مقالات مشابهة

هل خسر الصدر الملعب أمام المنافسين؟

في الوقت الذي لم يصل فيه الماراثون السياسي الذي امتد لأشهر بين الفصائل العراقية حول تشكيل حكومة جديدة إلى نهايته، فإن مكانة ساحة اللعب ووزن وموقف الممثلين أصبحوا مختلفين للغاية بالمقارنة مع الوقت الذي تم فيه الإعلان عن نتائج الانتخابات وما نتج عنها من نظرة سياسية. وأهم نتائجه هو التخلص من جزء مهم من أوراق لعب الصدر، ومن ناحية أخرى، الحركة البطيئة والمتنامية لإطار التنسيق الشيعي في تحقيق الفوز والثقة بالنفس اللازمة لركوب اللعبة وأخذ زمام المبادرة.

بعد الاستقالة الجماعية لممثلي التيار الصدري من مجلس النواب في حزيران / يونيو وبأمر من مقتدى الصدر، كان حل مجلس النواب وطلب إجراء انتخابات مبكرة هو محور الحركات السياسية لزعيم هذا التيار. من أجل الحصول على أغلبية نيابية وحكومة أغلبية وطنية.

وبما أن الضغوط الأولية على الجماعات السياسية الأخرى لقبول طلب الصدر لم تثمر، فإن احتجاجات الشوارع واحتلال قاعة البرلمان كانت الخطوة التالية لمقتدى لإجبار إطار التنسيق على التراجع. لكن الاستقالة والإصرار على مخيمات الشوارع لم يوقف الإطار التنسيقي عن مسار تشكيل الحكومة بتقديم محمد السوداني كمرشح رئيسي لمنصب رئاسة الوزراء. في الوقت نفسه، رفض الصدر كل مقترحات الإطار التنسيقي والحركات العراقية الأخرى لبدء محادثات سياسية وطنية.

أدى عدم قدرة الصدر على تجاوز المعارضة إلى توجيه أحد السهام الأخيرة في جعبته نحو حل البرلمان، وكان ذلك طلبًا إلى مجلس القضاء الأعلى للدخول إلى هذه الساحة والتي عارضتها هذه الهيئة وأعلنت حيادها من قبل. حيث تنص المادة 64 من الدستور العراقي على أن “مجلس النواب يحل بالأغلبية المطلقة لأعضائه بناء على طلب ثلث أعضائه أو بطلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية”.

نتيجة لعملية الفشل هذه، خسر النصل الحاد الذي أراد الصدر من خلاله تحييد البرلمان الحالي في بداية احتجاجه. بادئ ذي بدء، أدت تصرفات الصدر غير المدروسة في حشد مؤيديه إلى رد فعل قوى الإطار التنسيقي على هذا الإجراء. وأهم أداة للصدر في السنوات الأخيرة التي كان يستخدمها لتسجيل نقاط ضدهم، أي تعبئة المؤيدين، أصبحت ضعيفة جدا.

ثانياً، أصبح حلفاء الصدر، أي الحزب الديمقراطي لكردستان العراق وائتلاف السيادة بقيادة محمد الجلبوسي، بعد استقالة ممثلي هذه الحركة يبتعدون تدريجياً عن نوع اللعبة السياسية للصدر وتكتيكاته واستراتيجيات حملته. وفي هذا الصدد، قال محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب العراقي يوم السبت، إن أوضاع البلاد لا يمكن أن تستمر على هذا النحو.

وشدد الحلبوسي خلال المؤتمر الصحفي الخاص بمكافحة العنف ضد المرأة في بغداد على ضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات وإجراء انتخابات مبكرة لحل الأزمة الحالية. وأضاف: “في ظل عدم كفاءة البرلمان والحكومة الإدارية وعدم اكتمال الصلاحيات، فإن العمل السياسي متعثر ويجب على جميع القوى السياسية التعامل مع عملية تعطيل المؤسسات الدستورية”.

وقال الحلبوسي: “الحكومة لن تكون قادرة على الدفع للمؤسسات الحكومية بعد 31 ديسمبر بسبب عدم الموافقة على موازنة العام الجديد”. وهذا بدوره يزيد من استياء الرأي العام من تشكيل حكومة جديدة وانهيار الجسم الاجتماعي الموالي للصدر.

لذلك، فإن الإصرار على تجنب الحوار والتفاوض لم يساعد في وضع الصدر فحسب، بل أدى إلى تقويض حلفائه وداعميه، حيث يمكن حتى تشكيل الحكومة الجديدة دون موافقة الصدر.

ما لا شك فيه أن الاستمرار في متابعة مطالب الصدر، التي غذت المأزق السياسي في العراق لعدة أشهر، لن يخلو من تكلفة لأناس مثل الحلبوسي، ومع زيادة جرأة الترسيم السياسي، يحاول الحلبوسي تخفيف تفاقم الوضع حتى لا يفقد المنصب كرئيس للبرلمان. وفي هذا الصدد، أفاد موقع عربي 21 نقلاً عن مصادره، أن الإطار التنسيقي خلال الاجتماع بين فلاح الفياض رئيس الحشد الشعبي ومحمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي، نقل رسالة إلى الحلبوسي إنه إذا لم تتوافر الاستعدادات لعقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فسيتم إقالته من هذا المنصب.

شروط جديدة لإطار التنسيق على طاولة اللعبة

لا يمكن بأي حال من الأحوال تقييم الوضع الحالي والموقف لإطار التنسيق كما هو الحال عند الإعلان عن وجود هذا التحالف. أولاً، فاز الإطار التنسيقي بشكل حاسم بأغلبية المقاعد النيابية مع استقالة ممثلي التيار الصدري. ثانياً: المقترحات والمنطق السلوكي للإطار التنسيقي لخروج العراق من الأزمة السياسية القائمة على أساس الحوار والاتفاقات الوطنية، وثالثاً الاتفاق على رئيس الوزراء وإظهار قسم كبير من المجتمع تأييده لهم في الشارع.

إضرابات الأيام الماضية، أثبتت أن الإطار التنسيقي وصل الآن إلى الثقة بالنفس اللازمة لدفع مسار تشكيل حكومة جديدة بدون الصدر، وهذا سيقنع قريباً الأكراد والعرب السنة والمستقلين الذين كانوا ينتظرون النتائج، بالمفاوضات مع البيت الشيعي لاتخاذ قرار بإمكانية تشكيل الحكومة.

وقد أعطى هذا عملياً اليد العليا في التطورات للإطار التنسيقي بحيث تغلق الشروط الجديدة لهذا التحالف بعقد جلسة مجلس النواب وتمرير ترشيح محمد السوداني الطريق أمام الصدر لتفادي المفاوضات وقبول حكومة الشراكة.

وكانت شفق نيوز، نقلاً عن مصادرها، قد ذكرت أن: الشرط الأول هو انسحاب أنصار الصدر من مجلس النواب لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن. الشرط الثاني هو إجراء انتخابات مبكرة بعد عام من تشكيل الحكومة الجديدة. وبحسب هذا المصدر فإن الشرط الآخر لإطار التنسيق الشيعي هو إغلاق صفحة “وزير القائد” على تويتر التابعة لمحمد صالح العراقي أحد المقربين من مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري على إثر مواقفه على تويتر.

كما يؤكد الشرط الرابع من الإطار على عدم تهديد الحكومة العراقية والبرلمان والنظام القضائي بعد تشكيل الحكومة الجديدة. حتى لو لم يقبل الصدر هذه الشروط، فإنها تظهر بوضوح تغيير قواعد اللعبة بعد عدة أشهر من الفرص الضائعة للصدر والاستراتيجية الذكية لإطار التنسيق.