُّعوديةِ، يُمثِّلُ حكومةَ الارتزاقِ ومجلسَها الرئاسيَّ غيرَ الشَّرعيِّ وغيرَ القانونيِّ، أليستْ هذهِ مهزلةَ العصرِ، وأضحوكةَ الزَّمانِ، حينما يلهثُ، ويتبارى مُرتزقةُ الإماراتِ، ومُرتزقةُ السُّعوديّة في السَّعيِ لتدميرِ اليمنِ العظيمِ، وتقسيمِ المُقسَّمِ منها، مُقابلَ حفنةٍ منْ مالٍ مُدنَّسٍ، مُلوَّتٍ، ورخيصٍ وتافهٍ.

بعدَ الانتهاءِ منْ تلكَ الحفلةِ العسكريَّةِ البائسةِ صدرتِ الأوامرُ، والفرماناتُ، العسكريَّةُ لهؤلاءِ القادةِ منْ مُرتزقةِ الإماراتِ، وجحافلِها بالتحرُّكِ في تاريخِ 3 ديسمبر 2025 م باتجاهِ مُحافظةِ حضرموتَ للبسطِ عليها، واحتلالِها على حسابِ مُرتزقةِ المملكةِ السُّعوديّة المُسمَّاةِ (قوَّاتِ حلفِ قبائلِ حضرموتَ، برئاسةِ المُقدَّمِ / عمر بن علي بن حبريش العليي)، هذهِ القبائلُ تنظيمُها، وتدريبُها العسكريُّ محدودٌ جداً، وحاولتْ أنْ تُدافعَ بما أوتيتْ منْ تنظيمٍ وقوَّةٍ لكنَّها انهزمتْ منْ قبلِ قوَّاتِ مُرتزقةِ المجلسِ الانتقاليِّ التي كانتْ أكثرَ تأهيلاً وتدريباً وتسليحاً، وهمُ المنحدرونَ منْ مرتزقةِ مُديريَّاتِ (الضَّالعِ ويافع) كتجمُّعٍ رئيسيٍّ، مُضافاً إليها القليلُ القليلُ منَ المُرتزقةِ منْ عددٍ منَ المُحافظاتِ الجنوبيَّةِ والشَّرقيَّةِ.

المُؤسفُ والمُحزنُ حقاً بأنَّ هؤلاءِ المُرتزقةَ جنودَ المجلسِ الانتقاليِّ، وبمُجرَّدِ وصولِهمْ إلى أرضِ مُحافظةِ حضرموتَ الحضارةِ والعراقةِ والعلومِ والثقافةِ، قدْ مارسوا أعمالاً إرهابيةً خطيرةً كالقتلِ والسحلِ والنهبِ والسرقةِ والتدميرِ، وشجعوا الغوغاءَ والدَّهماءَ منَ الحاضرينَ في مسرحِ الجريمةِ بأنْ ينخرطوا في عمليةِ النهبِ والسَّرقةِ، التي لمْ ولنْ تغتفرَها لهمُ الأجيالُ اليمنيَّةُ الفتيةُ، حاملينَ معهمْ علمَ دولةِ الانفصالِ السابقةِ معَ علمِ مشيخةِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتحدةِ المُتصهينةِ. بطبيعةِ الحالِ المواطنُ اليمنيُّ والرأيُ العامُّ اليمنيُّ لا يُفرِّقُ مُطلقاً بينَ مُرتزقةِ الإماراتِ ومُرتزقةِ السُّعوديّة، فكلاهما قدْ خانَ اليمنَ العظيمَ، وكلا جناحي الارتزاقِ قدْ أضرَّ ضرراً بالغاً باللُحمةِ الوطنيَّةِ اليمنيَّةِ وبالأرضِ اليمنيَّةِ الطاهرةِ لأنَّهما قدْ أدخلا العدوَّ السُّعوديَّ والإماراتيَّ الصُّهيونيَّ والأمريكيَّ، والصُّهيونيَّ الإسرائيليَّ إلى حدودِهِ وجوفِ أرضِهِ، وجزرِهِ، ومُدنِهِ دونَ أدنى ضميرٍ، أو أخلاقٍ ودينٍ.

ما هيَ الأهدافُ الخبيثةُ التي هدفتْ إليها المملكةُ السُّعوديّةُ والإماراتُ الصهيونيةُ منْ وراءِ تحريكِ مُرتزقتِها وعُملائِها المُتوحشينَ إلى محافظةِ حضرموتَ المُسالمةِ؟ :
أولاً : إنَّ إرسالَ قوَّاتٍ عسكريةٍ مليشاويةٍ مُرتزقةٍ منْ محافظةِ الضالعِ ومُديرياتِ يافعَ لغزوِ واحتلالِ محافظةِ شبوةَ أولاً ومحافظةِ حضرموتَ ثانياً، ومحافظةِ المهرةِ ثالثاً هوَ تكريسٌ وتعميقٌ لظاهرةِ العداوةِ والبغضاءِ وزرعِ الأحقادِ بينَ أبناءِ تلكَ المُحافظاتِ، وهيَ موجودةٌ أصلاً وعملَ الحزبُ الاشتراكيُّ اليمنيُّ على غرسِها طيلةَ فترةِ حكمِهِ في جنوبِ الوطنِ، وغرسِ وتعميقِ الكراهيةِ بينَ أبناءِ الوطنِ اليمنيِّ الواحدِ.

ثانياً : يجري التنسيقُ الدَّقيقُ وبعنايةٍ بالغةٍ وبحرصٍ شديدٍ بينَ القوَّاتِ الاحتلاليةِ الجديدةِ للأرضِ اليمنيَّةِ منْ مُمثلي المملكةِ السُّعوديّة ومشيخةِ الإماراتِ المُتصهينةِ في جميعِ تحرُّكاتِها على الأرضِ، وبالتالي همْ يختارونَ الزمانَ والمكانَ لتحريكِ أزلامِهمْ، وطواقمِهمْ ومليشياتِهمْ، ومُرتزقتِهمْ؛ لخدمةِ مشروعِهمُ المُتصهينِ.

ثالثاً : يُدركُ المُحتلُّ الجديدُ السُّعوديُّ والإماراتيُّ أهميَّةَ إخضاعِ قياداتِ مُرتزقتِهمْ إنْ كانوا في مدينةِ عَدَن ، أو في المحافظاتِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ أو في الفنادقِ التي يسكنونَ بها، بأيةِ وسيلةٍ وبأيةِ طريقةٍ، وهدفُهمْ في ذلكَ المزيدُ منَ التركيعِ والإخضاعِ والإذلالِ ؛ لكيْ لا يجدوا الوقتَ الكافيَ للتفكيرِ في أيةِ قضيةٍ.

رابعاً : زرعُ وهمِ الانفصالِ بينَ شطري اليمنِ في عقولِ وقلوبِ البسطاءِ منْ أبناءِ المحافظاتِ الجنوبيةِ والشرقيةِ، وإيهامُهمْ بأنَّ موضوعَ الانفصالِ باتَ وشيكاً، وكيْ يساوموا عليها كورقةٍ رخيصةٍ حينما تحطُ الحربُ العدوانيةُ على اليمنِ أوزارَها.

خامساً : مُحاولةُ تثبيتِ مشاريعِهمُ الاستعماريةِ في الجُزرِ اليمنيَّةِ، وفي عددٍ منَ الفضاءاتِ السَّاحليةِ والصحراويةِ استجابةً للمُخططِ الأمريكيِّ البريطانيِّ الإسرائيليِّ الصُّهيونيِّ.

سادساً : تسابقُ طرفي العدوانِ السعوديِّ والإماراتيِّ بإذلالِ مُرتزقتِهمْ، وعُملائِهمْ منَ اليمنيينَ، تارةً بإلزامِهمْ بإرسالِ عوائلِهمْ إلى عاصمتي دولِ العدوانِ في الرياضِ وأبوظبي، وتارةً بتسليطِ مليشياتِهمْ ضدَّ بعضِهمِ البعضِ، وتارةً بعدمِ صرفِ معاشاتِهمْ، وأتعابِهمْ، وجعلِهمْ يتسوَّلونَ في مكاتبِ ودوائرِ عواصمِ دولِ العدوانِ.

سابعاً : الغريبُ أنَّ مُرتزقةَ السُّعوديّة بالذاتِ قدْ سقطوا سقوطاً مُدوِّياً إلى الدَّركِ الأسفلِ منَ النَّارِ، فبعدَ كلِّ التشهيرِ بهمْ منْ قبلِ مُرتزقةِ الإماراتِ ولا زالوا يرددونَ أقاويلَ قدْ أكلَ الدهرُ عليها وشربَ، ولمْ يَعُدْ حتى الأطفالُ المُبتدئونَ في السِّياسةِ أنْ يُردِّدوها؛ لأنَّها أقاويلُ ممجُوجةٌ ساذجةٌ واهيةٌ في المعنى والمبنى .

الخلاصةُ : إنَّ منْ يعتمدُ في التجييشِ المليشاويِّ على الغوغاءِ والدَّهماءِ لتدميرِ المُدنِ والمُحافظاتِ الحضاريَّةِ عاليةِ القيمةِ والثقافةِ والوعيِ كحضرموتَ سيكونُ مصيرُهُ الفشلَ والاندحارَ، وسيلعنُ التاريخُ والإنسانيةُ جمعاءُ المُحتلينَ الجُددَ لليمنِ منْ عصاباتِ المملكةِ السُّعوديةِ وعصاباتِ مشيخةِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتصهينةِ إلى يومِ الدِّين .

“وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٌ”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أ‌. د / عبدالعزيز صالح بن حَبتُور

سطوع الحق وانهيار الباطل

يتجلّى الصراعُ القائمُ اليومَ بين الحق والباطل كمرآةٍ كُبرى تكشفُ للإنسان موقعَه الحقيقي، وتُعرِّيه أمامَ نفسه قبل أن يُعرِّيَه أمام الناس؛ فالمسألة هي قضيةُ مصيرٍ أبديٍّ يتحدّدُ فيه طريقُ الإنسان: إمّا نور الجنة أَو ظلمات النار.

وفي هذا الامتحان الكوني، يصبح لزامًا على كُـلِّ فرد أن يزن خطواته، وأن يسألَ قلبه: أين أقفَ؟ ومع من أقف؟ ولماذا أقف هنا؟ وقد قال الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}.

لقد كُنا في الماضي نقول: لم نعد نعرفُ أين الحق وأين الباطل، وكان ذلك نتيجة الجهل بالقرآن الكريم، وسيطرة الباطل على الإعلام والمناهج الدراسية، وفي مقدمتها تغييب سيرة ومواقف آل بيت النبوة الذين هم الامتداد الطبيعي لكتاب الله، والميزان الذي يُعرَف به الحق من الباطل.

كان الباطل يغطِّي المشهدَ حتى بدا وكأنه الحقيقة، بينما الحق محجوب لأن القلوب غُطّيت بالغفلة.

ثم جاءت القضية الفلسطينية، فكانت الحدث الأعظم الذي أعاد رسم الخريطة الروحية والفكرية للأُمَّـة.

لقد سَطَعَ فيها نورُ الحق كما لم يسطع منذ عقود، وتمايز فيها الصفَّان: صفٌّ يحمل راية العدل، ويقف مع المظلوم، ويدافع عن الأرض والعِرض والدين، وصفٌّ آخر انكشفت فيه الأقنعة، وظهرت وجوه الخيانة، سواء على المستوى المحلي أَو الإقليمي أَو الدولي.

من وفَّقه الله استنار الطريق أمامه، ورأى الحق بيّنًا، فسار نحوه مطمئنًا، ومن أُغلِقت بصيرته تاه في الظلمات، يتخبّط بين مصالح دنيوية، وشهوات، وانحرافات؛ فيزدادُ عمىً فوقَ عماه.

فالحَقُّ يحتاجُ إلى مؤهَّلاتٍ في النفس حتى يُبصِرَه الإنسان.

أولى هذه المؤهلات الفِطرة السليمة التي لم تُلوِّثْها الانحرافاتُ ولا الشهوات، ثم زكاء النفس وصفاء القلب والاستقامة العملية، وهذه كلها تجعلُ صاحبَها قريبًا من الطريق الذي أراده الله لعباده.

وما إن يخلو قلب الإنسان من التعصب والتكبّر والمصالح الشخصية حتى يصبح أقرب إلى رؤية الحقيقة، مهما حاولت قوى الباطل أن تخفيها، ولهذا يقول تعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

في المقابل، من انطمس عن درب الحق فله أسباب تقوده إلى ذلك المصير.

فالفساد الأخلاقي، والانحلال، وحب المال الحرام، والإفراط في إضلال الناس، كلها تجعل النفس خبيثة، والروح مُعانِدة للنور.

والنفس إذَا خَبُثَت لم تعد قابلةً لرفقةِ الحق ولا للوقوف في صفِّه، بل تميلُ إلى ما يشبِهُها: إلى الظلم، والباطل، والغواية؛ ولهذا قال تعالى: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}.

والصراع اليوم، سواءٌ أكان محليًّا أَو إقليميًّا أَو دوليًّا، لكل طرف أهدافه ومطامعه واستراتيجياته.

ومن يتأمل في مسارات الأطراف المتصارعة يرى بوضوح من الذي يتحَرّكُ وفقَ منهجية الله، ومن الذي يقودُه الطغيانُ والجشع.

فهناك من يرفع راية إقامة القسط، والعدل، وإعلاء كلمة الله، ونصرة المظلوم، وتحكيم شرع الله، وتربية الأُمَّــة على الطهارة والعفة، والدعوة إلى المعروف والنهي عن المنكر.

وفي المقابل، نجدُ من يسعى إلى السيطرة على ثروات الشعوب، وإلى نشر الفساد والانحلال الأخلاقي، والترويج للرذيلة تحت مسميات “التحضر” أَو “الترفيه”، وهو في الحقيقة مشروع لهدم القيم وإنشاء مجتمع بلا ضوابط وبلا أخلاق.

وليس العيب في أن يرى الإنسانُ الحقَّ بعد ضلال، ولا أن يغيِّرَ من سلوكه إذَا تبيّن له الطريق الصحيح؛ بل إن هذا من شرف النفس وصدقها.

العيبُ الحقيقي، بل الجريمة، أن يرى الإنسانَ الأحداثَ أمام عينيه، ويتعرَّفَ على الحق وأهله، ثم يبقى جامدًا في مكانه، مستكبرًا، لا يريد أن يتحَرّك خطوةً نحو ما يريده الله له.

من يفعل ذلك فإنما يختار الخِذلان بيده، ويكتب نهايته في الدنيا قبل الآخرة؛ فهؤلاء مصيرهم الخيبة في الحياة، والنار في الآخرة، وبئس المصير.

وفي قلب هذا المشهد يقف نموذج عملي للحق حين يتحَرّك على الأرض: حركة أنصار الله في اليمن.

هذه الحركة التي بدأت من موقعِ الاستضعاف، ومن بيئة أراد الخارجُ والداخلُ خنقَها قبل أن تتنفَّسَ، لكنها حملت كتابَ الله منهجًا، واتخذت من التوجيه الإلهي بُوصلةً؛ فكان مشروعها واضحًا: إقامة القسط، نصرة المظلوم، مواجهة الطغيان، وإعادة الأُمَّــة إلى أصلها النظيف.

لم تُملَّ عليها المواقف، ولم تُصنَع لها القرارات، ولم تُكتَب لها الأوامر من سفارات ولا غرف عمليات.

هي حركة خرجت من رحمِ شعبٍ يملِك تاريخًا وإيمانًا وصلابةً؛ فكان طبيعيًّا أن يفتحَ اللهُ لها أبوابَ التمكين خطوةً بعد خطوة؛ لأنَّ مَن يقف مع الحق يرفعه الله ولو كره الكافرون.

تأمل كيف كانوا في أول الطريق: محاصَرون، مستهدَفون من الداخل والخارج، وكل القوى الكبرى تتوهم أن لا مستقبل لهم.

لكن لأنهم حملوا الحقَّ تكفّل اللهُ بالنتيجة.

واليوم.. أين يقفون؟ أصبحوا قوة إقليمية يُحسب لها ألف حساب، وأضحى موقفهم في القضية الفلسطينية ميزانًا عالميًّا، وتحولت اليمن – التي أرادها الأعداء جرحًا – إلى قبلة للكرامة، وإلى شوكة في حلق الطغاة، وإلى صوتٍ يُدوّي في ضمير الأُمَّــة كلما نطق: لن يُغلب حقّ وراءه رجال.

وفي المقابل.. تأمّل حال خصومهم في الداخل: أُولئك الذين استكبروا عن اتباع الحق حين كان واضحًا أمامهم، وجادلوا وعاندوا وتعصبوا لهواهم.

انحازوا إلى الخارج، فصاروا عبيدًا لقرارات الأعداء.

فقدوا استقلالهم، ورهنوا مصيرهم، وسُلِّمت رقابهم لمن لا يريد لهم إلا الذل.

ولهذا يقول الله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ}.

كلما تحَرّكوا خطوة غاصوا أكثر في وحل العمالة.

تُستدعى قياداتهم إلى العواصم الأجنبية كما يُستدعى الخادم، ويعاد تشكيل مواقفهم كما يشاء سيدهم، لا كما يشاء دينهم أَو وطنهم.

أصبح الباطل الذي التحقوا به وبالًا عليهم؛ أذهب عزتهم، وكشف عوراتهم، وأعماهم عن رؤية الواقع حتى غدوا أدوات بيد من يحتقرهم.

وصدق الله القائل: {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.

لقد اختاروا العمى حين كان الباب مفتوحًا لهم ليبصروا، واختاروا الخيانة حين كان الطريق واضحًا نحو الكرامة.

ومن يتكبر عن الحق يُعاقَب بذلٍّ، ومن يعاند نور الله يُحجب عنه، فيبقى يتخبط كما يتخبط من فقد البصيرة.

وهكذا صار خصوم اليمن مُجَـرّد بيادق تتحَرّك لمصلحة غيرها، بعد أن حُرموا شرف الوقوف في صفّ الحق، فكان مصيرهم الخذلان في الدنيا، والخسارة يوم الحساب.

وما بين نموذجين – نموذج يتحَرّك مع الله، ونموذج يتحَرّك مع الطاغوت – تتجلى سنة من سنن الله: الحق يرفع أهله، والباطل يهوي بأصحابه.

ومن أراد اليوم أن يعرف أين يقف، فليتأمل المشهد من حوله: من الذي يعلي كلمة الله، وينصر المظلوم، ويواجه الصهيونية والاستكبار؟ ومن الذي فتح الأبواب للغزاة، وسلم وطنه للأجنبي، وأصبح عبئًا على أمته؟

الحق واضح، والباطل واضح، والأحداث تنطق.

ومن كان فيه بقية فطرة، وبقية شرف، وبقية نور، فلن يتردّد لحظة في معرفة الطريق.

أما من اختار العمى، فلن تزيده الوقائع إلا عجزًا..

ولن تزيده الأيّام إلا سقوطًا.

هذا هو الصراع الحقيقي: صراع بين نورٍ يزداد إشراقًا، وظلامٍ يتآكل من داخله.

ومن لم يُحسن اختيار موقعه اليوم..

فلن يجد غدًا فرصة جديدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بشير ربيع الصانع

من الملك المؤسِّس إلى اليوم: العداء السعوديّ المُستمرّ للشعب اليمني

منذ تأسيس السعوديّة، كان العداء تجاه اليمن جزءًا من سياسات المملكة الممنهجة والمُستمرّة عبر العقود.. فقد سعت الرياض منذ البداية إلى زعزعة الاستقرار اليمني والتحكم بمصيره السياسي والاقتصادي، مستغلةً نفوذها وثرواتها لدعم أدواتها وعملائها في الداخل اليمني لتحقيق مصالحها الخَاصَّة وأجندات القوى الغربية والإسرائيلية.

هذا العداء لم يكن وليد اللحظة، بل امتد منذ أَيَّـام الملك المؤسّس عبدالعزيز آل سعود، الذي وضع اللبنات الأولى للتدخل السعوديّ المباشر وغير المباشر في الشؤون اليمنية، من خلال دعم بعض المشايخ والوجهاء بالرواتب لضمان الولاء وتشجيع الانقسامات، ومنع أي تقدم تنموي حقيقي في اليمن، مثل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز، والتي كان يمكن أن تمنح اليمن استقلالًا اقتصاديًّا وقدرة على التنمية، إلا أن الرياض عملت على عرقلة هذه المشاريع لضمان تبعية الاقتصاد اليمني لأجندتها الإقليمية ومصالحها الشخصية.

ساهم هذا العداء السعوديّ عبر أدواتها وعملائها بشكل مباشر أَو غير مباشر في اغتيال عدد من القادة اليمنيين الوطنيين، ومن أبرزهم الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي وأخيه، حَيثُ كان الهدف من وراء هذه الاغتيالات وقف أي مشروع نهضوي أَو وطني يمكن أن يعزز وحدة واستقلال اليمن، سواء قبل الثورة اليمنية أَو بعدها.

ولم تتوقف سياسات السعوديّة عند هذا الحد، بل شنت حربًا عدوانية متواصلة على الشعب اليمني لمدة تسع سنوات، بزعم الحفاظ على العروبة ومحاربة التمدد الفارسي، بينما في الواقع تراجعت المملكة عن أي موقف عربي حين شن الاحتلال الإسرائيلي حربه العدوانية على غزة ولبنان، لتظهر للعالم أن شعارات العروبة لم تكن إلا غطاءً لأجندتها الخَاصَّة، بينما هدفها الحقيقي كان تدمير البنية التحتية والاقتصاد الوطني اليمني، والسيطرة على مقدرات الدولة عبر أدواتها المحلية، بما في ذلك الدعم السياسي والعسكري لجماعات الانتقالي في حضرموت والمهرة والمناطق الجنوبية، تحت ذرائع حماية مصالح اليمن أَو محاربة الإرهاب، في حين أن كُـلّ تدخلاتها كانت خدمةً لمصالح الغرب والكيان الصهيوني والاحتلال الأمريكي.

خلال هذه السنوات، ارتكبت المملكة حروبًا دموية طالت المدنيين الأبرياء، فقد تم اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصماد ورفاقه، وراح ضحيتها مئات الأطفال والنساء والشيوخ، كما قصفت المدارس والجامعات والمعاهد، وصالات الأعراس والمناسبات، وتضررت البنية التحتية بشكل واسع، من طرق وأسواق ومطارات، تاركةً آثارًا مدمّـرةً على المجتمع اليمني ومقدراته الاقتصادية والتعليمية والصحية.

ولم تتوقف السعوديّة عند هذا الحد، بل واصلت سياساتها العدائية لتمزيق النسيج اليمني، محاولةً تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، ودعم أدواتها من العملاء المحليين لتحقيق السيطرة على المحافظات، وهو ما يكشف بوضوح أن تدخلها لم يكن لمصلحة اليمن كما تزعم، بل لخدمة مصالحها الإقليمية وأجندات القوى الخارجية.

اليمنيون اليوم يعرفون حقيقة هذا العداء التاريخي، ويدركون أن ما قامت به السعوديّة عبر عملائها وأدواتها لم يكن إلا محاولةً لفرض الهيمنة والسيطرة، وإعاقة أي مشروع تنموي أَو سياسي مستقل، وأن كُـلّ روايات الدعم أَو الحماية كانت مُجَـرّد غطاءً لسياسات توسعية ونهب لمقدرات البلاد.

العداء السعوديّ المُستمرّ، منذ الملك المؤسّس وحتى اليوم، لم يكن ضد الحكومة اليمنية فحسب، بل ضد الشعب اليمني بأسره، مستهدفًا كُـلّ ما يشكل تهديدًا لمصالح الكيان الإسرائيلي والأمريكي المحتلّ وحلفائها في المنطقة، مع استمرار محاولاتها تقسيم اليمن وإضعاف قدراته الوطنية، لتبقى البلاد رهينةً للتدخلات الخارجية وخاضعةً لأجندات القوى الكبرى التي لا تهتم إلا بمصالح الاحتلال على حساب دماء وأرواح اليمنيين الأبرياء والأمة العربية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاهر أحمد عمير

“الانحناء قبل العاصفة”.. السعودية تعود إلى طهران بحثًا عن النجاة في اليمن بعد سقوط أوراقها العسكرية والسياسية

في تطور يعكس تحولًا جوهريًا في المشهد الإقليمي، أعادت السعودية تحريك قنوات الوساطة الإيرانية بشأن الملف اليمني، في خطوة تُعدّ بمثابة إقرار ضمني بفشل الخيار العسكري والرهانات السابقة على الحلفاء المحليين والإقليميين. وجاءت هذه الخطوة – التي جرى ترتيبها في العاصمة الإيرانية طهران بمشاركة صينية مباشرة – لتؤكد دخول العلاقات السعودية الإيرانية مرحلة جديدة من إعادة التموضع والتفاهم المشروط.

وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، فقد طلبت الرياض وساطة جديدة تفضي إلى اتفاق دائم في اليمن، يتضمن دعم حل شامل يقوم على مبادئ جديدة تختلف عن المرجعيات الثلاث التي ظلت المملكة تتمسك بها طوال السنوات الماضية. ويمثل هذا التحول تنازلاً صريحًا عن مرتكزات التدخل السعودي في اليمن، وإشارة واضحة إلى القبول بحلول سياسية تنسجم مع مقاربات صنعاء وشروطها السيادية.

ويشير الاتفاق المبدئي الذي تمخض عن اللقاء إلى تفاهم سعودي – إيراني – صيني للدفع نحو تهدئة دائمة في اليمن تضمن استقرار حدود المملكة مقابل ضمانات أمنية واقتصادية متبادلة. وتأتي هذه التطورات في لحظة سياسية دقيقة، حيث تواجه الرياض أزمة غير مسبوقة مع حليفتها الإمارات بعد انهيار التحالف المشترك في المحافظات الشرقية، ما جعلها مضطرة لإعادة ترتيب أوراقها الإقليمية بسرعة، خشية خسارة النفوذ في عمق الجنوب والشرق اليمني.

ويُلاحظ أن الخطوة السعودية جاءت متزامنة مع تنازلها عن ثلاثة ملفات رئيسية شكلت جوهر الصراع في السنوات الماضية، أبرزها ملف “الإصلاح” فرع الإخوان المسلمين، الذي ظل أداة الضغط الداخلي وأحد عوامل تعقيد المشهد السياسي، إلى جانب إسقاطها ملف “المرجعيات الثلاث” التي كانت تمثل الإطار القانوني لتدخل التحالف في اليمن. كما شمل التنازل إعلان انسحاب تدريجي من كافة الأراضي اليمنية، وهو ما يُعدّ استجابة مباشرة لمطالب صنعاء التي جعلت من هذا الانسحاب شرطًا أساسيًا لأي تسوية.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات تمثل مؤشرًا على إغلاق السعودية فعليًا لملف الحرب على اليمن، بعد عشر سنوات من الفشل الاستراتيجي والتورط العسكري المكلف، في مقابل التوجه نحو تسويات سياسية متعددة الأطراف تحفظ ماء الوجه وتعيد صياغة توازناتها الإقليمية. وفي المقابل، يبدو أن إيران تمسك الآن بخيوط معادلة جديدة، تجمع بين دبلوماسية التهدئة ومساعي التوازن الإقليمي، مستفيدة من ضعف الحلف السعودي الإماراتي وتفككه الميداني في الساحة اليمنية.

في المحصلة، يظهر أن الرياض دخلت طور التسليم بالواقع الجديد الذي فرضته صنعاء على الأرض والسياسة معًا، لتتحول من طرف في الحرب إلى طرف يسعى إلى التهدئة بأي ثمن. إنها لحظة انتقال من حرب الاستنزاف إلى دبلوماسية البقاء، ومن الرهان على السلاح إلى البحث عن النجاة عبر طهران وبكين، في مشهد يعيد رسم خارطة القوة في الخليج والجزيرة العربية من جديد.

خطة إنقاذ اقتصادية وطنية.. حكومة صنعاء تطلق مبادرة استراتيجية لتحرير التجارة وحماية الصناعة المحلية في مواجهة الحرب الاقتصادية

أعلن وزير المالية في حكومة التغيير والبناء، عبدالجبار أحمد، عن مبادرة اقتصادية جديدة تهدف إلى معالجة أزمة تراكم البضائع المستوردة في المنافذ الجمركية وتعزيز المرونة في السياسات المالية والتجارية للدولة.

وأوضح الوزير أن المبادرة تنص على الإفراج عن البضائع المتأخرة في المنافذ، شريطة الالتزام بعدم إعادة تجاوز الكميات المسموح باستيرادها مستقبلًا، بما يضمن توازن السوق وحماية رأس المال الوطني، سواء للمصنعين المحليين أو المستوردين.

وجاء إعلان المبادرة خلال اللقاء الأسبوعي الثالث بين وزارات المالية والاقتصاد والصناعة والاستثمار والغرفة التجارية في أمانة العاصمة، تحت شعار “معًا لدعم المنتج المحلي وتشجيع الاستثمار الوطني”.

وأكد الوزير أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية الرامية إلى تحسين بيئة الاستثمار وبناء شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، مشددًا على أن الحكومة تعمل لتذليل العقبات أمام رجال الأعمال والتجار وتعزيز الثقة المتبادلة بين الدولة والقطاع الاقتصادي الوطني.

وفي السياق ذاته، أعلن القائم بأعمال رئيس الوزراء، العلامة محمد مفتاح، عن توجيهات عليا بالسماح بخروج البضائع المقيدة والمشمولة بالقرار المشترك من المنافذ الجمركية، موضحًا أن هذه الخطوة تأتي ضمن سياسة حكومية شاملة لضبط حركة الاستيراد وتمكين المنتج الوطني من التوسع في السوق المحلية. وأكد مفتاح أن الحكومة ماضية في توطين الصناعات المحلية كخيار استراتيجي، وأنها تعمل على تحديث منظومة المواصفات والمقاييس وتعزيز الرقابة على الجودة بما يرفع قدرة الإنتاج الوطني على المنافسة داخليًا وخارجيًا.

كما شدد المسؤولون على أن الحكومة تتعامل مع القطاع الخاص كشريك وطني محوري في بناء الاقتصاد، وأنها تتخذ إجراءات عملية لحماية الصناعات المحلية من الإغراق والممارسات التجارية غير العادلة. وأشار وزير المالية إلى أن القانون الجديد للاستثمار يمنح حوافز واسعة وحماية متقدمة للمنتجات الوطنية، ويقيد استيراد السلع التي تُنتج محليًا في إطار خطة مدروسة لوقف الاعتماد على الخارج وتعزيز الاكتفاء الذاتي.

من جانبه، أكد القائم بأعمال وزير الاقتصاد والاستثمار سام البشيري أن الوزارة ملتزمة بتقديم التسهيلات والحوافز للمستثمرين ومعالجة الصعوبات التي تواجههم، بما يعزز صمود الاقتصاد الوطني في وجه التحديات الناتجة عن العدوان والحصار. كما أشار وكيل وزارة الإعلام محمد منصور إلى أهمية الدور الإعلامي في نشر الوعي المجتمعي بدعم المنتج المحلي والتفاعل مع المبادرات الاقتصادية الوطنية التي تسعى إلى بناء اقتصاد مستقل ومتوازن.

بهذه الخطوات، ترسم الحكومة ملامح مرحلة اقتصادية جديدة قائمة على التعاون مع القطاع الخاص، وتنمية الإنتاج المحلي، وتحرير حركة التجارة ضمن ضوابط تحفظ المصلحة الوطنية وتدعم صمود الشعب اليمني في وجه الحرب الاقتصادية المفروضة عليه.

تحذير ناري من سرايا القدس: “العدو يعبث بالاتفاق” والمقاومة تُغلق ملف الأسرى نهائياً

سرايا القدس: قصفنا مستوطنات أسدود وعسقلان برشقة صاروخية

في تطور ميداني وسياسي خطير، أعلن الناطق العسكري باسم سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أبو حمزة، أن المقاومة أغلقت نهائياً ملف أسرى العدوّ الإسرائيلي بعد تسليم آخر جثة للأسير الصهيوني يوم الأربعاء الماضي، مؤكداً أن تلك العملية جاءت في إطار “صفقة مشرّفة” كانت ثمرة لمعركة بطولية خاضتها المقاومة بكل فخر وثبات.

وأوضح أبو حمزة أن معركة طوفان الأقصى مثّلت نقطة تحول في معادلات الصراع، إذ فرضت المقاومة واقعاً جديداً على الأرض جعل العدوّ يدرك أن أسراه لن يعودوا إلا بقرار من المقاومة أو في توابيت، وقد لا يعودون أبداً، في إشارة واضحة إلى أن المقاومة تمتلك زمام المبادرة وتتحكم في مسار الميدان والسياسة معاً.

وأضاف أن سرايا القدس ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية التزمت التزاماً كاملاً ببنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، رغم استمرار الخروقات الميدانية التي ينفذها الاحتلال، مشيراً إلى أن المقاومة قدّمت ما عليها في إطار الاتفاق، وأثبتت للعالم مصداقيتها وانضباطها، في مقابل تغوّل العدوّ الإسرائيلي وانتهاكاته المتكررة.

وفي لهجة تحذيرية حاسمة، دعا أبو حمزة الوسطاء والضامنين الدوليين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الجاد على الاحتلال لإيقاف خروقاته “الإجرامية” التي قال إنها تهدد مسار الاتفاق وتفتح الباب لتدهور ميداني واسع. وشدّد على أن استمرار الاحتلال في انتهاكاته سيقود إلى انفجار الوضع من جديد، محملاً تل أبيب المسؤولية الكاملة عن أي انهيار محتمل للهدنة.

واختتم تصريحه برسالة واضحة للعالم مفادها أن المقاومة الفلسطينية لن تقبل بالمراوغة السياسية أو بالضغوط الخارجية، وأنها ستبقى وفية لتضحياتها ودماء شهدائها حتى التحرير الكامل وردع العدوّ عن أي عدوان جديد.

“نيوزويك” الأمريكية: الصراع “السعودي الإماراتي” يحوّل الحرب من مواجهة الحوثيين إلى معركة نفوذ واقتسام ثروات

كشفت مجلة “نيوزويك” الأمريكية، في تقرير تحليلي جديد، أن الخلاف المتصاعد بين السعودية والإمارات في اليمن لم يعد خلافًا تكتيكيًا مؤقتًا، بل تحوّل جذريًا من تحالفٍ عسكري ضد “أنصار الله” إلى حرب وكالة شرسة على الأراضي والثروات في الجنوب اليمني، في أخطر مواجهة غير معلنة بين الشريكين الخليجيين منذ بدء الحرب عام 2015.

وأوضحت المجلة أن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذراع العسكرية والسياسية لأبوظبي في اليمن، عزّز سيطرته الميدانية على كامل المحافظات الجنوبية، مستحوذًا على الموانئ والممرات النفطية الرئيسية، ما وصفته الصحيفة بأنه “انقلاب ميداني” يغيّر معادلات النفوذ في الخليج ويهدد بإعادة رسم خريطة اليمن السياسية من جديد.

وأضاف التقرير أن هذا التوسع الإماراتي في الجنوب اليمني جاء على حساب النفوذ السعودي التقليدي، وهو ما اعتبرته “نيوزويك” ضربة استراتيجية للرياض، التي كانت تعتمد على وجودها في حضرموت والمهرة لضمان أمن حدودها الجنوبية ومراقبة خطوط النفط الممتدة إلى بحر العرب. فقدان هذه السيطرة، تقول المجلة، يضعف قدرة السعودية على فرض رؤيتها السياسية لمستقبل اليمن ويهدد أمنها الإقليمي المباشر.

وأكد التقرير أن الصراع الحالي بين الرياض وأبوظبي لم يعد مجرد خلاف حدود مصالح، بل أصبح معركة نفوذ اقتصادي وجيوسياسي في منطقةٍ تعدّ بوابة الخليج إلى بحر العرب والمحيط الهندي، وهي المنطقة نفسها التي تزدحم فيها الموانئ، وخطوط النفط، وممرات الملاحة الاستراتيجية التي تتنافس الدول الكبرى على التحكم بها.

وتشير المجلة إلى أن واشنطن وحلفاءها الغربيين يواجهون تحديًا جديدًا في إدارة المشهد اليمني، إذ لم يعد الصراع بين التحالف و”أنصار الله”، بل بات صراعًا داخل التحالف نفسه، يعكس انقسامًا عميقًا في بنية النظام الخليجي ويهدد بإعادة تشكيل تحالفاته.

وربط التقرير التصعيد الإماراتي في اليمن بردٍّ على التحركات السعودية في السودان، مشيرًا إلى أن الرياض طلبت تدخلاً أمريكيًا لاحتواء الحرب الأهلية السودانية، في حين تتهم أبوظبي بدعم وتسليح قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور، مما فجّر توترًا مكتومًا بين الطرفين امتدّ إلى الساحة اليمنية.

واختتمت “نيوزويك” تقريرها بالقول إن المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات يتجه لتكريس حكم ذاتي فعلي في الجنوب، مما يضع السعودية أمام ثلاثة خيارات مصيرية: إما المواجهة العسكرية، أو الدخول في مفاوضات شاقة مع أبوظبي، أو القبول بانقسام اليمن فعليًا إلى شطرين كما كان قبل عام 1990، وهي كلها سيناريوهات تحمل في طياتها خطر الانفجار الكامل للتحالف الخليجي وانهيار مشروعه في اليمن.

ورد الآن.. تحركات حاسمة خفية تقلب الوضع عسكريا بتحليق مروحيات لطرد “منتصر أمس” واستعادة “السيطرة الكاملة” وسط اختراق صامت لمأرب (التفاصيل)

تشهد الهضبة النفطية في حضرموت شرقي اليمن تطورات ميدانية غير مسبوقة، بعد أن صعّدت السعودية من تحركاتها العسكرية عبر تحليق مكثف لمروحياتها وانتشار فصائلها المسماة “درع الوطن”، في وقت تواصل فيه الإمارات انسحاباً غامضاً لفصائلها من المنطقة، في مشهد يعكس صراعاً خفياً بين مرتزقة جناحي تحالف العدوان لإعادة اقتسام النفوذ في اليمن تحت لافتة “إعادة التموضع”، بينما جوهره الحقيقي هو مشروع لتقسيم البلاد وتفتيت وحدتها الجغرافية والسيادية.

المشاهد القادمة من حضرموت تكشف بوضوح حركة ميدانية سعودية مدروسة لإحكام السيطرة على منابع النفط، حيث ظهرت المروحيات السعودية تحلق على علو منخفض فوق مديريات الوادي والصحراء دون أي اعتراض من الفصائل الإماراتية، فيما شرعت قوات “درع الوطن” في الانتشار بالعبر والوديعة حتى تخوم سيئون، في خطوة وُصفت بأنها بداية “الاستحواذ الكامل” على الهضبة النفطية.

ويتزامن ذلك مع عودة الوفد السعودي بقيادة محمد القحطاني بعد طرده سابقاً، في مشهد يعكس رضوخاً إماراتياً مذلاً بعد أن كانت أدواتها منعت الرياض من دخول حضرموت وأغلقت مطاراتها.

وفي المقابل، بدأت ميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، أداة الإمارات في الجنوب، ترتيب انسحابه من الهضبة النفطية بعد أن فشل في فرض أمر واقع يخدم مشروع الانفصال. وتؤكد مصادر قبلية أن المجلس عقد اجتماعات مكثفة مع شيوخ ووجهاء في الوادي والصحراء لشراء الولاءات وضمان بقاء موطئ قدم بعد انسحابه.

في حين تستعد الرياض لعقد لقاء رسمي في مديرية الخشعة لتسليم السلطة إلى محافظها المعيَّن من قبلها، في مشهد يعكس انكساراً سياسياً كاملاً للمجلس الانتقالي الذي تحوّل إلى مجرد ورقة بيد الرياض وأبوظبي تتبادلان استخدامها وفق الحاجة.

لكن الخيانة لم تتوقف عند حدود حضرموت، فالمجلس الانتقالي، وبتوجيه من أبوظبي، سلّم محافظة المهرة عملياً إلى تيار انفصالي جديد يقوده عبد الله بن عفرار، المنادي بانفصال سقطرى والمهرة عن حضرموت، وهو ما يفضح حقيقة الدور الإماراتي القائم على تفكيك الجنوب إلى دويلات متناثرة يمكن التحكم بها لاحقاً عبر أدوات اقتصادية وأمنية تابعة لها. وبذلك تضع الإمارات اللمسات الأخيرة على مشروع “الجنوب المقسَّم” مقابل أن تُبقي للسعودية السيطرة على حقول النفط والموانئ.

وفي خضم هذا الصراع، فتحت السعودية قناة جديدة مع طهران عبر وساطة إيرانية صينية مشتركة، مطالبةً باتفاق “سلام دائم” مع صنعاء، تزامناً مع تنازلات سعودية خطيرة شملت إسقاط ما يسمى بالمرجعيات الثلاث وإقصاء حزب الإصلاح، في خطوة تكشف أن الرياض لم تعد تسعى لإنهاء الحرب بقدر ما تسعى لإعادة تموضع يضمن مصالحها النفطية بعد انهيار مشروعها العسكري والسياسي في اليمن.

أما الإمارات، فبدأت في الوقت ذاته تنفيذ اختراق ميداني لمأرب عبر طائرات مسيّرة واستطلاع جوي مكثف فوق معاقل الإصلاح، مستغلة حالة الفوضى التي خلّفها الانسحاب السعودي. هذه التحركات تكشف بجلاء أن التحالف لم يكن يوماً مشروعاً لإعادة “الشرعية” كما ادّعى، بل كان خطة استعمارية مرسومة بعناية لتمزيق اليمن ونهب موارده وإغراقه في صراعات داخلية لا تنتهي.

إن انسحاب الإمارات من الهضبة النفطية، الذي يُسوَّق كتكتيك سياسي، ليس سوى صفقة مشبوهة مع السعودية لتقاسم النفوذ الإقليمي والاقتصادي، مقابل تنازلات متبادلة في ملفات أخرى، من بينها السودان وملفات الطاقة في البحر الأحمر والقرن الإفريقي. هذه الصفقات تُدار في الغرف المغلقة، بينما تُدفع دماء اليمنيين ثمناً لمعادلات النفط والموانئ، ومشاريع النفوذ التي تتخفى خلف شعارات “الإعمار” و“التحالف”.

ما يجري اليوم في حضرموت والمهرة ليس مجرد انتشار ميداني أو إعادة انتشار لقوات أجنبية، بل هو حلقة من حلقات مشروع استعماري قذر يستهدف سيادة اليمن ووحدته وهويته. السعودية والإمارات – اللتان دخلتا الحرب بذريعة “استعادة الشرعية” – تعملان اليوم على تصفية هذه الشرعية ذاتها، وابتلاع ما تبقى من البلاد عبر أدوات مرتزقة تتبدل أسماؤهم وتتعدد مسمياتهم، من درع الوطن إلى الانتقالي إلى السلفيين، لكن هدفهم واحد: تحويل اليمن إلى كانتونات ممزقة خاضعة لنفوذ النفط والمال الخليجي.