مقالات مشابهة

غضب شعبي في السعودية.. المجتمع المحافظ يقف في وجه الأمير والانحطاط الأخلاقي

شهد مهرجان “ميدل بيست” الموسيقي في السعودية أفعالاً غير عادية أدت إلى غضب كبير في أوساط السعوديين حيث عبر العديد من المستخدمين السعوديين عن غضبهم على تويتر بآلاف التغريدات حول بعض الإجراءات غير العادية والصادمة التي تتعارض مع المجتمع السعودي المحافظ.

ونشر المستخدمون السعوديون العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر مدى تدهور المملكة العربية السعودية وفسادها منذ وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة.

كما انتقد مستخدمو الفضاء الافتراضي السعودي إنفاق مبالغ طائلة على إقامة احتفالات وحفلات موسيقية في هذا البلد، وأكدوا أن هذه المهرجانات تقام في الوقت الذي يعاني فيه الشعب السعودي الفقر والبطالة والجوع وانعدام البنية التحتية المناسبة. ويعتقد بعض المعارضين أن إنشاء مثل هذا الترفيه من قبل آل سعود يهدف إلى إلهاء الناس عن التحديات والأزمات في المجتمع، بما في ذلك البطالة والتضخم وانعدام حرية التعبير والفساد السياسي.

يقام مهرجان “ميدل بيست” الموسيقي في المملكة العربية السعودية كجزء من احتفالات “موسم الرياض” كل عام من 16 إلى 21 ديسمبر بمشاركة فنانين عرب وعالميين. وأقيم هذا المهرجان في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بنفقات ضخمة، ويقام هذا المهرجان برعاية هيئة الترفيه التابعة لتركي آل الشيخ.

وتعرض نظام آل سعود، الذي وصف هذا المهرجان بأنه أكبر حدث في الشرق الأوسط، لانتقادات شديدة بسبب التناقض مع عادات وتقاليد المجتمعات العربية، بما في ذلك رقص الفتيات بملابس غير تقليدية. واعتبر المعارضون مرارًا وتكرارًا مثل هذه الاحتفالات، التي تقام باهتمام خاص من ولي العهد السعودي بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030، كأداة للتخلص من الدين في بلد يستضيف أهم الأماكن الإسلامية المقدسة ويدعى ملكه خادم الحرمين الشريفين.

منذ تنصيبه، بذل ولي العهد السعودي الشاب الكثير من الجهود لإجراء تغييرات جذرية وإزالة اسم الاسلام من المملكة العربية السعودية وقيادة هذا البلد نحو الفساد، وفي هذه السنوات، باع المشروبات الكحولية، وأقام حفلات مختلطة، ودعا المطربين الأمريكيين. وفي المقابل اعتقل المئات من علماء الدين وخطباء المساجد أمثلة واضحة على ذلك.

يعتقد العديد من المراقبين أن ادعاء السلطات السعودية بأنها تبحث عن راحة ورفاهية المواطنين السعوديين يأتي في إطار سياسة محمد بن سلمان بنزع الهوية العربية والإسلامية من الأمة السعودية في ظل حجة محاربة التطرف. وينفق آل سعود موارد مالية ضخمة في قطاع الترفيه لإلهاء الشباب السعودي بسياساتها المتهورة ونشر الفساد والانحلال في السعودية، إضافة إلى أن ولي العهد السعودي ينوي تغيير وجه انتهاك السعودية لحقوق الإنسان والحريات من خلال تغييرات واسعة النطاق.

خطة التغيير الجذري

بأوامر من ولي عهد السعودي محمد بن سلمان، بدأت مدارس المملكة بتدريس مناهج الموسيقى. ويأتي هذا القرار الذي يعتبر الأول من نوعه في السعودية بتعليمات من ابن سلمان ضمن خطته لإحداث تغيير جذري في المجتمع. في حين أصدرت وزارة التعليم السعودية في يناير الماضي قرارًا بتقليص ساعات دراسة القرآن الكريم واللغة العربية لطلبة المدارس.

وجاء هذا القرار ضمن مجموعة قرارات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030 حيث تشمل الرؤية افتتاح دور للسينما والسماح للمرأة بحضور المباريات الرياضية في الملاعب وقيادة السيارات، وزيادة الفعاليات الفنية والرياضية. وتتضمن الرؤية أيضاً تنظيم حفلات غناء لمغنين عرب ومن أنحاء العالم، وذلك لأول مرة في تاريخ السعودية.

وتأتي هذه الفعاليات والأنشطة مقابل خفوت أصوات جمعيات ومؤسسات دينية في المملكة التي كانت على مدار سنين طويلة بيئة محافظة. وأسفرت هذه الرؤية عن اتجاه المملكة للاستثمار في الترفيه والسينما وحفلات الغناء، وتم استحداث موسم الرياض الذي أزال الشكل التقليدي للسعودية بعدما استقدم مشاهير الفن والغناء والرقص والموسيقى من مختلف أنحاء العالم، وواجه بالمقابل انتقادات من فئات من المجتمع المحافظ حيث أثار إعلان رئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ، السماح للمطاعم بإحياء الحفلات وبث الغناء، في يناير 2019م، جدلا واسعا في المملكة ووصف مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأنشطة بـ “التحريض على الفجور”، من خلال إتاحة الغناء والموسيقى المحرمة من قبل هيئة كبار العلماء.

هيئة الترفيه أهم من مجلس الشورى

كان مجلس الشورى قد تحرك للمرة الأولى عام 2019 ضد فساد هيئة الترفيه بسبب فعاليات الهيئة العامة للترفيه ممثلة برئيسها تركي آل الشيخ التي شكلت أزمة داخل مجلس الشورى بعد أن انتقد عدد من الأعضاء الحفلات الراقصة والاستعانة بفرق عالمية مثيرة للجدل وطالب مجلس الشورى، الرئيس العام لـ”هيئة الترفيه”، تركي آل الشيخ، بأن تكون الفعاليات مراعية لهوية المملكة، وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها داخل البلاد.

وشدد المجلس على أهمية دراسة دعم الأنشطة الترفيهية ذات الطابع المحلي لكل منطقة، وإشراك الأهالي في تصميم البرامج والفعاليات المستدامة. ويرى مراقبون، أن مجلس الشورى أغفل تمامًا مسألة الحفلات الراقصة والفرق الغنائية الأجنبية المثيرة للجدل، وهو ما يدل على رفض الأعضاء لها، بينما أكد على أهمية إقامة الفعاليات التي يريدها المواطن السعودي.

وسبق وأن شن الداعية عمر المقبل هجوما على هيئة الترفيه وأنشطتها في المملكة، محذراً من عواقب سلخ المجتمع من هويته. وكان الداعية عمر المقبل قد حذر قائلاً”“كم هو الأثر السيء الذي سيحدثه حضورهم وحضور مهرجانات يشترك فيها أناس عرفوا في مواطن أخر من شذاذ الأفاق والبلاد الغربية بشرب الخمر ولبس الصليب ومعاقرة الفواحش وجذب الفنانين الاجانب”.

واعتبر أن ذلك “تسفيها وتغريبا لا ترفيها وسلخا للمجتمع من هويته وجلبا لسخط الرب وسببا لعقوبته”. وجاء رد السلطات على المقبل باعتقاله بسبب انتقاده ممارسات هيئة الترفيه. و كنا نظام آل سعود قد أقر في عام 2016 تنظيما جديدا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقلل من صلاحياتها، ويمنعها من توقيف الأشخاص. ولحق ذلك مجموعة قرارات بالتخلي عن عدد من القوانين والأعراف الرسمية، التي اعتمدتها البلاد على مدار عقود، من أبرزها السماح للنساء بقيادة السيارة، ودخولهن ملاعب كرة القدم، والسماح لهن بالسفر دون إذن ولي الأمر.

انفتاح ثقافي لأغراض سياسية؟

تثير إقامة هذه الحفلات في السعودية تساؤلات حول غاية قيادة المملكة من ذلك، خصوصاً أنها تأتي مع استمرار انتقادات المنظمات الدولية للرياض بشأن ملفات حقوق الإنسان. حیث يرى العديد من المراقبين أن ادعاء السلطات السعودية بأنها تسعى إلى راحة المواطنين السعوديين ورفاههم هو جزء من سياسة محمد بن سلمان بنزع الهوية العربية و طمس الطابع الإسلامي داخل المجتمع السعودي بحجة محاربة التطرف.

وينفق آل سعود استثمارات مالية ضخمة في قطاع الترفيه لتحويل الشباب السعودي بسياساته المتهورة ونشر الفساد والانحطاط في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ذلك، يعتزم ولي العهد السعودي تحسين صورة السعودية التي تنتهك حقوق الإنسان والحريات من خلال التغييرات الاجتماعية الأخيرة التي أحدثها. بما في ذلك احتجاز السعودية ناشطات لاتهامات تتعلق بنشاطهن في مجال حقوق الإنسان والتواصل مع صحفيين ودبلوماسيين أجانب في قضية لاقت اهتماما عالميا بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول.

إقامة الحفلات الموسيقية في السعودية تشير إلى أن المملكة تريد أن تظهر نفسها بصيغة جديدة، حیث إن موسيقى البوب والتجارة والسياسة تتحد معاٌ في المملكة السعودية، ولكن رغم أن ولي العهد السعودي يريد أن يجعل المجتمع منفتحاً إلا أنها لن تنفتح سياسياً فمن الواضح أن السعودية ستبقى دكتاتورية تصدر قوانين لا يمكن التظاهر ضدها، ومن يعترض عليها يواجه عقوبات كبيرة.

ابن سلمان عقل الشيطان

مع وصول ابن سلمان إلى كرسي ولاية العهد، قام بانقلاب ضد التقاليد والعادات المحافظة في السعودية، مثل السماح للنساء بدخول الملاعب، قيادة السيارة والدراجات النارية، وكذلك ظهور الرقص والخلط والمشاهد الدخيلة على المجتمع السعودي وفتح دور السينما وعدم الفصل بين النساء والرجال داخل المطاعم.

كل هذه الأمور كان يروج لها رجل الأمير الأول لهذا الغرض ألا وهو تركي الشيخ رئيس هيئة الترفيه التي كانت المنظم الأول لحفلات وأحداث تهيمن عليها مشاهد من الاختلاط والرقص ومشاركة المتحولين جنسياً ، في مشهد كان من المحظورات في السعودية. ويبدو أن كل هذه التغييرات التي تشهدها المملكة باتت تثير مخاوف المجتمع المعروف بتحفظاته وبات يدرك أن هذه التغييرات ما هي إلا محاولة من قبل النظام السعودي لتجريد المجتمع السعودي من هويته.

منذ بدء خطة “الانفتاح”، التي يرى مراقبون أنها تأتي في إطار صرف الأنظار عن سياسة ولي العهد، محمد بن سلمان، شهدت السعودية مجموعة حفلات غنائية، وهو ما لم يكن معهوداً من قبل. وإلى جانب الحفلات والفعاليات الموسيقية تصرف الرياض مبالغ ضخمة في قطاعات الترفيه، تزامناً مع معاناة قسم كبير من السعوديين من صعوبة الحصول على مسكن؛ بسبب ارتفاع الأسعار وعدم توفر الأراضي الصالحة للبناء.

كما أن محمد بن سلمان هو من أصدر الأوامر بإلغاء النصوص التي تحض على الكراهية تجاه اليهودية والمسيحية ومثلي الجنسية من الطبعات الجديدة للكتب المدرسية و ذلك حسبما أفاد تقرير معهد مراقبة السلام و التسامح الثقافي في التعليم المدرسي. كما عملت على حذف الأجزاء الأكثر تعصباً ومنها عقوبة الاعدام على الزنا و أفعال الشذوذ الجنسي و أعمال السحر و الشعوذة. وكانت النتيجة ما شهدناه بالأمس فلا رادع يردعهم والأمير يشجعهم بقراراته.

الخطة التي يلعب عليها الأمير الشاب تنص على محاربة التقاليد والتراث السعودي ذو الطابع المحافظ وإحلال مظاهر اللهو والفساد بين فئة الشباب السعودي و ذلك للتغطية على فساده وسرقاته التي أفقرت المواطن السعودي، فهل سيتمكن ابن سلمان وهيئته من تغيير معالم المجتمع السعودي من مجتمع ديني محافظ إلى مجتمع غربي بامتياز؟ وهل سيترك الشعب المحافظ والشعب الذي يريد التمسك بأخلاقه ومبادئه المجال لابن سلمان بالاستمرار بهذه المهزلة التي أطاحت بالأخلاق في المجتمع السعودي؟!