مقالات مشابهة

لا أريد أن أبصر مرة أخرى

هكذا قالها أحد المواطنين المحاصرين الذين ظهروا في الجزء الثاني من وثائقي #الدريهمي_حصار_وانتصار!!

نعمة البصر من أجل النعم التي يشعر بها الإنسان وغيابها يقلب الحياة رأسًا على عقب.. ومن فقدها ظل يدعو الله أن يرجعها إليه، ويبقى طوال حياته يتمنى رجوعها ويتحسر على فقدانها.

لكن الجملة التي قالها الرجل أعلاه؛ لخصت الكثير من المعاناة التي رآها هذا الرجل.. والله وحده العالم كم هي الجرائم المهولة التي اقترفها العدوان السعودي الأمريكي في الدريهمي والتي رآها الرجل بعينيه حتى وصل إلى قناعة تامة أنه لا يريد أن يرى مرة أخرى أو تعود له نعمة البصر!!

قالها الرجل كي لا يرى تلك العجوز تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي تتمنى حفنة من الأرز تسد به جوعها.
قالها الرجل حتى لا يتكرر أمامه مشهد الطفل المعاق الذي ظل يصارع الموت أسبوعًا كاملًا على أمل النجاة، ولم ينجُ.
قالها الرجل علّه لن يرى عاقل حارتهم مرة أخرى مدفونًا تحت الركام قد قتلته مدافع المرتزقة!!
قالها الرجل رغبة في العيش أعمى البصر على أن يعيش بالبصر يشاهد الأمم المتحدة عارية بلا وشاح تُفضح في كل قافلة مرة أو مرتين.
قالها بعد أن فقد الأمل في المتشدقين بالإنسانية، ورأى إغاثتهم هي حفاظات النساء وأدوات التجميل والدباب الفارغة والدقيق المليء بالدود والسوس!!

أرى أن الرجل لا يُلام في قناعته الشخصية التي توصل إليها.. لمَ يرى مرة أخرى وقد رأى ما تشيب له الولدان؟ لم يُبصر وقد شاخت بصيرته قبل بصره؟
الله وحده القادر على عصمة قلوب هذا الرجل وأمثاله من المواطنين الذين تمنوا الموت ولم يجدوه في حصار مديرية الدريهمي.

أما المجاهدون فـ”سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا” هي العبارة البديهية التي يقولها كل شخص يرى أو يسمع المواقف التي صبروا وانتصروا فيها وكأنهم المحاصِر وليس المحاصَر.

أتوق شوقًا لرؤية الجزء الثالث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أسامة الفران