المشهد اليمني الأول| متابعات

شن إعلاميو مصر هجوما شرسا على السعودية بعد تعرض حرم المسجد النبوي بالمدينة المنورة لتفجير ارهابي يوم الاثنين الماضي، متهمين المملكة بأنها ترعى الوهابية التي هي المادة الخام للارهابيين، وانها اليوم تكتوي بفتاوى شيوخ الوهابية الذين ترعاهم، وبأن فكر داعش وفكر المملكة واحد، كما أكدوا ان المملكة تمول الارهاب في سوريا وانتقدوا عدوانها الغاشم على اليمن.

هذه وهابيتكم رُدت إليكم

صدر عيسى في جريدته “المقال”، يوم الأربعاء، مقالات هاجمت المنهج السعودي الذي يتبع نشر الوهابية والتكفير حول العالم وتصدير الارهابيين، وبلغ عددها سبع مقالات، يتقدمها مانشيت كبير يقول: “من الإرهابيين إلى السعودية: هذه وهابيتكم رُدت إليكم”، وتصدَّرها مقال إبراهيم عيسى بعنوان “انتظرنا الإرهابيين في الكعبة فجاؤوا إلى مسجد الرسول”.

وقال إبراهيم عيسى في مقاله ان الوهابية هي “المادة الخام التي تنتج هذا الشاب في الثامنة عشرة من عمره ليذهب مفخخا نفسه في مصلين في قلب الحرم النبوي”.

واضاف إن “الأمر شديد الوضوح، والجميع يتواطأ ويدلس مع السعودية ويسكت عن هذا المناخ وتلك البيئة الوهابية التي تغزو العالم كله، وها هي تأكل كبد صانعيها”.

وشدد على أن “هؤلاء القتلة المجرمون هم أبناء هذه الوهابية الحاضنة”، مضيفا “ها هو فرانكشتاين ينقلب على مخترعه”.

واستدرك: “قلبي مع كل مواطن على أرض الحرم وفي السعودية، فها هي مؤسسات حكمه وهيئاته الدينية تغوص حتى أقدامها في صناعة الفكر الإرهابي”.

وذكَّر عيسى بمقال نشره في العدد رقم 112 من الجريدة بتاريخ 31 أيار/ مايو 2015، بعنوان “حتى لا نصحو على داعش يقتحم الكعبة”.
ومما قال فيه: “تحاول الحكومة السعودية أن تقنعنا بأن نقبل بالإرهاب المعتدل، كأنه يمكن تقسيم الإرهاب إلى إرهاب وحش فظ قليل الأدب، وإلى إرهاب آخر طيب وابن ناس”.

وأضاف: “هناك الإرهابي الذي يقول كل كلام الإرهاب الذي هو الخالق الناطق كلام محمد بن عبد الوهاب شخصيا، ووهابيته شخصيا، لكنه مؤمن ومحمي ومرضي عنه، لأنه متحالف مع الحكم السعودي، ومتقاسم معه إدارة البلاد، آل سعود الحكم، وآل الشيخ الدين”.

وتابع بسخرية: “هنا يصبح التكفير والتحريم والتجريم لأي مخالف ومختلف من أي فكر أو مذهب غير وهابي طبيعيا جدا وعاديا، بل -واسم النبي حارسه- معتدلا أيضا”.

واكد إبراهيم عيسى ان السعودية “تقدم المحيط الآمن والتربة الخصبة للفكر الإرهابي وترعاه وتحميه وتدعمه وتتباهي به وتقول عنه اعتدالا، وما يحدث في السعودية خلال الأيام الأخيرة يشي بالنار تحت الرماد”.

واختتم مقاله بالقول: “ها هم انتقلوا من إرهاب في الكعبة إلى إرهاب في مسجد الرسول”.

السعودية تكتوي بفتاوى شيوخ الوهابية

على المنوال نفسه، كتب أحمد رمضان الديباوي، تحت العنوان السابق، في الجريدة، قائلا إن “مملكة آل سعود ليست في مأمن أبدا من خلايا التنظيم الإرهابي، وذئابه المنفردة، إذا نحن وضعنا في الاعتبار أن تنظيم الدولة (داعش) يحاول من خلال تلك العمليات على الأرض السعودية تخفيف الضغط العسكري الواقع عليه من خلال قوات التحالف في كل من العراق وسوريا، تخصيصا، وإثبات قدرته – في الوقت نفسه – على الوصول إلى قلب المملكة، وإصابة أهداف كبيرة فيها، تثبت أن قوته لم تزل موجودة حاضرة، ولو كيلت له الضربات الدولية، فلن تفت في عضده بحال”.

وأضاف الديباوي: “لا ينبغي ونحن نحلل نتائج وآثار تلك التفجيرات أن نعزل عن السياق العام حقيقة يعرفها السعوديون قبل أي شخص آخر، وهي أن أفكار تنظيم الدولة تنتشر كالنار في الهشيم بين الشباب السعودي، الذي يعاني أكثره فراغا وبطالة لم تكن عند أسلافه من ذي قبل، فالأفكار التكفيرية التي يتبناها تنظيم داعش هي الأفكار نفسها التي يدندن بها أشياخ الوهابية في ربوع مملكة آل سعود كلها، وهي الأفكار المستقاة من فتاوى تقي الدين أحمد بن تيمية، وتلامذته وصولا إلى محمد بن عبد الوهاب، وذريته آل الشيخ وتلامذتهم، حتى إن الحكومة السعودية تحافظ منذ عشرات السنين، بعد الطفرة النفطية، على طباعة كتبهم ورسائلهم، وتجد في موسم الحج مباءة خصبة لتوزيع تلك الكتب والرسائل على جموع الحجيج، ولا تلتفت إلى أن “الحجر الداير لابد من لطه”، وأن النار إنما “تحرق اللي ماسكها”، كما لا تلتفت إلى أن سياساتها الخارجية ليست بمعزل عما يحدث في داخلها”.

وصعَّد الكاتب من هجومه على نظام الحكم السعودي فقال: “ليس من المعقول أن تخوض السعودية في مستنقع اليمن، وتغامر بخوض حرب فاشلة هنالك، وليس من المعقول أن تبدو السعودية كما لو كانت متفرغة للشأن السوري، ومحاولة فرض سلطة بعينها تحكم الأراضي السورية، فتساعد بعض الفضائل الإرهابية؛ كجيش النصرة، للقضاء على الأسد، بينما هي تعاني من الداخل شروخا فكرية وأيديولوجية ودينية خطيرة، بسبب سيطرة النزعة الوهابية المتشددة، وتغلغلها في شتى مناحي أرجائها السياسية والفكرية والدينية”.

واستطرد الديباوي: “يبدو أن تلك الحقيقة لا تلقي عناية أو شبه عناية من آل سعود ودولتهم؛ فقد كان عجيبا بحق أن تبادر الجهات الرسمية فور وقوع تلك التفجيرات إلى اتهام المقيمين، وضلوعهم فيها، كأنها تأنف من الاعتراف بتورط سعوديين في ارتكاب تلك التفجيرات”.

وتابع الكاتب هجومه: “لقد أدانت الدول العربية والإسلامية، كلها، هجمات الإثنين، خصوصا هجوم المسجد النبوي، لكنها لم تدن، ولو تلميحا، الأفكار والفتاوى التي يتكئ عليها الإرهابيون، وهي الأفكار والفتاوى التي تسوقها مملكة آل سعود باعتبارها من الدين، وتغض الطرف عن خطورتها وإجرامها، حتى إنها غسلت الأدمغة، وعبدت الطريق أمام أولئك الإرهابيين ليتمنطق أحدهم بحزام ناسف، ويقصد إلى مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليفجر نفسه فيه بين رواده وزائريه، وهو يتمتم بالشهادتين، ويمني نفسه بالنكاح من الحور العين، ولا حول ولا قوة إلا بالله”.

من الإرهابيين للسعودية: هذه بضاعتكم ردت إليكم

وهكذا كتب عماد حمدي في “المقال” قائلا إن “تنظيم داعش الإرهابي تبنى تفجيرات الكرادة في العراق، وتبنى أيضا التفجيرات التي استهدفت مساجد الشيعة في السعودية، وذلك يعني أن الشيعة هم المستهدفون سواء كانوا في العراق أو في السعودية، في إطار الصراع السني الشيعي القذر التي أججته المملكة، ونفخت في ناره الكامنة حتى أحرقت أصابعها”.

وواصل الكاتب قائلا: “انقلب السحر على الساحر، وارتد سهم الإرهاب إلى الداخل السعودي على عكس ما اعتقده صناع القرار في المملكة الذين تصورو يوما أن تمويلهم ودعمهم للتنظيمات الإرهابية، واستخدام ورقة الفتنة المذهبية كمحدد رئيسي من محددات السياسة السعودية الخارجية، كفيل بإبعاد خطر الإرهاب عنها، واستخدامه لصالح أهدافها في إطار الصراع مع الغريم التقليدي في طهران، ولم يفهموا أن القاعدة تقول: سمن كلبك يأكلك”.

واكد حمدي ان السعودية “هي التي تبنت ونشرت ومولت الأفكار الطائفية المتطرفة، وصدرتها إلى خارج حدودها، وهي التي شرعنت عمليات القتل والعنف على أساس مذهبي، وهي التي أنفقت المليارات على كتائب إلكترونية، وقنوات تلفزيونية، لتبرير قتل الشيعة في اليمن، وإسقاط نظامهم في سوريا، واستحلال استهدافهم في العراق، وزرع الكراهية ضدهم في لبنان، والتأصيل لعداوتهم في إيران، فكانت النتيجة أن بضاعتها ردت إليها بعمليات إرهابية ضد الشيعة نفسهم، ولكن داخل حدودها، وفي قلب البيت السعودي، بكل ما يحمله ذلك من احتمالات ردود فعل متوقعة من الجانب الآخر، ليصبح الخطر الأكبر على أمن المملكة واستقرارها ليس قادما من الحوثيين في اليمن، ولا من حزب الله في لبنان، ولا من نظام بشار الأسد في سوريا، ولا الحشد الشعبي في العراق، ولا من الحرس الثوري في إيران”.

واستدرك: “إنما الخطر الأكبر على أمن المملكة أصبح يأتي من الداخل السعودي بعد انتشار الخلايا التابعة لتنظيم داعش الإرهابي كالسرطان في جسد المملكة في الوقت الذي فشلت فيه الأجهزة الاستخباراتية السعودية بميزانياتها وإمكاناتها الضخمة من رصدها، والقضاء عليها”.
وتابع: “بل على العكس، هذه الخلايا مرشحة للتكاثر بسرعة شديدة، خصوصا في أوساط الشباب، طالما ظل الأساس الفكري العقيدي متوفرا، لتحصد الرياض مر ما زرعته أيديها لسنوات”.

واستطرد عماد حمدي في مقاله المطول: “كتبنا وكتب غيرنا أن السعودية تلعب بالنار التي تكاد تحرق المنطقة بأكملها في إطار صراعها المجنون مع إيران.. تداعيات ذلك الجنون بدأت في الظهور خلال النصف الأخير من العام الماضي بسلسلة من العمليات الإرهابية المتعاقبة التي تمت بدوافع طائفية بحتة استهدفت أول ما استهدفت السعودية نفسها، ثم انتقلت لدول أخرى في المنطقة، وهو ما كان يتطلب أن تلعب مصر دورا قائدا في كبح جماح الجنون السعودي بدلا من ذلك الانبطاح غير المبرر لكل مؤسسات الدولة المصرية أمام الرغبات السعودية، بل والتواطؤ معها مقابل دعم مرحلي لن يدوم، بينما ستدوم تداعيات سياساتها الخطرة لعقود قادمة، بشكل يهدد أمن مصر نفسها وباقي دول الإقليم”.

وأشار إلى أنه “من مؤشرات ذلك الانبطاح والتواطؤ والنفاق هو أن الأزهر الشريف يسارع بإدانة أي حادث إرهابي يستهدف السعودية فور وقوعه، ويعرب عن انزعاجه البالغ مؤكدا وقوفه إلى جانب المملكة العربية في محاربة الإرهاب، والتصدي له حتى القضاء عليه، واقتلاعه من جذوره، دونما أي ذكر لمسؤولية السعودية عن انتشار ذلك الإرهاب، ودون الإشارة إلى أن الأفكار الوهابية التي تدعمها السعودية، وتمولها، وتصدرها للخارج هي السبب الرئيسي وراء ظهور أغلب التنظيمات الإرهابية المعاصرة، ودون التحذير من خطورة الاستخدام السياسي للدين، وبينما يتجاهل كل ذلك، يبادر بإعلان تأييده لجلالة الملك سلمان”.

واختتم الكاتب مقاله بالقول: “لا أدل على نفاق الأزهر المفضوح، وتملقه للسعودية، من التجاهل الفج لحادث الكرادة الذي وقع في العراق قبل حادث السعودية بيومين، وسقط خلاله أكثر من مئتي قتيل، أي أن عدد الضحايا أضعاف أضعاف ضحايا حادث السعودية، ومع ذلك لم يصدر الأزهر أي بيان يدين فيه ذلك الحادث الإرهابي كما فعلها مع السعودية التي بات يدين لها ولقيادتها التي تمول أغلب أنشطته بالولاء أكثر من أي شيء آخر”.

فكر داعش وفكر السعودية واحد

المقال الرابع كتبه أحمد جلال الدين، تحت العنوان السابق، قائلا إن: “ما جرى في المملكة يدلل على أن بها مجموعة أو أكثر تتحرك بحرية، في ظل فشل أمني واسع رغم كل الإمكانات الضخمة للسعودية، كما أنه يدلل على أن استثمار السعودية أموالها في سوريا وغيرها أدى – بما لا يدع مجالا للشك – إلى أن تذوق من نفس الكأس، وأدى الضغط على عناصر التنظيم إلى الانتقال من الفعل إلى رد الفعل”.

وأضاف: “برأيي أن الإسلام السني في انهيار حقيقي، بسبب غياب المرجعيات، وضعف المؤسسات، ما ترك داعش يلعب في الفضاء الديني السني”.

أهل القبلة ينسفون القبلة

وتساءل محمد زكي الشيمي، في مقاله بالعنوان السابق: “كيف تغير هدف الإرهابيين في السعودية؟ وهل أصبح استهداف المساجد موضة داعش؟”، مشيرا إلى عدد من الملحوظات.

وذكر منها أنه “لا يمكننا الفصل بين ما جرى وبين الهجمات الإرهابية التي شهدتها تركيا مؤخرا، فكلا البلدين “السعودية وتركيا” كان يعتبر مع قطر أكبر الداعمين لداعش والتنظيمات الإسلامية في سوريا والعراق، وبالتالي فإن هذه الهجمات تعكس رغبة في الانتقام من تحول المواقف أو فتور الحماس إزاء الملف السوري، وهو بالطبع ملف حساس لارتباطه بدولة “داعش” التي يدين عدد كبير من المتطرفين الإسلاميين حول العالم بولاء لها”.

ولفت الشيمي الى أن “التعامل السعودي مع الموضوع يعكس ازدواجية واضحة”، مؤكدا أن “الإعلام السعودي الذي يرى ضحايا الهجوم من رجال الأمن شهداء هو ذاته الذي يستخدم تعبير “قتلى” لوصف ضحايا هجوم الكرادة الإجرامي في بغداد، وهو ذاته الذي يصف إرهابيين في بلدان أخرى باعتبارهم مجاهدين أو شهداء، وهي ازدواجية تعكس نظرة الدولة والإعلام السعوديين التقليدية بتصنيف المجرم، ليس وفقا للجريمة ذاتها بل وفقا لهوية الضحية، وهوية الجاني الدينية والمذهبية”.

ورأى الكاتب أن “ذلك يعني أن السعودية بعد 15 عاما من أحداث سبتمبر، وبعد 20 عاما من تفجيرات الخُبر، لا تزال غير قادرة على الخروج إلى رحاب الإنسانية الواسعة من أسر وفكاك النصوص الضيقة والتفسيرات الشرعية برغم جهود هائلة يبذلها بعض السعوديين لتغيير الأفكار كما يفعل ناصر القصبي – مثلا – في (سيلفي)، أو كما تحاول برامج تسعى لتوسعة المفهوم الإنساني كبرنامج (الصدمة) مثلا، وهو ما يظهر كم انتشار وتغلغل الأفكار والوهابية في المجتمع”.

واختتم الشيمي ملحوظاته بالقول إن “استهداف المساجد في السعودية أصبح موضة، فمن المساجد الشيعية (القديح ثم العنود ثم الرضا) إلى المساجد السنية ( مسجد قوات الطوارئ) وصولا للمسجد النبوي، وهو ما يعكس درجة عنيفة للغاية من التكفير تسمح بالإعداد للقتل الجماعي داخل مسجد، وفي أثناء الصلاة”.

اللوم على زعماء الوهابية

وجاء المقال الخامس بالعنوان السابق، لصاحبه طارق أبو السعد، متسائلا: “لماذا غضب داعش (الابن غير الشرعي للفكر الوهابي) على السعودية؟ وكيف يتمدد داعش برغم كل محاولات القضاء عليه؟”.

ورأى أبو السعد أن “التفجير الذي اهتم به العالم بأسره كان المقصد منه نزع شرعية لقب (خادم الحرمين الشريفين)، والقدسية التي يصر رجال الحكم من أبناء عبد العزيز على أن يستمدوا شرعيتهم المقدسة من خلال حمايتهم، وإنفاقهم على المقدسات الإسلامية التي لها التقدير الأعلى لدى المسلم، ودون إظهار هذه القدرة فلن تقوم لهم قائمة”.

وشدد على أن اختيار الحرم المدني يستهدف زعزعة الاستقرار، وعدم ضخ أموال للمعتمرين في الحياة الاقتصادية السعودية، حيث يتدفق أكثر من خمسة ملايين معتمر من الداخل والخارج من مختلف أنحاء العالم لأداء العمرة في رمضان، وكذلك موسم الحج القادم الذي يتدفق فيه أكثر من ثلاثة ملايين من خارج المملكة، وهذا إنذار وتهديد واضح بأن هذا الموسم قد يكون هدف داعش في المرات المقبلة.

والأمر هكذا، قال طارق أبو السعد إن “هذه التفجيرات كشفت مجموعة حقائق، أولها أن فشل النظام الأمني نابع من طبيعة المجتمع السعودي ذاته”.

وأضاف: “لا يمكن أن نلقي اللوم على الأجهزة الأمنية بقدر ما نلقي اللوم على زعماء الفكر الوهابي في المملكة السعودية”، مردفا أن “فشل قوات الأمن السعودي في إحباط التفجيرات ليس تقصيرا، فأمن أية دولة غيرها سواء كانت أوروبية أو عربية لا يمكنه أن يوقف مثل هذه التفجيرات، لأنها ببساطة تفجيرات متحركة ووسط جموع متعددة”.

وقال إن “الحقيقة الثانية هي أنه لا يمكن أن تقوم المملكة بعمل مراجعات لهذه الأفكار أبدا، لذا تصر المملكة على مقاومة هؤلاء بالمتابعات الأمنية، التي لن تجني من ورائها إلا الفشل، لماذا؟ لأن مثل هذه التنظيمات هي الابن غير الشرعي للمملكة، فهي إن كانت تعادي المملكة السعودية فهي لا تعاديها لأنها دولة كافرة، ولكن لأنها تمول وتناصر جبهة النصرة، العدو التقليدي المسلح الذي يؤمن بنفس ذات الأفكار التي يؤمن بها داعش مع بعض الفروق التافهة التي لا ترى بالعين المجردة”.

واستطرد الكاتب: “بالتالي ليست المملكة مؤهلة لوقف هذا النزيف، لأن المناخ الفكرية والسلوكي في المملكة العربية السعودية يسمح أن يظل داعش ممتلكا خلايا نشطة في داخل المجتمع السعودي تؤمن بفكر القاعدة، وبفكر داعش، الذي لا يختلف في كثير من أفكار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجودة بالمملكة”.

وأشار إلى أن “هذه التشكيلات موجودة في أوساط الشباب، خصوصا خريجي جامعة الإمام سعود، وأبناء مدارس التحفيظ، الذين يرضعون الفكر الوهابي، الذي يؤهلهم لتلقي فكر القاعدة، والفكر القتالي بشكل عام بعدها”، زاعما أن “أعداد هؤلاء يصعب حصرها ومتابعتها، فكأنما تتابع مجتمعا بأسره، وكما أنهم يتوالدون من فراغ”.

ومختتما مقاله قال أبو السعد، إن “الحقيقة الثالثة التي كشفتها التفجيرات، هي أن الخطر على أمن المملكة واستقرارها لا يكمن بالدرجة الأولى في الحوثيين في اليمن، ولا الجار الإيراني الشيعي، أو النظام السوري، وإنما في الداخل السعودي، ومن الإبن غير الشرعي الذي أنجبته الوهابية السعودية، وأن الحرب الحقيقة التي يجب أن تخوضها ليست في اليمن، ولا في سوريا، ولا في العراق، ولا في ليبيا، وإنما داخل حدودها”.

السعودية تمول الإرهاب في سوريا ويقتلها في المدينة

وتحت هذا العنوان، قال حسام مؤنس، في المقال السابع والأخير، من سلسلة مقالات جريدة “المقال” التي فضحت السعودية، إن “أخطر دلالات الموجة الأخيرة من العمليات الإرهابية، التي وصلت إلى قلب السعودية، هي أن ما يجري في المنطقة من مواقف غير متسقة، فأنت تحارب الإرهاب حينما يكون ضد مصالحك، بينما تدعمه في بلاد أخرى، وتأوى المنتمين إلى أفكاره والداعين لها، ثم إنك تواصل سيناريوهات تفتيت المنطقة، والدفع باتجاه تصعيد الأزمات فيها، فضلا عن إثارة النزعة الطائفية والمذهبية كما نلحظ في سياسات دول مثل السعودية، وعدد من دول الخليج (الفارسي)”.

وشدد مؤنس على أن “هذه الأخطاء الكبرى جميعا، وهي بالتأكيد لا تقدم مبررا لعمل إرهابي واحد؛ تسهم في صنع مساحات لتنامي قوى الإرهاب والتطرف، التي لا يمكن في النهاية إلا أن تنقلب على رأس من يدعمونها أو يساندونها أو حتى يغضون البصر والطرف عنها طالما تحقق لها مصالحهم”.

وتابع: “لا تبدو التفجيرات الإرهابية الأخيرة بمعزل عن طبيعة التحالفات والعلاقات التي تجرى إعادة صياغتها الآن، وربما لا تبدو بعيدة عن الزيارة الأخيرة لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى كل من أميركا وفرنسا، الذي تزايد نفوذه بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وهو ما يدفع للتساؤل حول ما إذا كانت العمليات الأخيرة تعني أننا سنشهد عودة لصعود اسم ودور ولي العهد الحالي محمد بن نايف باعتباره وزير الداخلية الحالي، والاسم الأبرز سعوديا في ملف مكافحة الإرهاب وعملياته؟”.

واستطرد بأن “ذلك كله لا يبدو بعيدا عن استقبال الملك السعودي مؤخرا في خطوة مفاجئة، وفي ظل ما يجري من تطورات في المنطقة، كلا من يوسف القرضاوي وراشد الغنوشي”.

وقال: “لا نعرف بعد إذا ما كان ذلك نوعا من الاستعداد لضغوط جديدة في ملف المصالحة المصرية مع الإخوان وقطر وتركيا، أم أنه في إطار بحث عن دور جديد ومعدل لقوى ما يسمى بالإسلام السياسي المعتدل كبديل عن تنظيمات التطرف والإرهاب التي تغولت ووصلت قدرتها لتنفيذ مثل تلك العمليات المتتالية والمنتشرة والقوية”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا