مقالات مشابهة

سياسة الإمارات القذرة في سقطرى

منذُ بداية العدوان السعودي على اليمن سعت الإمارات إلى تنفيذ خططها الطموحة في اليمن .فبمساعدة مرتزقتها، سيطرت الإمارات على الأجزاء الجنوبية من اليمن وبسطت نفوذها في هذه المناطق، وتمكنت من السيطرة على أرخبيل سقطري، هذه الجزيرة البكر والاستراتيجية، التي تقع بعيدًا عن أرض اليمن الرئيسية، وفرت فرصة جيدة لدولة الإمارات لاحتلالها.

وفي غضون ذلك، ظهرت أخبار ومعلومات إعلامية وتصريحات مسؤولين في صنعاء تؤكد أن الإماراتيين أشركوا أيضاً الكيان الصهيوني في خطط احتلالهم للجزر والسواحل الجنوبية لليمن، وجزيرة سقطري من المناطق المهمة التي تخضع حاليًا لسيطرة الإمارات ومرتزقتها، وتحاول سلطات أبوظبي امتلاك هذا الأرخبيل الاستراتيجي من خلال فصل هذا الجزء عن اليمن وضمه إلى أراضي الإمارات.

إن وجود الموارد الغنية والبيئة الطبيعية الفريدة لجزيرة سقطري جعل الإمارات تغتنم فرصة حرب اليمن وتحتل هذه الجزيرة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الإمارات لم تكتف بالوجود العسكري في سقطرى بل إنها عمدت أيضاً لشراء أرض من سكان سقطري بسعر زهيد ونقل مرتزقتها ومواطنيها إلى هذه الجزيرة، وتحاول الإمارات تغيير تركيبتها الديمغرافية.

الموقع الاستراتيجي في البحر الأحمر للجزر اليمنية جعل الإمارات تسعى بقوة إلى السيطرة على جزيرة سقطرى، التي تبلغ مساحتها 3796 كيلومترًا مربعًا، وهي منطقة مهمة جدًا. وتقع هذه الجزيرة عند مدخل خليج عدن ومضيق باب المندب وتلعب دورًا حيويًا في نقل البضائع والنفط بين نصفي الكرة الأرضية الغربي والشرقي، ولهذا السبب دولة الإمارات منذ اليوم الاول للعدوان على اليمن سعت بقوة لاحتلال هذه الجزيرة . وفي الواقع عملت الإمارات على بناء قواعد عسكرية لها في جزيرة سقطرى حيث ترى الإمارات أنه من خلال بناء قواعد عسكرية في سقطري، يمكن لها مراقبة حركة السفن في مضيق باب المندب والقرن الإفريقي وزيادة أمن سفنها التجارية.

سياسة الإمارات القذرة

لم تكتف الإمارات بإحتلال جزيرة سقطرى والسيطرة عليها عسكرياً فقط، بل إن الإمارات إلى جانب الوجود العسكري وبناء القواعد العسكرية عملت أيضا على استبدال عمل الجمهورية اليمنية بالعلم الإماراتي و قامت بضخ كمية من الدرهم الإماراتي إلى محافظة أرخبيل سقطرى، في محاولة منها لإنهاء التعامل بالعملة اليمنية، والتعامل بدلاً عنها بالدرهم الإمارات، فالقد كشفت العديد من المصارد أن مبالغ كبيرة من عملة الدرهم الإماراتي تم ضخها إلى سقطرى عبر قيادات تابعة لميلشيات المجلس الانتقالي الموالية للإمارات.

وأوضحت المصادر أن “هناك مخططا إماراتيا لإنهاء التعامل بالنقد اليمني واستبداله بالدرهم الإماراتي في مساعيها لخدمة أجندتها ومشاريعها داخل الجزيرة” وهنا لابد من الإشارة إلى أن المبالغ التي تم تقديمها تحت مسمى “الإكراميات ” النقدية التي تقدمها حكومة أبو ظبي للمشايخ والقيادات البارزة في الجزيرة هدفها الأصلي شراء ولاء المشايخ هناك، حيث إن الإماراتيين يحاولون إغراء أبناء سقطرى بتقديم المساعدات بالدرهم الإماراتي مستغلين بذلك تدهور العملة المحلية وسوء الأوضاع المعيشية في الجزيرة.

طمس وتجريف متواصل للهوية اليمنية

تسعى الإمارات إلى طمس وتجريف الهوية اليمنية في جزيرة سقطرى، فمنذ سيطرتها على الجزيرة عام 2016م، سعت الإمارات لتنفيذ سياستها القذرة بصورة متواليةً تحت عناوين ثقافية وأخرى تحت شعارات إنسانية، وأحياناً تحت غطاء التنمية، وجميعها تسير عكس مدلولات تسمياتها، والنتيجة أن مجموعة جزر أرخبيل سقطرى تفقد تدريجياً هويتها اليمنية، وما يتم ليس له هدف سوى صرف أنظار مواطني الجزيرة عمّا يحدث فعلياً على يد النظام الإماراتي وأدواته المحلية الرخيصة.

تستخدم الإمارات من أجل توسيع رقعة أطماعها التوسعية في المنطقة، وفي اليمن على وجه الخصوص، أكثر الأساليب مكراً وتضليلاً، فقد دخلت إلى أرخبيل سقطرى بداية تحت مظلة “الشرعية” التي كانت تأشيرة العبور لانتهاك السيادة اليمنية، ومن ثم بدأت باستغلال الأوضاع المعيشية الصعبة التي يكابدها سكان الأرخبيل، وتحت غطاء الأعمال الإنسانية جلبت السلطات الإماراتية أحد أهم أجهزتها الاستخباراتية التي تتخفى وراء اسمها الإنساني ظاهرياً “مؤسسة خليفة” للأعمال الإنسانية، ومن سلات غذائية تافهة وبطانيات مهترئة امتدت الأيادي الإماراتية إلى سقطرى وتمددت في مديرياتها وقراها وجميع مناطقها.

متدرجةً عبر مراحل متعددة حرصت من خلالها على دغدغة مشاعر البسطاء من أبناء الأرخبيل، فحيناً تنظم عرساً جماعياً باسم الأعمال الخيرية، وحيناً تمنح الجنسية الإماراتية لمجاميع تنتقيها من أوساط المواطنين، وأحياناً تبدأ إنشاءات تصفها بالتنموية، وفي المحصلة كانت سقطرى تغادر يمنيتها وجذورها التاريخية، وعن طريق مؤسسة خليفة الاستخباراتية نفسها، تم تجريف الأحياء البحرية والبرية النادرة، والأشجار والنباتات التي لا تنبت سوى في جزيرة سقطرى اليمنية حصرياً، حتى وجد المواطنون أنفسهم يقرؤون عبر هواتفهم رسائل الترحيب بهم في أرض الإمارات.

وكان ذلك أحد المشاريع التنموية التضليلية التي جلبها الإماراتيون إلى الأرخبيل اليمني، ولا تزال تلك المشاريع قائمة على هيئة قواعد عسكرية ومدارج مطارات حربية ومواقع استخباراتية مشتركة مع السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي الغاصب، ومؤخراً بدأت الجهات الخدمية تشترط على المواطنين تسديد فواتيرهم بالدرهم الإماراتي، وخصوصاً الكهرباء، بعد ما أصبحت حصرية تحتكرها شركة إمارايتة.

تغييب علم الجمهورية اليمنية

لابد من القول إن الإمارات سعت خلال الفترة الماضية للسيطرة على جزيرة سقطرى بالعمل على جميع الجوانب وهنا لابد من الإشارة إلى الجانب الثقافي، فقد أعدت الإمارات خطة محكمة، وبكل صفاقة وبجاحة تواصل الإمارات تدمير وطمس الهوية اليمنية من الذاكرة والواقع السقطري، زارعةً سطحيتها وقشورها المهترئة التي تسميها تراثاً وثقافة إماراتية، محاولةً التخلص من شعورها بالدونية الحضارية لكونها طارئة على التاريخ والجغرافيا.

ويتم ذلك من خلال ما يُطلق عليه “مهرجان الشيخ زايد التراثي والثقافي”، الذي تقيمه السلطات الإماراتية بانتظام في منطقة “نوجد” جنوب مدينة حديبو عاصمة سقطرى، منذ بسطت نفوذها على الأرخبيل. ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، كشفوا حقيقة أهداف المهرجان الإماراتي الذي يقام بانتظام في سقطرى، مؤكدين أن مؤسسة خليفة التي تُعدّ أهم المؤسسات الاستخباراتية هي التي تمول المهرجان، لصرف الأهالي عن الاستحداثات العسكرية، وتعميق الولاء للإمارات في أوساط الشباب والنشء، وبالتالي تجريف وطمس الثقافة والهوية اليمنية.

حيث إنه خلال فعاليات المهرجان الإماراتي التدميري والمسيء للتراث اليمني والهوية والسيادة، يتم تغييب علم الجمهورية اليمنية، ويستبدل بالعلم الإماراتي ، بل إن المهرجان يفتتح بالنشيد الوطني للإمارات، وهي إشارة واضحة تفيد بأن سقطرى لم تعد ضمن السيادة الوطنية اليمنية.

غضب المواطنيين ومطالب بإنهاء وجود “الإمارات”بسبب انتهاك السيادة اليمنية

طالب ناشطون بإنهاء الدور الإماراتي في اليمن، وإنهاء الوجود الاماراتي وحذروا من صراع مسلح وامتد غضب اليمنيين إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أطلق ناشطون على موقع تويتر حملة واسعة لكشف ممارسات الإمارات في سقطرى، والمطالبة بطردها والتصعيد الدولي لمحاكمتها على ما اقترفته في الجزيرة التي أصبحت مهددة بالخروج من قائمة التراث العالمي بسبب هذه الممارسات .وتحت وسم “#الإمارات_تنهب_سقطرى” غرد ناشطون يمنيون، متهمين المسؤول الإماراتي الموجود في الجزيرة، حمد المزروعي، بالإشراف على أكبر عملية سرقة لثروات الجزيرة الخلابة والغنية بالموارد الطبيعية والأشجار النادرة والأسماك.

وآخرها اصطياد وسرقة سمك الشروخ اليمني السقطري الشهير، أرقى وأغلى أنواع الأسماك في العالم. وطالب المواطنون، برفع الأصوات للمطالبة بطرد المزروعي الذي دخل الجزيرة تحت غطاء العمل الإنساني، لكنه يعمل ضمن خلية أمنية للسيطرة على محافظة سقطرى ونهب ثرواتها وشراء ولاء القيادات العسكرية والاجتماعية، لذلك يمكن القول وبكل وضوح إن التوغل الإماراتي يفوق الخيال، ويجري بصمت مريب.

في النهاية يمكن القول إنه أصبح لا يخفى على أحد أن الهدف الأساسي للإمارات في جزيرة سقطرى وجزيرة ميون هو موقعهما الاستراتيجي الذي يتلاءم تماماً مع تصورها لنفسها كإمبراطورية بحرية، تسيطر على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي. فمن يهيمن على سقطرى وميون لاسيما ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية بالجزيرة يمكنه أن يسيطر على الملاحة قرب مجموعة أهم المضائق المائية في العالم، فهاتين الجزيرتين ليستا بعيدتين عن مضيق هرمز وقريبة لمضيق باب المندب ومنه إلى قناة السويس.

وتاريخياً دفعت الأهمية الاستراتيجية لأرخبيل سقطرى وميون الطامعين الأجانب إلى محاولة احتلالها والسيطرة عليهما. كما يمكن القول إن الهدف لم يكن يوما فرض السلام في اليمن ولا التصدي لتوسع قوات “أنصار الله” كما تزعم الإمارات على الدوام بقدر ما هو خدمة أسيادها من الصهاينة وتمهيد الطريق لهم حتى يتحولوا إلى قوة بحرية كبرى تهدد الأمن القومي العربي وتقلب القوى لمصلحتها وهو ما دأبت الإمارات على الاشتغال عليه بكل عزم وهذا يقيم الدليل على خيانتها الواضحة وانخراطها العلني في الحرب على العرب والمسلمين