مقالات مشابهة

السعودية تلتزم الصمت إزاء تفاهمات سرية مع إيران لحل ملفات الخلاف

التزمت السلطات السعودية الصمت إزاء تواتر تقارير إعلامية عن تفاهمات سرية تم التوصل إليها مع إيران لحل ملفات الخلاف ووقف التناحر بين الخصمين الإقليميين خلال السنوات الماضية.

وتجمع العديد من الشواهد أن عهد القطيعة بين الرياض وطهران يوشك أن ينتهي، بعد قطيعة دامت لأكثر من خمس سنوات، وأنهما يقتربان من إعلان فتح سفارات البلدين لإحداث نقلة نوعية في العلاقات الثنائية.

وبهذا الصدد أورد موقع “أمواج ميديا” الإيراني عن تفاصيل اتفاق سري بين السعودية وإيران برعاية العراق لوقف التناحر بين الخصمين الإقليميين خلال السنوات الماضية.

وقال الموقع إن الرياض وطهران اتفقتا على إيقاف الحملات الإعلامية المعادية بين البلدين وأبدتا التزما بدعم بعضهما البعض في المنظمات الدولية.

وأشار الموقع المعروف عن قربه من السلطات في إيران، بأن هذا سيشكل تحولاً كبيراً بعد سنوات التناحر، مشيرا إلى أن اجتماع سعوديا إيرانيا جرى مؤخرا في مطار بغداد الدولي.

وبحسب الموقع ضم الاجتماع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ووزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي.

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده صرح مؤخرا أن المحادثات الجارية مع السعودية مستمرة على أفضل وجه.

لكن زادة نفى تقارير عن زيارة مرتقبة لوفد من السعودية إلى طهران لبحث إعادة افتتاح سفارة المملكة، مشيرا إلى أن المفاوضات بين إيران والسعودية مستمرة في بغداد.

وكشف المتحدث الإيراني أن المحادثات شملت قضايا إقليمية، في ظل مساعٍ لخلق علاقة دائمة بين البلدين.

وتحدثت تقارير أن من ضمن التفاهمات بين الجانبين الإيراني والسعودي، وقف الدعم السعودي للمعارضة والاستثمارات السعودية في سوريا والعراق، بالإضافة إلى مقترحات بإنشاء طريق دولي يربط مدن مشهد الإيرانية وكربلاء العراقية ومكة السعودية.

يأتي ذلك بعد سلسلة من الجولات التي عُقدت بين الجانبين في العاصمة العراقية بغداد، حيث أعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في وقت سابق أن الرياض عقدت جولة رابعة من المفاوضات المباشرة مع إيران، في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، ولا تزال في مرحلتها “الاستكشافية”، وذلك خلال مؤتمر صحفي له في العاصمة السعودية مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل.

وقال مصدر دبلوماسي عراقي، مطلع على الاجتماع الأخير بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين، إن الجولة الأخيرة من الحوار بين طهران والرياض كانت “إيجابية للغاية”.

وذكر المصدر أنه “كان هناك خوف بعد توقف جولات الحوار بسبب انتقال السلطة في طهران، من فشل هذه المحادثات، لكن اللقاء الأخير الذي حضره علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وعادل الجبير وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، ينذر بمزيد من التفاهمات، فيبدو أن كلا الجانبين مصمم على إعادة العلاقات”.

وتعد هذه الجولة من المفاوضات هي الأولى منذ أن تسلم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي منصبه في أغسطس/آب الماضي.

وبحسب مصادر أمنية إيرانية فإن ملف المحادثات مع السعودية، قد انتقل من وزارة الخارجية إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني برئاسة الجنرال علي شمخاني.

وأكدت مصادر إيرانية خاصة أنّ هناك هيئات أمنية سعودية وصلت إلى إيران للعمل على ترميم السفارة السعودية للترتيب لإعادة فتح سفارة السعودية بطهران، والقنصلية السعودية في مشهد بعد اقتحام متظاهرين إيرانيين للسفارة السعودية في طهران والقنصلية في مدينة مشهد عام 2016، عقب إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر.

وذكرت تلك المصادر أنّ الوفد الأمني السعودي عمل على تحديث المنظومة الأمنية والتقنية داخل السفارة والقنصلية السعودية، والتأكد من عدم تعرضهما لأي اختراقات قبل إعادة فتحها من جديد.

في المقابل، وصل وفد إيراني أمني لإعادة ترتيب فتح السفارة الإيرانية في الرياض والقنصلية في جدة، بحسب تأكيدات المصدر الأمني المطلع، والتي ستعمل بدورها على إعادة تجهيز فتح السفارة والقنصلية الإيرانية في كل من الرياض وجدة.

من جانبه، أشار المحلل السياسي الإيراني المقرب من الخارجية الإيرانية، قيس قريشي، أن فتح السفارات في البلدين يعد بادرة حسن نية وبداية لحلحلة الكثير من الملفات بين الطرفين.

ويشير قريشي إلى أن إيران تفضّل تقسيم الملفات كل على حدة، وأن تتم مناقشة كل ملف بمفرده وليس مناقشتها دفعة واحدة، منوهاً إلى أنّ طهران أكدت للرياض عبر المفاوضات التي أجريت على ضرورة فتح السفارات في بداية الأمر قبل التوصل لأي تسوية أو اتفاق متعلق بالملف اليمني أو السوري.

وذكر قريشي أنّ الجانب الإيراني أبلغ نظيره السعودي أنّه بعد عودة فتح السفارات فإنّ المفاوضات ستصبح علنية، وسيرتفع التمثيل الدبلوماسي بالمفاوضات التالية.

فيما قال مصدر مقرّب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن الأخير اقترح على الجانبين السعودي والإيراني إنشاء طريق دولي سريع يربط بين مدينة مشهد الإيرانية ومكة المكرمة، ويمر من خلال مدينة كربلاء العراقية.

وأضاف “هذا الطريق له دلالة كبيرة على عمق العلاقات”، فمدينة مشهد تعتبر واحدة من أهم المدن الدينية المقدسة لدى المسلمين الشيعة داخل إيران وخارجها، فهي تضم الكثير من الأضرحة الشيعية، مثلها مثل مدينة كربلاء العراقية.

جرى في جولات المفاوضات استعراض الأدوار السياسية التي يقوم بها الطرفان في المنطقة، بحسب مصادر أوضحت أن إيران اشترطت على السعودية قبل إعادة فتح السفارات والعلاقات الدبلوماسية، التوقف عن دعم المعارضة وتقديم أي دعم سياسي أو إعلامي أو مالي لها.

وعلى رأس هذه الشروط وقف دعم السعودية لـ”جيش العدل”، ومقره في بلوشستان، جنوب شرق إيران، ويمثل المعارضة السنية بالمنطقة، ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وفصائل المعارضة الأحوازية؛ إذ تتهم طهران الرياض بتقديم دعم وتمويل لهجمات الجماعة المسلحة التي كانت تنفذ بحق جهات أمنية وعسكرية تابعة للنظام الإيراني.

وبحسب المصدر الدبلوماسي العراقي، كان من ضمن القضايا التي ناقشها الطرفان مسألة الحملات الإعلامية التي يشنها الجانبان ضد بعضهما البعض. إذ طلبت إيران من السعودية وقف عمل القنوات والمواقع الاخبارية الناطقة بالفارسية “التي تمولها السعودية مباشرة، والتي تثير الأخبار الكاذبة وتنشر صورة عدائية للجمهورية الإسلامية”.

يذكر أن أشهر هذه القنوات الناطقة بالفارسية الممولة سعودياً هي قناة إيران إنترناشونال، التي تتبنّى خطاباً مناهضا للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وبحسب المصدر ذاته، فإن إيران طلبت من الجانب السعودي أيضاً وقف تمويل الصحفيين الأحوازيين المعارضين للجمهورية الإسلامية، والمقيمين خارج إيران.

وحظيت الحرب في اليمن باهتمام كبير على طاولة المفاوضات بين طهران والرياض. فالوفد الإيراني ذكر أنّهم ليس لديهم أي مانع من إيجاد تسوية في الملف اليمني، مؤكدين لهم أنّ على الرياض أن تمضي في عقد اتفاقية وتسوية سياسية تجمع كلاً من الحكومة الشرعية في اليمن من جانب وجماعة “أنصار الله” من جانب آخر، وتكون بحضور ورعاية سعودية-إيرانية.