مقالات مشابهة

إدراج أم ستينية إلى قائمة ضحايا العدوان والحصار

المشهد اليمني الأول/

أكثرُ العبارات التي تُتردّدُ دائماً دون أدنى أثر: “الأممُ المتحدةُ تقول إن طفلاً يموت في اليمن كُـلّ 10 دقائق”.. “20 مليون نسمة من سكان اليمن بحاجة لمعونات غذائية عاجلة”.. “80 % من اليمنيين يضعُهم تحالف العدوان في سجن منذ ما يقارب خمسة أعوام؛؛ نتيجةَ الحصار المطبق والحظر الجوي والبري والبحري اللاأخلاقي في ظل صمت عالمي لا جديدَ حوله.. “5 آلاف طفل يمني يصابون سنوياً بالأورام؛؛ نتيجةَ أسلحة تحالف العدوان”.. “5 ملايين طفل آخرون مصابون بسوء التغذية”.. “أكثر من 30 % من المرضى المحتاجين للسفر؛ بغرض العلاج هم أطفال، وقد توفى منهم المئات؛ نتيجةَ استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي”.. “المئات من مرضى الفشل الكلوي يموتون شهرياً؛ نتيجةَ نقص الدواء واستمرار العدوان والحصار الذي لا يقل خطورةً عن الصواريخ التي أمطر بها تحالفُ العدوان الأرضَ اليمنية على مدى أربعة أعوام مضت بشكل عشوائي وإجرامي لا مثيلَ له”.

بالأمس، أمل حسين، تفارِقُ الحياةَ؛ نتيجةَ الحصار حين أُصيبت بسوء تغذية وخيم، لتلخص حالَ الآلاف أمثالها من أطفال اليمن الذين يعانون بصمت ولا أحد يكترث لحالهم.

{ خميسة عبده } امرأة تبلغ 60 عاماً تقريباً، تسكُنُ بمحافظة حجة شمال غرب العاصمة صنعاء، أُصيبت بمرض سرطان الثدي وتم استئصاله لكن دون جدوى، فهي من أسرة فقيرة، دخلت تلك الأسرة في مواجهة مباشرة مع هذا المرض الخبيث الذي استشرى في كثير من أعضاء جسد أمها، بلا رحمة.

ومع انعدام دخل الأسرة التي يكافح؛ من أجلِ بقائها، شاب في العشرينيات من العمر يعمل سائقاً لسيارة نقل تابعة لأحد الأشخاص على طريق حجة _صنعاء مقابل أجر زهيد. ومع مرض والدته وشدة آلامها قرّر نقلَ الأسرة إلى منزل متواضع بمدخل صنعاء الشمالي، وبقي في صراع شديد؛ من أجلِ توفير لقمةِ عيش أسرته ومصاريف علاج والدته، مع تراكم الديون عليه لتصل متأخرات إيجار المنزل وغير ذلك إلى حدود نصف مليون ريال.

ظهرت مأساةُ الأسرة قبل أَيَّـام ببرنامج إحدى القنوات، لكن لم تأخذ القضية المستوى المطلوبَ من الأهميّة؛ نظراً لقلة الاهتمام بتلك القناة، وعدم وضع الناس في صورة المتسبب بهذه المآسي المتمثل بالعدوان السعوديّ الأمريكي وحصارهم الجبان لليمن وشعبها الصامد.

لم تمضِ أيامٌ على تناول القصة المؤلمة حتى يصلَ إلى محافظة حجة خبرُ رحيل الحاجة {خميسة} التي غادرت قريتَها على أقدامها وعادت محمولة على الأكتاف داخل نعش، عاشت الفقر ولم تذق طعم السعادة يوماً وكذا المرض والنزوح وحرقة فراق الأرض والجيران والأهل الذين لم تتوقع في يومٍ أنها ستتركهم وتعيش بعيداً عنهم! فما الحال إن كان هذا في ظل مرضها وفقرها وعسر حال ولدها وقلة حيلته في زمن الزيف والخداع.

هذا وسجل اليمنُ خلال العامين الماضيين ما يقرب من 80 ألفَ حالة سرطان وتوفى منهم ما يقرب من 20 ألف حالة؛ لعدم السماح لهم بالسفر للخارج للعلاج وكذلك بسَببِ الحصار المستمرّ على الأدوية الخَاصَّة بهم والمحاليل أَو المواد النوعية الخَاصَّة بمركز معالجة الأورام.

ومن مجلدات أكثر من 1700 يومٍ من العدوان أَيْـضاً والذي سيظل عالقاً في الأذهان موقفُ الطفل “سميح” الذي تمسّك بجثة والده الشهيد في مساء يوم 22 من شهر إبريل 2018م، في استهداف مباشر وجريمة بشعة لتحالف العدوان على حفل زفاف في منطقة الراقة بمديرية بني قيس محافظة حجة؛ ليخلّد “سميح” دمعةً محفورةً في كُـلّ قلب حي وضمير صاحي شهد مشاعره الحارقة في تلك الليلة المفصلية من عمر هذا الطفل اليمني البريء.

أيضاً الطفلة “بثينة” التي ضج العالم لأيام متضامناً مع قضيتها بعد فقدانها جميعَ عائلتها في أغسطُس 2017، ثم سرعان ما تناسى العالم الجريمة والكثير من أشباهها.

في اليمن ليس غريباً أن تسمع الطفل يتحدث بتفاصيل الهموم والمشاكل المحيطة به.

كذلك حالُ الطفلة فرح التي انتزع السرطان فرحتَها وهي في سن الطفولة وفي عمر الزهور، مشاهدُ وَيومياتٌ تلخص مدى فظاعة الوضع الإنساني في اليمن؛ نتيجةَ استمرارِ العدوان والحصار وعدم تعامل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مع القضية بجدية مطلقة وعدالة وإنسانية ومسؤولية، عدا أرقام خيالية تُصرَفُ كنفقات تشغيلية ومرتبات عالية للعاملين في تلك المنظمات وفُتات من المساعدات لبعض شرائح المجتمع تقدَّم بشكل مهين ومخجل قد يتحَرّك الشعب عن ذاته لطردها والعيش بكرامة دونها.

في اليمن بإمْكَانك القول بأنه “هنا انكشف الوجهُ الحقيقيُّ لدُعاة الإنسانية والتحضُّر والعدالة”، “وهنا فقط بإمْكَانك أن تعرفَ مدى خداع الشعوب بزيف القوانين والمواثيق الدولية”.