الرئيسية بلوق

إريتريا تفرج عن 31 صياداً يمنياً بعد أسبوع من الاحتجاز القسري ومصادرة قواربهم ومعداتهم في البحر الأحمر

أُطلِق، الأربعاء، سراح 31 صياداً يمنياً بعد أن احتجزتهم السلطات البحرية الإريترية لمدة تقارب الأسبوع، وفقاً لمصادر محلية في الهيئة العامة للمصائد السمكية بمحافظة الحديدة.

وأوضحت المصادر أن الصيادين كانوا يمارسون نشاطهم بصورة قانونية داخل المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر، قبل أن تعترضهم دوريات بحرية إريترية وتقوم باختطافهم واقتيادهم إلى جهة الاحتجاز.

وعقب وصولهم إلى مركز الإنزال السمكي في مديرية الصليف، كشف الصيادون عن تعرضهم لـ ظروف احتجاز قاسية شملت مصادرة كامل معدات الصيد وممتلكاتهم الشخصية، إضافة إلى ممارسات وصفوها بأنها “انتهاك صريح للأعراف والقوانين الدولية الخاصة بحماية الصيادين”.

وقد نددت السلطات المحلية في الحديدة وهيئة المصائد السمكية بهذه الانتهاكات المتكررة، معتبرة أنها تمثل “شكلاً من القرصنة المستمرة” ضد الصيادين اليمنيين، وتفاقم معاناتهم الاقتصادية والمعيشية، في وقت يعتمد فيه آلاف الأسر على النشاط السمكي كمصدر رزق وحيد في الساحل الغربي.

تطبيع في العلن.. قيادات “الانتقالي” تفتح بوابة “تل أبيب” وتصف المعارضين بـ “أعداء السلام”

في خطوة وُصفت بأنها أخطر انزلاق سياسي في تاريخ الفصائل الموالية للإمارات باليمن، فجّرت قيادات بارزة في ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” موجة غضب عارمة بعد تصريحات علنية تمهد لفتح قنوات اتصال وتعاون مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، في ما يبدو أنه تحول استراتيجي من السرية إلى الإقرار العلني بالتطبيع.

المتحدث باسم المجلس، أنور التميمي، قال في مقابلة مع صحيفة العربي الجديد إن “مبدأ التواصل مع إسرائيل غير مرفوض بالنسبة للمجلس”، مضيفاً أن “الحديث عن اتصالات مباشرة لا يعني وجود تواصل بالمعنى الدبلوماسي الكامل”. ورغم محاولته الإيحاء بأن المسألة ما تزال “فكرة نظرية”، إلا أن التصريح نفسه يعكس — وفق مراقبين — قبولاً مبدئياً بالتطبيع، وتخلياً عن الخطاب القومي التقليدي الذي طالما استخدمه الانتقالي لتبرير تحركاته العسكرية والسياسية.

وتزامن هذا الموقف مع تقارير عبرية جديدة، نقلت عن قيادي بارز في المجلس الانتقالي، تأكيده أن المجلس يسعى للحصول على دعم سياسي وعسكري من إسرائيل “لإقامة دولة مستقلة في جنوب اليمن”. وأضاف القيادي في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت أن هناك “مصالح مشتركة” بين الجانبين في تأمين الملاحة الدولية ومواجهة صنعاء، مؤكداً أن أي تعاون مع إسرائيل سيكون “في إطار دعم السلام والاستقرار”. بل ذهب أبعد من ذلك حين وصف الرافضين للتطبيع بأنهم “أعداء للسلام”، في لهجة تعكس تطابقاً تاماً مع الخطاب الإسرائيلي الرسمي.

هذا الانفتاح المفاجئ على تل أبيب، والذي يأتي بعد أسابيع من الكشف عن لقاءات سرية جمعت مسؤولين في المجلس الانتقالي مع ضباط من جهاز الموساد الإسرائيلي في الولايات المتحدة وأوروبا، يكشف عن انتقال العلاقة من التنسيق الأمني غير المعلن إلى مرحلة الشراكة السياسية المعلنة. وتشير مصادر مطلعة في عدن إلى أن الإمارات هي من تدفع بقوة نحو هذا المسار، في إطار مشروعها لدمج الكيان الجنوبي في محور التطبيع الإقليمي الذي تقوده أبوظبي.

تحليلات صحف إسرائيلية، من بينها يديعوت أحرونوت ومعاريف، رأت أن تنامي نفوذ المجلس الانتقالي في المهرة وحضرموت “يفتح فرصاً إستراتيجية غير مسبوقة لإسرائيل”، خصوصاً في ظل وجود موانئ وممرات بحرية تقع على خط الملاحة نحو البحر الأحمر وباب المندب. وأشارت تلك التقارير إلى أن أبوظبي — التي تمتلك علاقات أمنية عميقة مع تل أبيب — تعمل على تحويل الجنوب اليمني إلى عمق لوجستي إسرائيلي في المحيط الهندي، تحت واجهة “مكافحة الإرهاب وحماية الملاحة”.

غير أن هذا المسار التطبيعي يواجه رفضاً يمنياً واسعاً وغضباً شعبياً كبيراً، إذ اعتبره ناشطون وسياسيون “خيانة وطنية تتقاطع مع الأجندة الصهيونية”، فيما حذر محللون من أن التطبيع العلني مع إسرائيل سيقضي نهائياً على ما تبقى من شرعية الانتقالي في الشارع الجنوبي، ويفتح الباب أمام مواجهة شعبية ضد وجوده العسكري والسياسي.

ويرى مراقبون أن المجلس الانتقالي، الذي يواجه عزلة داخلية متزايدة وتراجعاً في علاقاته مع السعودية، يحاول من خلال تل أبيب البحث عن مظلة دعم جديدة تمنحه اعترافاً دولياً بكيانه الانفصالي مقابل تقديم خدمات أمنية واستراتيجية في البحر الأحمر وخليج عدن، ما يعيد إلى الأذهان النموذج الإماراتي في إقامة علاقات مع الاحتلال تحت غطاء “السلام الإقليمي”.

وفي حين تلتزم قيادة المجلس الصمت تجاه الغضب الشعبي، تواصل وسائل إعلامه الترويج لفكرة “التعاون مع القوى العالمية لمواجهة الخطر الإيراني والحوثي”، في تبرير واضح للتقارب مع إسرائيل. لكنّ الوقائع على الأرض تُظهر أن ما يجري هو تحويل الجنوب اليمني إلى ساحة مفتوحة أمام النفوذ الصهيوني، وتطبيع على حساب الهوية العربية والموقف التاريخي من القضية الفلسطينية.

إن ما كشفته هذه التصريحات لا يعد مجرد زلة سياسية، بل انعطافة استراتيجية تكشف حقيقة المشروع الذي ترعاه أبوظبي في الجنوب: كيان مفكك مرتبط بعلاقات أمنية مع إسرائيل، ومفصول عن الإجماع العربي والإسلامي الذي يرى في القضية الفلسطينية جوهر الصراع وميزان الموقف من العدوان والاحتلال.

معركة الكاريبي تشتعل: فنزويلا تتوعد بالردّ العسكري على الحصار الأمريكي واصطفاف دولي ضد واشنطن

في تصعيد غير مسبوق، أعلنت فنزويلا رفضها القاطع لتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض حصار بحري شامل على صادرات النفط الفنزويلي، معتبرةً أن الخطوة تمثل إعلان حرب اقتصادية وعسكرية صريحة تستهدف إسقاط النظام البوليفاري والسيطرة على ثروات البلاد النفطية.

وقال وزير الدفاع الفنزويلي، الجنرال فلاديمير بادرينو لوبيز، في خطاب حازم أمام كبار قادة الجيش في كراكاس، إن “القوات المسلحة البوليفارية ستدافع بكل الوسائل عن الوطن وسيادته ونظامه الشرعي”، مؤكداً أن الهدف الحقيقي لواشنطن هو “تغيير النظام والاستيلاء على النفط والموارد الوطنية”، وليس ما تدّعيه من “دعم الديمقراطية”. وأضاف بادرينو: “لن نرضخ، ولن نسمح بإهانة كرامة فنزويلا، فتهديداتكم لا تخيفنا”.

بدورها، أكدت نائبة الرئيس الفنزويلي ديلسي رودريغيز أن عمليات تصدير النفط الخام ومشتقاته مستمرة “بصورة طبيعية”، رغم محاولة الحصار الأمريكي غير القانونية، مشددة على أن فنزويلا “ستفرض احترام حقوقها في حرية التجارة والملاحة وفقاً للقانون الدولي”، وأن الشعب الفنزويلي سيواصل الدفاع عن حقه في التنمية والسيادة.

من جهتها، أعلنت شركة النفط الوطنية PDVSA أن ناقلاتها تواصل الإبحار بأمان تام نحو الأسواق الآسيوية والأوروبية، فيما كشفت بيانات ملاحية لوكالة “رويترز” أن ناقلة مشتقات نفط فنزويلية غادرت الموانئ متجهة إلى أوروبا، في تحدٍّ مباشر للحصار الأمريكي.

البيت الأبيض كان قد أعلن أمس عن “فرض حصار شامل على جميع ناقلات النفط المتجهة إلى فنزويلا أو القادمة منها”، مع تعزيز الانتشار العسكري الأمريكي في البحر الكاريبي. وقال ترامب في خطاب متلفز إن الأسطول البحري الأمريكي “سيزداد حجماً حتى تعيد فنزويلا كل النفط والأراضي والأصول التي سرقتها منا سابقاً”، في تصريح فُسِّر على أنه تهديد صريح بالتدخل العسكري المباشر.

وفي ردّ سريع، أدانت إيران بشدة التهديدات الأمريكية، ووصفتها بأنها “مظاهر فاضحة لسياسة القوة والترهيب” التي تنتهجها واشنطن ضد الدول المستقلة. وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان رسمي أن هذه الإجراءات تمثل “انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، مشيرة إلى أن استمرار هذا النهج العدواني “سيؤدي إلى تطبيع الفوضى في العلاقات الدولية” إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل مسؤول.

أما الصين، فقد أعلنت على لسان وزير خارجيتها وانغ يي معارضتها لما سمّته “أسلوب الترهيب الأحادي” الذي تمارسه الولايات المتحدة، مؤكدة دعمها الكامل لفنزويلا في حماية سيادتها الوطنية وحقوقها الاقتصادية. وقال وانغ، عقب مكالمة هاتفية مع نظيره الفنزويلي إيفان خيل، إن “الصين وفنزويلا شريكان استراتيجيان تجمعهما الثقة المتبادلة، والمجتمع الدولي يدعم موقف فنزويلا في الدفاع عن مصالحها المشروعة”.

وفي هافانا، رفض وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز تمديد العقوبات الأوروبية ضد فنزويلا، واصفاً إياها بأنها “تخدم المصالح العدوانية والاستعمارية الجديدة للولايات المتحدة”، داعياً إلى تضامن دولي في وجه الهيمنة الأمريكية المتجددة في أمريكا اللاتينية.

من جهتها، أعربت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم عن قلقها من احتمالات الانزلاق إلى مواجهة عسكرية في البحر الكاريبي، مطالبة الأمم المتحدة “بمنع إراقة الدماء”، ومؤكدة أن موقف المكسيك المبدئي “هو رفض التدخل الأجنبي والدعوة إلى الحوار كسبيل وحيد لحل النزاعات الدولية”.

ويأتي هذا التصعيد في وقتٍ نفّذت فيه القوات الأمريكية غارات على ثلاث سفن في شرق المحيط الهادئ بذريعة مكافحة تهريب المخدرات، أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص، ما اعتبرته كراكاس مقدمة لعمليات عدوانية أوسع تحت غطاء أمني مزيف.

المشهد الحالي يضع المنطقة على حافة مواجهة مفتوحة بين واشنطن ومحور كراكاس – هافانا – بكين – طهران، في وقت تتصاعد فيه الأصوات داخل أمريكا اللاتينية محذّرة من عودة “عقيدة مونرو” بثوب جديد، تسعى من خلالها واشنطن لإخضاع القارة لمصالحها النفطية والاستراتيجية.

في هذا السياق، يرى مراقبون أن ما يجري ليس مجرد أزمة نفط، بل حرب جيوسياسية باردة جديدة، حيث تسعى فنزويلا لتثبيت معادلة الردع عبر تحالفاتها الدفاعية مع روسيا وإيران والصين، بينما تراهن واشنطن على الحصار الاقتصادي والعزل الدبلوماسي لإسقاط النظام البوليفاري من الداخل.

وبينما تتجه الأساطيل وتتصاعد البيانات، يبقى البحر الكاريبي على فوهة بركان سياسي وعسكري قد يعيد رسم خريطة النفوذ في نصف الكرة الغربي، لتصبح فنزويلا — مجدداً — خط التماس الأول في معركة الإرادات بين الشرق والغرب.

حرب الإبادة تطحن السودان في عامها الثالث: أكثر من 14 مليون مهجَّر و21 مليوناً في فخّ الجوع تحت نار الدعم السريع

بعد ما يقارب ثلاثة أعوام على اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتجه السودان ليكون ساحة واحدة من أسرع الأزمات الإنسانية نمواً في العالم، في مشهد تتداخل فيه الآلة العسكرية مع حرب التجويع والتهجير المنهجي ضدّ المدنيين، وسط عجز دولي وفشل متكرر في وقف النزيف.

فبحسب أحدث بيانات الأمم المتحدة، يعيش ما لا يقل عن 21.2 مليون سوداني تحت وطأة انعدام حاد في الأمن الغذائي، أي ما يقارب 45% من إجمالي السكان، فيما تحوّل النزوح إلى ظاهرة جماعية شملت نحو 14 مليون شخص بين نازح ولاجئ، لتضع البلاد على حافة انهيار إنساني شامل يهدد وجود الدولة نفسها.

في الداخل، تؤكد المنظمة الدولية للهجرة أن السودان يواجه اليوم أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مع تسجيل أكثر من 9.5 ملايين نازح موزعين على 10,929 موقعاً في 185 محلية تمتد عبر الولايات الثماني عشرة للبلاد، يتقدمها إقليم دارفور الذي استقبل وحده ملايين الفارين من جحيم المعارك. فقد لجأ نحو 1.84 مليون شخص إلى جنوب دارفور، و1.75 مليون إلى شمال دارفور، إضافة إلى نحو 978 ألفاً في وسط دارفور، بينما يشكل الأطفال أكثر من نصف النازحين (51%)، في دلالة على أن الحرب تستهدف مستقبل المجتمع السوداني قبل حاضره.

أما خارج الحدود، فقد اضطر نحو 4.34 ملايين شخص للفرار إلى دول الجوار، ليرتفع عدد المقتلعين من ديارهم إلى قرابة 14 مليون إنسان، أي ما يزيد على ربع سكان السودان البالغ عددهم نحو 51 مليون نسمة. وتتصدر مصر قائمة الدول المستقبِلة بنحو 1.5 مليون لاجئ، تليها جنوب السودان بحوالي 1.25 مليون، ثم تشاد بنحو 1.2 مليون، بينما يشكل السودانيون 70% من الفارين، مقابل 30% من جنسيات أخرى كانت تقيم في السودان قبل الحرب، ما يعكس حجم الانفجار الذي تجاوز الحدود الداخلية للدولة.

على جبهة التجويع، تشير تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الصادرة في سبتمبر/أيلول 2025 إلى أن 21.2 مليون شخص يواجهون مستويات مرتفعة من الجوع الحاد، بينهم 6.3 ملايين في المرحلة الرابعة (حالة طوارئ)، و375 ألفاً في المرحلة الخامسة (مرحلة المجاعة)، وهي أعلى درجات الخطر، حيث يترافق النقص الحاد في الغذاء مع سوء تغذية واسع النطاق وارتفاع معدلات الوفيات بسبب الجوع والمرض.

وتعيش مدينة الفاشر في شمال دارفور، ومدينة كادقلي في جنوب كردفان عملياً في حالة مجاعة فعلية، بينما تبدو الأوضاع في مدينة الدلنج القريبة لا تقل سوءاً، مع انقطاع طرق الإمداد وتفاقم نقص الغذاء يوماً بعد آخر.

وقد جاءت هذه الكارثة بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب حصار دام 18 شهراً استخدم فيه التجويع كسلاح حرب، قبل أن تُسجَّل مجازر وعمليات إعدام جماعي على أساس عِرقي وثقتها تقارير أممية وصور أقمار صناعية أظهرت بقع دماء واسعة وأماكن دفن جماعي، ما دفع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى التحذير من جرائم قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

وفي موازاة الحصار العسكري وحرب الغذاء، يشهد السودان انهياراً شبه كامل في القطاع الصحي. فلم يعد يعمل سوى أقل من 25% من المستشفيات، في وقت تتزايد فيه الحاجة الماسة إلى الرعاية الطبية نتيجة الجوع والأوبئة والإصابات الناجمة عن القصف والاشتباكات. وقد وثقت منظمة الصحة العالمية نحو 200 هجوم على منشآت ومرافق صحية وكوادر طبية، إلى جانب تدمير أو تضرر 20 سيارة إسعاف، ما حوّل العلاج إلى امتياز نادر لا يحصل عليه إلا القليل.

في هذا الفراغ الصحي، تفشّى وباء الكوليرا في أجزاء واسعة من البلاد، مسجلاً أكثر من 123 ألف إصابة مؤكدة وأكثر من 3,500 وفاة، في رقم يعكس أن القتل البطيء بالأوبئة لا يقل خطورة عن القتل المباشر بالسلاح. ومع كل يوم إضافي من الحرب، تتسع رقعة المرض والجوع والنزوح، بينما تزداد صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية بفعل تقييد حركة المنظمات واستهداف الممرات الآمنة.

اندلعت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، لكن ما بدأ كصراع على السلطة والنفوذ في الخرطوم سرعان ما تحول إلى حرب شاملة تمزّق جسد السودان إلى جبهات متعددة، خاصة في دارفور وكردفان، حيث ارتبط اسم قوات الدعم السريع بـ انتهاكات واسعة النطاق تقول الأمم المتحدة إن بعضها قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

وبالأرقام والوقائع، يبدو أن السودان يواجه اليوم حرب استنزاف مركّبة: حرب رصاص وقذائف في المدن والأرياف، وحرب تجويع وحصار تمحو ما تبقى من مقومات الحياة، وحرب نزوح وتشريد تقتلع الملايين من جذورهم، فيما يقف المجتمع الدولي أمام واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية المعاصرة دون أن يلوح في الأفق أفق سياسي جاد لوقف إطلاق النار أو حماية المدنيين، لتبقى ملايين الأرواح معلّقة بين الجوع والرصاص والخذلان الدولي.

الجمعة.. مسيرات “نفير واستنفار نصرةً للقرآن وفلسطين” في عموم المحافظات

دعت اللجنة المنظمة للفعاليات أبناء الشعب اليمني إلى خروجٍ جماهيري واسع في مسيرات مليونية تحت شعار “نفير واستنفار نصرةً للقرآن وفلسطين” عصر يوم الجمعة في ساحات وعواصم المحافظات، تأكيداً على الموقف الشعبي الثابت في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والقضية الفلسطينية.

وحددت اللجنة المنظمة ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء مكاناً لإحتشاد الرجال، وساحة غرب حديقة الثورة مكانا لاحتشاد النساء، اضافة الى ساحات الاحتشاد المعهودة في جميع المحافظات اليمنية.

وأوضحت اللجنة أن هذه الفعالية تأتي استجابةً لدعوة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، الذي دعا في بيانٍ صدر مساء أمس إلى “جمعة غضب كبرى” رداً على الإساءة للمقدسات الإسلامية ورفضاً لـ تواطؤ المنظومة الغربية مع كل ما يستهدف القيم العليا للإسلام وحضارته.

وتزامن هذا التحرك مع موجة غضب عارمة أثارتها حادثةٌ مروّعة في الولايات المتحدة، تمثلت في ظهور المدعو “جيك لانغ” المرشح عن الحزب الجمهوري لمقعد مجلس الشيوخ في ولاية فلوريدا، في مقطع فيديو وهو يضع نسخة من المصحف الشريف في فم خنزير خلال تظاهرةٍ معادية للإسلام في مدينة بلانو بمقاطعة كولين في ولاية تكساس الأمريكية، في مشهد اعتُبر استفزازاً صارخاً وعدواناً سافراً على مشاعر المسلمين.

وقد لقي هذا الفعل إدانة واسعة من منظمات حقوقية وشرائح اجتماعية مختلفة، التي صنّفته ضمن أعمال التحريض على الكراهية الدينية، مؤكدة أن الاعتداء على القرآن الكريم لا يمتّ بصلة لأي جدل فكري أو نقاش حضاري، بل يعبّر عن خطاب تطرف وعنصرية يستهدف أكثر من مليار مسلم حول العالم.

كما أثارت الحادثة جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تداول ناشطون المقطع المصوَّر وانهالت التعليقات المنددة بما وصفته قطاعات واسعة بأنه “جريمة معنوية بحق كتاب الله وإهانة مباشرة لأمة بأكملها”.

وتؤكد دعوة اللجنة المنظمة أن مسيرات الجمعة المقبلة ستكون رسالة غضب وكرامة بأن المساس بالمصحف الشريف خط أحمر، وأن الشعب اليمني سيبقى في طليعة المدافعين عن القرآن الكريم وفلسطين وقضايا الأمة، قولاً وفعلاً، في الميدان والموقف معاً.

السياسي الأعلى يتهم واشنطن بتأجيج “الحرب على الإسلام” عبر الإساءة للقرآن الكريم

أدان المجلس السياسي الأعلى بأشد العبارات الجريمة الأمريكية الجديدة التي ارتكبها أحد المرشحين للرئاسة في الولايات المتحدة بالإساءة العلنية للقرآن الكريم، معتبراً أن ما جرى اعتداء سافراً على أقدس مقدسات المسلمين واستفزازاً مباشراً لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم.

وأكد المجلس في بيان رسمي أن هذه الجريمة ليست عملاً فردياً معزولاً بل تأتي ضمن سلسلة ممنهجة من الانتهاكات التي تقودها قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، في إطار حرب فكرية وثقافية تستهدف الإسلام ومقدساته وتعمل على تشويه الهوية الإيمانية للأمة الإسلامية.

وأشار البيان إلى أن ما يُرتكب من إساءات للقرآن الكريم يقترن بالحروب العسكرية والسياسية التي تُشن على الشعوب الحرة، وفي مقدمتها فلسطين واليمن وسوريا ولبنان، بما يؤكد أن ما يسمى “حرية التعبير” لدى الغرب مجرد غطاء لسياسات عدائية تُدار لخدمة المشروع الصهيوني في المنطقة.

وحمل المجلس السياسي الأعلى الإدارة الأمريكية المسؤولية السياسية والأخلاقية الكاملة عن السماح بمثل هذه الجرائم المشينة، مؤكداً أن تكرارها دليل على تورط مؤسسات رسمية في دعم خطاب الكراهية والتحريض على الأديان.

وشدد على أن هذه الإساءة لن تنال من مكانة القرآن الكريم ولن تضعف ارتباط الأمة به، بل ستزيد المؤمنين إيماناً وتمسكاً بدينهم ووعياً بطبيعة العدو الذي يستهدفهم في دينهم وكرامتهم وسيادتهم.

وأكد البيان أن الشعب اليمني، الذي يخوض منذ سنوات معركة وجود ضد قوى الاستكبار الأمريكي والإسرائيلي وأدواتهم الإقليمية، لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا العدوان الثقافي، وأن الرد سيكون بالموقف الواعي والتحرك الشعبي الواسع نصرةً لكتاب الله، استجابةً لدعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، للتحشيد الشعبي في كافة المحافظات والخروج الكبير يوم الجمعة القادم تعبيراً عن الغضب الإيماني، وتأكيداً على الارتباط العميق بالقرآن الكريم ومواجهة الحرب الفكرية الأمريكية الصهيونية.

وأشار المجلس إلى أن هذه المواقف تمثل معركة وعي ومصير لا تقل خطورة عن المواجهة العسكرية، وأن المعركة الفكرية اليوم هي امتداد لجبهات الدفاع عن السيادة والكرامة والهوية الإيمانية التي يخوضها الشعب اليمني وشعوب الأمة الحرة في وجه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.

وختم المجلس السياسي الأعلى بيانه بالتأكيد على أن القرآن الكريم سيبقى الكتاب الخالد الذي يهزم الباطل مهما تعددت أدواته وأشكاله، وأن اليمن ـ قيادةً وشعباً ـ سيظل في طليعة المدافعين عن الإسلام ومقدساته حتى إسقاط المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

اصدار حكماً بالإعدام على “تاجر مخدرات” ومصادرة أمواله وادانة خمسة آخرين

اصدار حكماً بالإعدام على "تاجر مخدرات" ومصادرة أمواله وادانة خمسة آخرين

أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في أمانة العاصمة صنعاء، برئاسة القاضي عبدالله الحمزي، اليوم الأربعاء، حكماً قضائياً حازماً في واحدة من أبرز قضايا المخدرات، تضمن إعدام تاجر مخدرات ومصادرة أمواله، وسجن عدد من المتورطين بتهم تتعلق بالاتجار والتعاطي وغسل الأموال.

وقضت المحكمة بإعدام المتهم أحمد عابد عايض مسفر الضبيان رمياً بالرصاص تعزيراً، بعد إدانته بجرم شراء وحيازة ونقل وبيع مادتي الحشيش والكبتاجون بقصد الاتجار، كما ألزمت بمصادرة جميع أمواله المنقولة والعقارية المثبتة في محاضر الحجز.

كما حكمت المحكمة على المتهم عبدالله علي صالح الحمدي بالسجن 25 عاماً بعد إدانته في قضية الاتجار بالمخدرات، فيما أدانت كلاً من محمد علي صالح المقدشي، وفهد داوود عثمان دمح، ويحيى محمد داوود مملح بجرم حيازة الحشيش بقصد التعاطي، وقضت بسجنهم خمس سنوات تبدأ من تاريخ القبض عليهم.

أما المتهم حمد عابد أحمد عايض الضبيان، فقد أدانته المحكمة بجرم غسل الأموال المتحصلة من تجارة المخدرات لصالح المحكوم عليه الأول، وحكمت عليه بالسجن لمدة عامين تبدأ من تاريخ توقيفه.

كما تضمن الحكم إلزام النيابة العامة بالتعاون مع الدائرة الثقافية وإصلاحية السجون بتنظيم دورات تأهيلية وتوعوية للمحكوم عليهم أثناء تنفيذ العقوبة، ورفع تقارير سلوكية دورية كل ثلاثة أشهر، إضافة إلى دعوة الجهات الإعلامية والثقافية والإرشادية لإطلاق حملات توعية مجتمعية حول مخاطر المخدرات وأثرها المدمر على الأفراد والمجتمع والاقتصاد الوطني.

ويأتي هذا الحكم في إطار تشديد صنعاء لإجراءاتها القضائية والأمنية لمكافحة تجارة المخدرات، التي تعتبرها من أخطر أدوات الحرب الناعمة التي تستهدف المجتمع اليمني وأمنه القومي.

ورد الآن.. اقتراب “المواجهة الكبرى” بدخول قوى “عالمية وعربية” جديدة مع دفع تعزيزات عسكرية “شمالية ضخمة” وسط محاولة حرف البوصلة “لمواجهة الحوثي” (تفاصيل جديدة)

ورد الآن.. اقتراب "المواجهة الكبرى" بدفع تعزيزات عسكرية "شمالية ضخمة" وسط محاولة حرف البوصلة "لمواجهة الحوثي" مع دخول قوى دولية كبرى (تفاصيل جديدة)
تعزيزات عسكرية سعودية إلى مأرب عبر منفذ الوديعة

احتدم الصراع من جديد بين فصائل مرتزقة العدوان المدعومة من السعودية والإمارات، مع دفع السعودية تحشيدات عسكرية جديدة من المناطق الشمالية، وسط تصعيد جديد للانتقالي بدعم إسرائيلي مباشر، مع دخول روسيا وإيران المشهد وتلويح مصري بتدخل مباشر.

ويشهد شرق اليمن تصعيداً عسكرياً وسياسياً غير مسبوق، وسط احتدام الصراع بين فصائل المرتزقة الموالية للسعودية والإمارات، وتبادل الاتهامات والخطط الميدانية في سباق محموم على السيطرة والنفوذ. التطورات الأخيرة تشير إلى أن التحالف القديم ينهار من الداخل، فيما تتحول حضرموت والمهرة إلى مسرح مواجهة إقليمية ودولية مفتوحة.

ودفعت السعودية خلال الأيام الأخيرة بتعزيزات عسكرية ضخمة قادمة من مأرب والجوف والمناطق الحدودية الشمالية، بعد إعادة تشكيلها تحت مسمى “قوات درع الوطن”، ونقلها إلى مناطق العبر والوديعة في صحراء حضرموت. تأتي هذه الخطوة تزامناً مع بدء الفصائل الانفصالية التابعة للإمارات إخلاء مواقعها في مديريات وادي حضرموت، وتحديداً في الخشعة، التي تمثل نقطة الفصل بين الوادي والساحل، وذلك إثر إنذارات سعودية مباشرة عبر طلعات جوية ألقت قنابل دخانية تحذيرية فوق مواقعهم.

ويُنظر إلى هذا التحرك بوصفه محاولة سعودية لاستعادة زمام المبادرة شرق اليمن، وإعادة رسم خريطة السيطرة على خطوط النفط والموانئ الاستراتيجية، في مواجهة تمدد النفوذ الإماراتي الذي يهدد بتغيير موازين القوى. ويرى مراقبون أن الرياض تسعى إلى إنهاء هيمنة الفصائل الجنوبية وإعادة تموضع قواتها الشمالية لتثبيت نفوذها الدائم في تلك المناطق.

على الصعيد السياسي، اشتعلت الأزمة بين الرياض وأبوظبي مجدداً بعد تسريبات عن لقاء مرتقب بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس مجلس القيادة رشاد العليمي لإعادته إلى واجهة المشهد، وهو ما اعتبرته الإمارات تحدياً صريحاً لمشروعها في الجنوب. المستشار الإماراتي عبد الخالق عبد الله وصف “الشرعية” بأنها عبء على التحالف، في تصريح فُسّر على أنه رسالة غضب من أبوظبي إزاء التحركات السعودية المتفردة.

في المقابل، يواصل عيدروس الزبيدي تحركاته السياسية والعسكرية في اتجاه الشمال، محاولاً خلط الأوراق وخلق جبهة متعددة الولاءات تحت شعار “مواجهة الحوثيين”، بينما الهدف الحقيقي هو استنزاف القوى اليمنية وتفتيت الجبهة الداخلية لتمهيد الطريق أمام إعلان الانفصال الكامل. وقد التقى الزبيدي مؤخراً عدداً من قيادات حزب الإصلاح والمؤتمر، في خطوة وصفت بأنها محاولة لاختراق المشهد السياسي الشمالي لصالح الأجندة الإماراتية.

التطور الأخطر تمثل في دخول إسرائيل العلني على خط الصراع. فقد كشفت هيئة البث العسكرية الإسرائيلية عن نقاشات مباشرة بين جيش الاحتلال والمجلس الانتقالي الجنوبي بشأن دعم عسكري وأمني واقتصادي لتأسيس كيان انفصالي موالٍ للإمارات، مقابل التزامات بضمان حرية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن ومواجهة القوى المناهضة للاحتلال في المنطقة.

كما أكدت مصادر مطلعة أن المرتزق خالد اليماني، وزير خارجية المرتزقة الأسبق، تم تكليفه بمهام “سفير غير معلن” للانتقالي لدى العدو الإسرائيلي، وأنه أجرى زيارات سرية إلى تل أبيب وواشنطن، التقى خلالها مسؤولين من الموساد والكنيست لتسويق مشروع الانفصال في المحافل الدولية.

ورغم هذا التقارب، فإن الأوساط الإسرائيلية أبدت تشكيكاً في قدرة الانتقالي على الصمود أو تحقيق مكاسب استراتيجية. فقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن السيطرة على المهرة وحضرموت لن توفر لإسرائيل سوى نفوذ محدود على الممرات البحرية، محذّرة من الانخراط المباشر في الملف اليمني، وداعية إلى الاكتفاء بالتنسيق غير المعلن مع الإمارات في إطار “تحالف الظل”.

في المقابل، تحركت روسيا وإيران بثقل دبلوماسي متزايد بطلب سعودي مباشر لاحتواء التصعيد الإماراتي ووقف محاولات واشنطن فرض أمر واقع يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي. وكشفت مصادر غربية عن تحضيرات لعقد قمة روسية–إيرانية في العاصمة السعودية لمناقشة الوضع في البحرين العربي والأحمر، حيث حصل سفيرا البلدين في الرياض على تفويض لعقد اجتماعات استثنائية مع وزير الخارجية السعودي. هذه الخطوة تأتي في سياق المناورة السعودية لكسر الطوق الأمريكي وتوسيع هامش تحالفاتها مع القوى المنافسة للغرب بعد الاتفاق مع طهران بوساطة صينية.

وتعكس هذه التحركات أن شرق اليمن بات ساحة صراع مفتوحة بين محور واشنطن–تل أبيب–أبوظبي من جهة، ومحور الرياض–طهران–موسكو من جهة أخرى، في معركة تتجاوز حدود اليمن إلى صراع جيوسياسي على موارد الطاقة وخطوط الملاحة الحيوية التي تربط البحر العربي بالمحيط الهندي.

وفي تطور جديد، دخلت مصر رسمياً على خط المواجهة السياسية محذّرة من تداعيات المشروع الانفصالي الإماراتي. فقد نشرت صحيفة الأهرام، الناطقة باسم الدولة المصرية، افتتاحية حادة وصفت فيها سيطرة الفصائل المدعومة من أبوظبي على شرق اليمن بأنها “جرس إنذار خطير يهدد أمن الخليج والبحر الأحمر ومصر نفسها”، داعية إلى تدخل عربي عاجل لوقف الانقلاب على وحدة اليمن ومنع الفوضى في الممرات البحرية.

الموقف المصري جاء بعد أسابيع من تحركات أردنية لدعم الفصائل الموالية للسعودية شرقي البلاد، في إطار ما يُعتبر اصطفافاً عربياً متنامياً ضد المشروع الإماراتي–الإسرائيلي في المنطقة.

ويؤكد هذا التنامي في المواقف أن الخطر لم يعد يمنياً فحسب، بل إقليمياً يهدد أمن البحر الأحمر وخطوط التجارة الدولية، وأن تحركات الإمارات والانتقالي نحو التحالف العلني مع الكيان الإسرائيلي أيقظت المخاوف من مخطط يرمي إلى تحويل جنوب اليمن إلى قاعدة استخباراتية وعسكرية تخدم الاحتلال في معركته ضد محور المقاومة.

المشهد الراهن ينذر بـ انفجار شامل في الجبهة الشرقية لليمن، حيث تتقاطع المصالح وتتناقض الأجندات، وتتحرك القوى الكبرى في صراع مفتوح على الأرض اليمنية. ومع استمرار تدفق القوات والتحشيدات، ودخول أطراف جديدة على خط المواجهة، تبدو معركة “القبضة المشتعلة” مرشحة لأن تكون الفصل الأخطر في حرب النفوذ التي تعصف بالمنطقة بأكملها.

جزائية صنعاء تفتح ملف أخطر شبكة تخابر: أجهزة تنصّت وأموال ذهبية في خدمة المخابرات البريطانية والسعودية

استعرضت المحكمة الجزائية المتخصصة في أمانة العاصمة صنعاء، اليوم الأربعاء، أدلة الإثبات في قضية المتهمين بالتخابر مع العدو ضمن خلية تجسس تابعة للمخابرات البريطانية، في واحدة من أبرز القضايا الأمنية التي تكشف حجم الاستهداف الخارجي للمركز السياسي والعسكري للجمهورية اليمنية.

وفي الجلسة الأولى برئاسة القاضي حسين القعل، وبحضور عضو النيابة القاضي هلال العبيدي، تمت مواجهة المتهمين بحضور محاميهم بالأدلة المادية، والتي شملت أجهزة تنصّت وتصوير سرية، وبرامج لتحديد المواقع، قُدمت لهم من ضباط أجانب لاستخدامها في تنفيذ مهام التجسس.

واستمعت المحكمة إلى ردود المتهمين: علي صالح مسعد العماري، أحمد خالد محمد الزراري، عارف عبدالله عبده القدسي، حمير علي سعد السياني، سليمان أحمد مهيوب مغلس، صدام صادق مصلح الصيادي، إضافة إلى مرافعات محاميهم وتعقيب النيابة، قبل أن تقرر منحهم فرصة أخرى لتقديم دفوعهم في الجلسة القادمة.

وفي الجلسة الثانية برئاسة القاضي عبدالله الحمزي، وبحضور عضو النيابة القاضي نصر القاسمي، تمت مواجهة المتهمين: محمد علي أحمد البعلول، محسن قاسم عبده المقطري، عبدالرحمن أحمد فتح شاكر، بالأدلة المادية ذاتها، والتي تضمنت أيضاً أجهزة تنصت وتصوير، وتسجيلات ومحادثات عبر أجهزة الاتصالات باستخدام برامج سرية سلمها لهم ضباط أجانب.

واستمعت المحكمة إلى ردود وطلبات المتهمين ومحاميهم، وقررت منحهم مهلة لتقديم دفوعهم في الجلسة المقبلة، تمهيداً لاستكمال الإجراءات القضائية في ملف يوصف بأنه من أخطر ملفات التخابر خلال السنوات الأخيرة.

وتشير لائحة الاتهام إلى أن المتهمين خلال الفترة من 2021 حتى 2025م، قد تخابروا مع السعودية وبريطانيا عبر ضباط مخابرات التقوا بهم في القاهرة والرياض، حيث اتفقوا على جمع ورصد معلومات عن شخصيات قيادية، ومواقع عسكرية وأمنية ومدنية في صنعاء، وتلقوا تدريبات متقدمة على أساليب المراقبة، والتواصل المشفر، واستخدام أجهزة تصوير وأدوات تتبع، كما زُوّدوا بتطبيقات ووسائل اتصال سرية، وسيارات مجهزة للبث المباشر.

وبحسب الاتهامات، فقد نفّذ المتهمون عمليات رصد لتحركات شخصيات ومواقع حساسة، وزرعوا أجهزة تتبع، وحاولوا اختراق شبكات محلية، ورفعوا تقارير وصوراً وإحداثيات عبر تطبيقات مشفرة، مقابل مبالغ مالية وسبائك ذهبية، في نشاط وصفته النيابة بأنه يستهدف الإضرار بالمركز الحربي والسياسي والاقتصادي للجمهورية اليمنية، إضافة إلى تجنيد عناصر أخرى للعمل لصالح أجهزة مخابرات أجنبية في إطار شبكة منظمة للتجسس والتخريب.

الضفة والقدس تحت نار الاقتحامات.. والاحتلال يصعّد سياسة الهدم والاعتقالات مع اتساع الاعتداءات الاستيطانية

تشهد الضفة الغربية والقدس المحتلة تصعيداً ميدانياً خطيراً في ظل حملة ممنهجة للاحتلال الإسرائيلي تتضمن عمليات هدم واعتقالات واقتحامات متزامنة مع اعتداءات عنيفة نفذها المستوطنون بحق ممتلكات الفلسطينيين، في مشهد يعكس استمرار سياسة العقاب الجماعي ومحاولات فرض واقع أمني جديد على الأرض.

ففي بلدة بدّو شمال غربي القدس المحتلة، شرعت قوات الاحتلال صباح اليوم الأربعاء بعمليات هدمٍ واسعةٍ تستهدف منازل الفلسطينيين بحجة عدم الترخيص، في إطار سياسة تهويدٍ ممنهجة تستهدف تفريغ المدينة من سكانها الأصليين وتوسيع المستوطنات المحيطة بها.

وفي رام الله، أقدم مستوطنون متطرفون على إحراق مركبات فلسطينية وخطّ شعارات عنصرية في قرية عين يبرود شمال شرق المدينة، ضمن سلسلة هجمات إرهابية متكررة ينفذها المستوطنون تحت حماية جيش الاحتلال، ما أدى إلى موجة غضبٍ شعبي واستنفارٍ ميداني.

أما في نابلس، فقد نفذت قوات الاحتلال حملة اقتحامات واعتقالات واسعة طالت عدداً من المواطنين، بينهم مسنّ يبلغ من العمر سبعين عاماً، بعد مداهمة منازلهم والاعتداء عليهم بالضرب، فيما سلّمت مخابرات الاحتلال استدعاءات لآخرين للتحقيق. كما اقتحمت البلدة القديمة ومحيطها وسط انتشار عسكري كثيف وتحليقٍ للطائرات الاستطلاعية.

وامتدت الاعتداءات إلى الخليل وسلفيت وجنين، حيث داهمت قوات الاحتلال مخيمات الفوار والعروب وبلدة يطا جنوب الخليل، وقامت بتكسير محتويات شركة صرافة ومنازل المواطنين، في حين اقتحمت بلدتي دير استيا وحارس شمال غرب سلفيت، واعتدت على الأهالي بالضرب والتحقيق الميداني.

وفي جنين، نفذت وحدة خاصة للاحتلال الإسرائيلي عملية اقتحام للحي الشرقي فجر اليوم، تبعتها تعزيزات عسكرية ضخمة، ما اضطر مديرية التربية والتعليم إلى تأجيل الدوام المدرسي حفاظاً على سلامة الطلبة، بعد أن حولت قوات الاحتلال أحد المنازل إلى ثكنة عسكرية وشرعت بحملة تفتيش واعتقال واسعة.

ويأتي هذا التصعيد في وقتٍ تتصاعد فيه الانتهاكات الإسرائيلية بالضفة الغربية منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ تشير المعطيات إلى استشهاد أكثر من ألف فلسطيني برصاص قوات الاحتلال والمستوطنين، وسط اتهامات دولية لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب تشمل القتل خارج القانون والهدم القسري والاعتقال التعسفي.

وفي مقابل هذا المشهد الدموي، تستعد مدينة بيت لحم لاحتفالات عيد الميلاد وسط آمال ضعيفة بانتعاش السياحة والاقتصاد بعد عامين من الركود بسبب حرب الإبادة على غزة. فقد أُضيئت شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد، بينما تواصل الكنائس والمؤسسات المسيحية استعداداتها لاحتفالات 24 ديسمبر، تحت شعار “الأمل والمحبة والسلام لأهل فلسطين”، في رسالة إنسانية تحمل دعوةً للحياة وسط الدمار والحصار.

رئيس بلدية بيت لحم ماهر قنواتي أكد أن رسالة المدينة إلى العالم هي أن الفلسطينيين شعب يحب الحياة والسلام رغم الجراح، فيما شدّد الأب عيسى ثلجية على أن أعياد الميلاد هذا العام “تحمل نور الرجاء في مواجهة الظلم والاحتلال”.

ورغم هذه الروح المفعمة بالأمل، يبقى الواقع الاقتصادي قاتماً، إذ يقول تجار وسكان محليون إن عدد الحافلات السياحية انخفض من أكثر من مئة يومياً إلى أقل من خمس حافلات حالياً، ما جعل المدينة تعيش ركوداً غير مسبوق، في حين يأمل أصحاب الفنادق أن يشكل موسم الأعياد بارقة أمل تعيد بعض النشاط إلى بيت لحم التي أنهكتها الحروب والأزمات.

وبينما يحتفل الفلسطينيون بالأمل في مدينة السلام، تتواصل عمليات القتل والهدم والاعتقال في الضفة والقدس، لتؤكد أن الاحتلال ماضٍ في مشروعه الدموي لفرض واقع استيطاني جديد، فيما يقف المجتمع الدولي عاجزاً أمام انتهاكات يومية تجمع بين إرهاب الدولة وجرائم المستوطنين تحت مظلة الصمت العالمي.