المشهد اليمني الأول/

دليلاً على المعنويات العالية في الميدان تجاوز وزير الدفاع في حكومة صنعاء اللواء الركن محمد ناصر العاطفي الحدود مع السعودية وقام بتفقد مقاتلي الجيش واللجان الشعبية لإثبات سيطرتهم على عدد كبير من المواقع السعودية خلف الحدود مؤكداً أن النصر بات قريباً ولن يطول تحقيقه أكثر من أشهر معدودة.

خسائر قوات التحالف السعودي في المعارك التي تجري ضمن ثلاث مناطق حدودية بين نجران وجيزان وعسير تضاعفت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الماضية بعد تقدّم الجيش واللجان الشعبية على الجبهات وتسجيل القدرة على الردع عبر الطائرات المسيّرة وفي جبهات الميدان.

المعارك خلف الحدود أدّت إلى مقتل 70 جندياً سعودياً بينهم قيادات رفيعة بحسب وزارة الدفاع اليمنية. إلى جانب ذلك أسقطت المضادات الجوية في قوات حكومة صنعاء طائرة مسيرة سعودية قبالة جبل السديس الحدودي في نجران وأخرى أميركية في أجواء الحديدة. مصدر عسكري يؤكد أن الجيش يسيطر على عدد من المواقع والتلال قبالة جبل قيس بجيزان السعودية.

أعلن الحوثيون مساء السبت مقتل وجرح العشرات من جنود الجيش السعودي والقوات الموالية للتحالف وتدمير آليات عسكرية وإغتنام كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة في جبهة ميدي الحدودية بمحافظة حجة شمال غربي البلاد.

ونقلت مصادر عن مصدر عسكري قوله إن “قوات الجيش واللجان الشعبية أحبطت زحف واسع استمر منذ ليل الجمعة حتى مساء السبت شارك فيه الجيش السعودي والقوات السودانية وسبعة ألوية من المرتزقة اليمنيين من ثلاثة إتجاهات وبعرض يتعدى 40 كيلو متر في صحراء ميدي”.

وبحسب المصدر فإن الزحف على صحراء ميدي استمر أكثر من 20 ساعة بمساندة الطيران الحربي مؤكداً سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش السعودي والقوات الموالية للتحالف من سودانيين ويمنيين، وأسر عدد آخر، واغتنام عتاد حربي كبير وتدمير آليات متنوعة لا تزال في ساحة المواجهة بصحراء ميدي.

الخسائر التي تتكبدها السعودية وحليفتها الامارات في عدوانهما على اليمن تسفر عن رفع الغطاء عن عدوان التحالف السعودي وتثمر بزيادة المعارضة للعدوان في الدول الداعمة ولا سيما في أميركا وبريطانيا وفرنسا حيث بدأت تزداد الضغوط على إدارة ترامب وعلى الحكومات ضد مبيعات السلاح وضد دعم العدوان السعودي على اليمن.

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اضطر تحت هذه الضغوط من الهيئات الإنسانية والحقوقية إلى الدعوة لوقف الحرب على اليمن التي وصفها بأنها “حرب قذرة”ً مطالباً السعودية والإمارات بالعمل على وضع حدّ لهذه الحرب الدائرة منذ سنوات في اليمن.

ما نطق به لودريان جاء بعدما كشفت وسائل الإعلام الفرنسية عن تحقيق مطوّل أجراه موقع مجلة ديسكلوز» الاستقصائية، بالتعاون مع «راديو إنتر» الفرنسي عن دور السلاح الفرنسي في حرب اليمن.

تصريحات لودريان أتت بعد أيام فقط من إعلان وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي بأن “كل الجهود الفرنسية وجهود المجتمع الدولي تسعى لإيقاف الحرب في اليمن وإيجاد حل سياسي”.

بدورها نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين – أن الخارجية الأميركية أجبرت مسؤولاً بارزاً لديها على الاستقالة من منصبه على خلفية دوره لصياغة قرار طوارئ يسمح لإدارة دونالد ترامب ببيع السعودية والإمارات أسلحة بقيمة ثمانية مليارات دولار، دون العودة إلى الكونغرس وفقاً للإجراء المعتاد.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن هؤلاء المسؤولين قولهم إن تشارلز فولكنر -الذي مثل سابقًا شركة ريثيون- كان ضمن الفريق الذي أقنع وزير الخارجية مايك بومبيو بأن الرياض وأبو ظبي تلبيان الشروط الأميركية في ما يخص استخدام الأسلحة الأميركية في حرب اليمن.

لكن ما أثار الجدل الحاد بين الحلفاء هو الأداء السياسي البريطاني مُمثّلاً بالسفير لدى اليمن مايكل آرون، والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ليبلغ الخلاف ذروته مع توجيه حكومة الرئيس عبد ربه هادي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة شكت فيها ما سمّتها تجاوزات غريفيث.

اللافت أيضاً أن الامارات فقدت ورقتها التي استخدمتها في جنوب اليمن بدعوى دعم الشرعية.

القيادي في الحراك الجنوبي العميد علي محمد السعدي يشنّ هجوماً عنيفاً ضد الامارات واصفاً وجودها في عدن والمحافظات اليمنية الأخرى بالاحتلال.

السعدي اختار مواقع التواصل الاجتماعي ليقول “من يظن أن سخاء الإمارات له من أجل سواد عيونه فهو يعيش في عالم آخر، وغداً سيفوق في الوقت الضائع وقد وقع الفأس في الرأس” مضيفاً الإمارات دولة صغيرة تنفذ سياسة غيرها.

كما ختم السعدي قائلاً “سيرحلون من بلدنا وسترحل السعودية”.

أمام هذه المتغيرات السياسية والميدانية حيث تزداد الضغوط على الدول الغربية الداعمة لعدوان التحالف السعودي يترنّح العدوان على جبهات القتال.

رسائل يمنية من مشارف نجران

الزيارة التي قام بها وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي الى مشارف مدينة نجران وتفقده القوات اليمنية هناك تحمل في طياتها رسائل هامة للجانب السعودي خاصة وأنها تأتي بعد أربعة أعوام ونصف من العدوان السعودي على اليمن والتي كان حينها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعتقد بأنه سيجتث اليمنيين خلال أسابيع معدودة.

وقد أكدت زيارة اللواء العاطفي للقوات المرابطة على مشارف المدينة أن الشعب اليمني رغم الجراح لا زال قوياً وصامداً وأن النصر حليفه في هذه الحرب حيث استطاع بإمكانياته الذاتية المحدودة قلب الموازين والثبات في أحلك الظروف.

ويعد حضور اللواء العاطفي في هذه المواقع المتقدمة والمشرفة على المدينة انتصاراً بحد ذاته خاصةً وأن السعوديين كانوا قد دفعوا بآلاف مؤلفة من الجنود إلى هذه المواقع بهدف التقدم في العمق اليمني والسيطرة على محافظة صعدة والمناطق الحدودية في الجوف وحجة وعمل السعوديون بإشراف عسكري أمريكي وبريطاني وفرنسي من خلال إدارتهم للمعركة بمجموعات عسكرية متواجده قرب الحدود على تشكيل عشرات الألوية العسكرية من المرتزقة اليمنيين المنتمين للتيارات للسلفية الجهادية والإخوان والجماعات التكفيرية والزج بهم إلى الخطوط الأمامية للمعركة في الحدود بغية حماية القوات السعودية ولكي يكونوا رأس حربة في المعركة للتقدم في العمق اليمني ولم تكتفِ السعودية بتشكيل هذه الجماعات التي يقدر عددها باكثر من سبعة آلاف مسلح, بل إنها أحضرت أيضا آلاف المرتزقة من مليشيات الجنجويد السودانية للقتال في الحدود وتتولى أيضا العديد من الدول تقديم دعم لوجستي ومعلوماتي لكل هذه الجيوش التي جمعتها السعودية وتشير المعلومات الى وجود آلاف من المرتزقة من باكستان وبنجلادش وغيرها من الدول الآسيوية كقوات مرتزقة لتقديم الدعم الوجستي للجيش السعودي في جنوب المملكة.

الإمارات أيضاً لها حضور عسكري داخل الحدود السعودية وتنشط من خلال ايجاد دعم لوجستي في إدارة المرتزقة وكذلك العمل مع الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين في إدارة هذه الجيوش وتقديم دعم واستشارات فنية وعسكرية وقتالية للمرتزقة والجيش السعودي وكذلك إدارة الملف الجوي والغارات الجوية وإدارة منصات الصواريخ والباتريوت.

وقد وضعت السعودية ثقلها وكل طاقتها في حدودها الجنوبية واحضرت المستشارين العسكريين من أرجاء العالم, وشكلت العديد من الوحدات العسكرية بغية اختراق للحدود والتقدم في العمق اليمني علها تحقق آي انتصار عسكري ولو شكلي في هذه الحرب وعملت على إطلاق حملاتٍ دعائية إعلامية لصناعة انتصارات مفترضة عجزت عنها في الميدان وتعمل القنوات السعودية ليل نهار على بث الشائعات والاخبارالكاذبة حول تقدم ما في صعدة واسقاط مديريتها لكن الدعاية السعودية هذه فقدت مصداقيتها وأثبتت فشلها وكذبها خلال الاعوام الماضية ومن أشهر تلك الأكاذيب الإعلامية التي بثتها القنوات السعودية ونالت شهرة في اليمن وباتت محل تندر ادعاء سيطرتها على مطار صعدة قبل ثلاث سنوات ووصولها الى المدينة فيما لا زالت تتحدث الآن عن قتال في الحدود.

ولا يخفى على أحد اليوم الوهن والفشل الذي حل بالرياض في حدودها الجنوبية فالقوات اليمنية لازالت في الحدود وأستطاعت التوغل عدة كيلومترات داخل العمق السعودي وحافظت على المواقع التي سيطرت عليها في الداخل واصبحت تسيطر نارياً على مدينة نجران كما أن القوات اليمنية كبدت القوات السعودية والمرتزقة معها خسائر فادحة في الارواح والعتاد وأصبحت مشاهد الهروب الجماعي للجيش السعودي ومرتزقته امام ضربات القوات اليمنية حديث الناس في اليمن والدول العربية.

وقد بلغ عدد قتلى الجيش السعودي خلال الأسابيع القليلة الماضية 70 قتيلاً بينهم قيادات رفيعة وقال مصدر عسكري يمني إن إحصائية للإعلام الحربي رُصدت من وسائل إعلام سعودية رسمية وغير رسمية بينت أن خسائر جيش النظام السعودي تضاعفت خلال الأسابيع القليلة الماضية مضيفا أن الأعداد الحقيقية للقتلى والجرحى من الجيش السعودي تفوق ما يتم الإعلان عنه في الإعلام السعودي بأضعاف، وذلك لتعمد النظام السعودي التكتم على خسائره للعام الخامس على التوالي من عدوانه على اليمن وأشار المصدر إلى أنه رغم تعمد النظام السعودي إبعاد جنوده عن المعارك، واعتماده على مرتزقته من السودان واليمن يتكبد جيشه خسائر فادحة في الأرواح بصورة مستمرة في عمليات نوعية للجيش واللجان الشعبية.

كما أن الحضور العسكري الأمريكي والبريطاني والفرنسي والإماراتي في الحدود السعودية أيضاً فشل في ايجاد أي استراتيجية للجيش السعودي في الدفاع عن مواقعه في العمق السعودي أو التقدم في العمق اليمني وفشل أيضاً في حماية العمق السعودي من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي تخترق الأجواء وتصيب أهدافها بدقة داخل العمق السعودي ولا ننسى هنا فشل القوات السودانية وتعرضها لضربات قاصمة أفقدتها توازنها فيما قتل الآلاف من المرتزقة اليمنيين وأصبحت الاختلافات بينهم وبين السعودي هي الطاغية على مشهد الحرب هناك حيث تعتقل السعودية المئات منهم وتقوم بتخييرهم بين القتال او القتل والتعذيب في السجون وقد تمكن العديد منهم من الفرار وقدموا روايات مرعبة عن المعاملة والممارسة العنصرية واللا إنسانية من الجانب السعودي ضدهم خلال العوام الماضية.

وعلى آي حال فان حضور العاطفي في الحدود ويؤشر حسب العديد من المحللين العسكريين الى تصعيد قادم من قبل الجيش واللجان الشعبية في العمق السعودي خاصة بعد انهيار قوات المرتزقة التي كان يختبى الجنود السعوديين خلفهم كما أنها رسالة خاصة من العاطفي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان تقول أن جميع الخطط السعودية والاستراتيجية طيلت هذه العوام فشلت وأنهارات وأن اليمن يتعافى من خلال بناء قدراته العسكرية وإعادة هيكل الموسسة العسكرية التي سيكون لها اليد الطولى في الأيام القادمة.

قراءة : د . عبدالرحمن راجح