مقالات مشابهة

ناقلات نفط إيرانية تقترب من شواطئ لبنان مع وضع كل السيناريوهات لمواجهة تطوراتها.. هل ستبلع أمريكا الإهانة أم تجر محور المقاومة إلى حرب السفن؟

ينتظر لبنان، حُكومةً وشعبًا، على أحرّ من الجمر وصول أوّل ناقلة النفط الإيرانيّة الأُولى لإنقاذه من أزمة المَحروقات الطّاحنة، وللتَّعرُّف في الوقت نفسه على التّداعيات التي يُمكِن أن تترتّب عليها، بعد التّهديدات الأمريكيّة والإسرائيليّة بضربها لكَسرِها الحِصار المفروض من البَلدين.

السيّد حسن نصر الله أمين عام حزب الله استَجار بحليفه الإيراني طالبًا البنزين والمازوت بأسرعِ وقتٍ مُمكن، بعد أن توقّفت مُعظم مُولِّدات الكهرباء في المُستشفيات، وأغلقت المخابز أبوابها لانعِدام المازوت، والشّيء نفسه يُقال عن السيّارات والحافِلات، وكان التّجاوب الإيراني مع نِداء الاستغاثة إيجابيًّا وفوريًّا، وجرى تحميل ثلاث ناقلات النفط الأُولى من المُتَوقَّع أن تَصِل إلى الموانئ اللبنانيّة في غُضون ثلاثة أيّام (الجمعة أو السبت على أبعد تقدير).

حزب الله شكّل شركةً خاصَّةً لاستِيراد هذا النفط، وتسديد أثمانه، والإشراف على توزيعه لجميع الجِهات اللبنانيّة دُونَ أيّ تمييز طائفي أو عِرقي أو مَناطقي، ولإضفاء الطّابع التّجاري البَحت، ودُونَ أيّ شُبهة سياسيّة تُوَفِّر الذّرائع لأيّ عُدوانٍ أمريكيّ إسرائيليّ.

وزارة الخارجيّة الإيرانيّة قالت أمس الاثنين في بيانٍ رسميّ “إنّ إرسال النفط إلى لبنان قرارٌ سِياديّ وأمريكا ليست في موقع يسمح لها بمنع التّجارة المشروعة بين الدّول”، وأكّد السيّد أبو الفضل عموني، عُضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني “أنّ أيّ خطأ من قِبَل الصّهاينة، أو غيرهم، سيُواجَه برَدٍّ ثُنائيّ من قِبَل إيران ولبنان معًا”.

المعلومات المُتَوفِّرة إلينا في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” أنّ هُناك غُرفة عمليّات مُشتركة لبنانيّة (حزب الله) وإيرانيّة (الحرس الثوري) تُشرِف على مُتابعة هذا الملف، وتضع الخطط لمُواجهة جميع الاحتِمالات، بِما في ذلك مُهاجمتها في مياه البحر المُتوسّط قُبالة السّواحل اللبنانيّة من قِبَل طائرات إسرائيليّة أو أمريكيّة.

هُناك احتِمالان مُتداولان حاليًّا في الأوساط اللبنانيّة والإيرانيّة، الأوّل أن تُفرِغ هذه النّاقلات الثّلاث حُمولتها تِباعًا في الموانئ اللبنانيّة، مرفأ بيروت أو مرفأ صيدا، أو تذهب إلى مرفأ بانياس السّوري، ويتم نقل حُمولتها من المَحروقات عبر الشّاحنات إلى الأراضي اللبنانيّة على غِرار ناقلات النّفط الإيرانيّة التي كسَرت الحِصار على سورية، وأنقذتها جُزئيًّا من أزَمَةٍ نفطيّةٍ حادّة.

لا نَعرِف بالضّبط أيّ من الاحتِمالين سيتم اختِياره، وإن كُنّا لا نَستبعِد الثّاني، أيّ تفريغ الحُمولة النفطية في ميناء بانياس السّوري، ولكن يجب التَّأكُّد مُسبَقًا عمّا إذا كانت السّلطات المِصريّة ستَسمح لها بالمُرور عبر قناة السويس أم لا، خاصَّةً أنّ هُناك معلومات شِبه مُؤكَّدة بأنّها، أيّ السّلطات المِصريّة، تُواجِه ضُغوطًا أمريكيّة وإسرائيليّة مُكثَّفة لإغلاق القناة في وجهها، وفي هذه الحالة قد تلجَأ إلى تغيير مسارها، والذّهاب إلى وجهتها النهائيّة عبر رأس الرّجاء الصّالح في جنوب القارّة الإفريقيّة، وهي رحلة تستغرق 40 يومًا، أيّ أربعة أضعاف الرّحلة عبر قناة السّويس.

السيّد نصر الله وجَّه تَحذيرًا قويًّا للتّحالف الإسرائيلي الأمريكي، وقال في خِطابه قبل الأخير “مُنذ اللّحظة التي تُبحِر فيه النّاقلات تُصبِح أرضًا لُبنانيّة” ممّا يعني أنّ أيّ عُدوان عليها سيكون عُدوانًا على لبنان سيتم الرَّد عليه فَورًا ودُونَ أيّ تأخير وبالقَدرِ “المُناسِب والمُتناسِب”.

التّحالف الأمريكي الإسرائيلي لم يتَصدّ لناقلات النفط الإيرانيّة التي كانت في طريقها إلى الموانئ السوريّة، ولم يتصدّ قبلها لأربع ناقلات إيرانيّة حملت البنزين والمازوت إلى فنزويلا، ولا نعتقد أنّه سيَجرُؤ على شنّ أيّ عُدوان على نظيراتها الإيرانيّة الذّاهبة بالمحروقات إلى لبنان، بعد الهزيمة الأمريكيّة الكُبرى والمُذِلَّة في أفغانستان، وفضيحة الفوضى غير المسبوقة في مطار كابول، ولكن لا يُمكِن استِبعاد أيّ احتِمال في ظلّ حالة التَّخبُّط والجُنون والسُّعار الأمريكيّة الإسرائيليّة السّائدة حاليًّا.

الاعتِداء على ناقلات النفط الإيرانيّة يعني جرّ “حزب الله” وإيران إلى حرب السُّفُن الحاليّة المُشتَعلة أوراها في بِحار المِنطقة ومُحيطاتها، وهي معركة خَسِرَها التّحالف الأمريكي الإسرائيلي حتمًا، ودليلنا أنّه لم يُنَفِّذ تهديداته بالإقدام على الرّد الجماعي الذي تحدّث عنه أنتوني بلينكن، وزير الخارجيّة، كرَدٍّ على الهُجوم على سفينةٍ إسرائيليّة في بحر عُمان قبل شهر، وأرسلت بريطانيا ستّين عُنصرًا من قوّاتها الخاصّة إلى مُحافظة المهرة لمُطاردة مُنَفِّذي هذا الهُجوم بالمُسيّرات المُلَغَّمة وقتلهم في اتّهامٍ مُباشر لليمنيين، وفي تَراجُعٍ عن اتّهام الإيرانيين مثلما كان عليه الحال في الأيّام الأُولى للأزَمَة.

السيّد نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء اللبناني المُكَلَّف كان بليغًا في ردّه على مُنتقدي شُحنات النّفط الإيرانيّة عندما قال “أعطونا شمعة.. لن نَرفُض هذه الشّحنات دُون تَوَفُّر البديل”، ولسان حاله يقول، لكن بصفةٍ غير مُباشرة “إيران تُريد مُساعدة لبنان، فلماذا لم يَفعَل حُلفاؤكم في أمريكا والخليج الشّيء نفسه طوال الأشهر الستّة الماضية من الأزَمَةِ الطّاحنة؟”.

“حزب الله” وزعيمه السيّد حسن نصر الله سيكون الفائز الأكبر، سواءً وصلت هذه النّاقلات وفرّغت حُمولاتها، أو تعرّضت لهُجومٍ أمريكيّ إسرائيليّ جرى الرّد عليه، وستزداد شعبيّته داخِل لبنان وخارجه كمُخَلِّص للشّعب اللبناني من أزماته، وكمُدافع عن سيادته وكرامته، والأُمّتين العربيّة والإسلاميّة.

ألمْ نَقُل لكم إنّ زمن الهزائم لأمريكا وحُلفائها قد بدأ، والبِداية أفغانستان، ومُرورًا بالعِراق وسورية، وانتهاءً بفِلسطين وقد تكون المَحطّة الأقرب لبنان؟.. والأيّام بيننا.
______
رأي اليوم