مقالات مشابهة

انتخابات لبنان… المقاومة تواجه الدولة العميقة اقتصادياً

مع إفلاس البرامج الانتخابيّة من الخطط الإنقاذية في بلد أضحى نموذجاً على صعيد الأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية، المقاومة تطرح خطة نهوض اقتصادي متكاملة، تحاكي المشاكل الحقيقية للمجتمع وتستعد لمواجهة قانونية وبرلمانية وحكومية.

مع اقتراب لبنان من موعد الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في الـ 15 من أيار/ مايو الحالي، أضحت الحقيقة المغيّبة لمشروع الدولة العميقة أكثر وضوحاً، مع ما يرتبط بها من خديعة تمّ التخطيط لها بعناية، أوصلتنا إلى نموذج قلّ نظيره بين الدول على صعيد الأزمات الاقتصاديّة والماليّة والنقديّة، وازدادت التساؤلات بشأن الجدوى من منح هذا النموذج الفاشل فرصة جديدة تُمكّنه من الاستمرار في استنزاف البلد بهذا الشكل المكشوف بإشراف الجهة نفسها، وخاصة مع دخول لبنان في المجهول الاقتصادي المترافق مع أزمات متعددة، كالسيولة والملاءة وانعدام الثقة بالمصارف والبطالة والكهرباء.

وفي بلد يعاني من الإفلاس الممهنج والحصار وكل أنواع الانهيارات الاقتصادية، كان من المفترض أن يكون التنافس في البرامج الانتخابيّة على برامج اقتصادية إنقاذية، ولكن المفاجأة كانت في إفلاس البرامج المواجهة لمشروع المقاومة، حيث أصبح واضحاً أنّ حلفاء الدولة العميقة في لبنان يُصرّون على السير في نهج الانهيار والانتحار الاقتصادي خدمة لمشاريع التطبيع والارتهان الخارجي، في حين تبنّت المقاومة في برنامجها خطوات مدروسة للإنقاذ الاقتصادي، وأخذت على عاتقها مسؤولية النهضة بالبلاد مجدداً.

بناءً عليه، دخلنا في المواجهة التالية: مشروع للمقاومة الذي يهدف إلى إنقاذ لبنان اقتصادياً وتفعيل دوره المحوري مجدداً وإعادة الاعتبار إلى المجتمع، ومشروع الانتحار والارتهان لتقسيم المجتمع اللبناني وتفكيكه وبيع أصول الدولة بقيادة الدولة العميقة.

ومن هذا المنطلق، جاء طرح المقاومة لخطة نهوض اقتصادي متكاملة، تحاكي المشاكل الحقيقية للمجتمع والاقتصاد، وتستعد لمواجهة قانونية وبرلمانية وحكومية وإنقاذية للبنان مع من يرفضون تحمّل المسؤولية، لا بل يسعون إلى تبديد ثروة الغاز مقابل مصالح ومناصب ومكاسب شخصية.

إنّ خطة النهوض الاقتصادي هذه تقوم على البنود التالية:

1- إيجاد حلّ فوري وسريع لأزمة الكهرباء، يوقف الاستنزاف الاقتصادي والمالي، ويكسر الحصار المفروض على الدولة عبر تفعيل العروض المقدمة إلى لبنان من الصين وإيران وتركيا، وتحويل معامل إنتاج الطاقة إلى العمل بواسطة الغاز بدلاً من الـ”فيولاز أويل”، إضافة إلى تطوير المعامل الكهرومائية والطاقة البديلة في البقاع. وتفيد الدراسات بأنّ تنفيذ ذلك يحتاج إلى 18 شهراً.

2- العمل على إقرار خطة التعافي المالي والاقتصادي بشكل عاجل. يتزامن ذلك مع رفض ما يُسمّى خطة توزيع الخسائر، والتدقيق في الأرقام بما يتناسب مع مصلحة الناس لا مصلحة الدولة العميقة بارتباطاتها السياسية.

3- إقرار قانون حفظ حقوق المودعين، على أن لا تسقط مع مرور الزمن، والتواصل مع الدول التي أُخرجت إليها الأموال للتدقيق فيها واستعادتها.

4- إصلاح بنية النظام المالي والقطاع المصرفي وإعادة هيكلته وإعادة الانتظام العام النقدي.

5- العمل على وقف انهيار الليرة اللبنانية وتوحيد سعر الصرف وجعله مستقراً.

6- تنفيذ عقد التدقيق الجنائي وتحديد مدة زمنية له حدّها الأقصى سنة واحدة.

7- فتح تحقيق في الهندسات المالية التي أجراها مصرف لبنان المركزي، واستعادة الأموال.

8- تثبيت الاقتطاع النقدي من الفوائد الفاحشة لا من أصل المبلغ.

9- دعم القطاع الزراعي وإعادة النظر في كل الاتفاقيات المجحفة بحق لبنان، وبالتحديد العودة إلى زراعة القمح وإخراج هذا القطاع من سيطرة مافيات الدولة العميقة، وتوفير مقوّمات حمايته وتصريفه داخلياً وخارجياً.

10- دعم التحفيزات الصناعية وتكبير الوعاء الصناعي وإخراجه من تجارة الاحتكار وتخفيف أعباء الإنتاج، وخاصة أنّ الدراسات تؤكّد أنّ لبنان بدعمه الإنتاج الداخلي يستطيع توفير حوالى 10 مليارات دولار من الاستيراد، كما يمكنه أن يزيد من صادراته بشكل كبير، ومثال على ذلك قطاع الدواء الذي يمكن أن يحقق إيرادات تبلغ 1.4 مليار دولار، وقطاع المواد الغذائية بإيرادات تصل إلى 900 مليون دولار.

11- الاهتمام بالسياحة كمورد مالي داعم للاقتصاد وليس للاستفادة منه في زواريب الدولة العميقة.

12- تطوير خدمات التعليم والمعلوماتية والاستثمار الصحيح في عالم الإنترنت، لما للبنان من دور مميز في هذا المجال، بقدراته البشرية والعلمية الكبيرة.

13- العمل فوراً على إقرار نظام عادل للأجور لمواجهة التضخم والإفلاس والمجاعة والإذلال.

14- إصلاح النظام الضريبي بالاستناد إلى توحيد الوعاء الضريبي واعتماد الضريبة التصاعدية واتخاذ الإجراءات المناسبة والعادلة التي تُنمّي خزينة الدولة.

15- إقامة المناطق الصناعية وإصدار التشريعات وإقرار الحوافز المناسبة لها.

16- الاستفادة من الثروة المائية بأقصى ما يمكن، وخاصة مع وجود توجّه عالمي لاعتماد المياه مصدراً أساسياً في أنظمة حماية الأمن الغذائي.

بناءً عليه، أضحى الفارق اليوم واضحاً ما بين مشروعين. مشروع للنهوض الاقتصادي يحافظ على لبنان، وهو بقيادة المقاومة، ومشروع طالبي السلطة الذي يهدف إلى بيع البلد وكسر المجتمع. وما دعم المجتمع الدولي للمشروع الثاني والهمس الذي يُسمع في أروقة الصالونات السياسية والوزارات والمؤسسات بشأن ربط المساعدات بشروط سياسية، حتى لو تم تنفيذ جميع الإجراءات الإصلاحية، سوى تأكيد جديد للأطماع الخارجية في ثروات هذا البلد.

لقد حانت ساعة المواجهة، واللعب أصبح مكشوفاً، فأيّ مشروع سيختار الشعب اللبناني؟ أسبوع فقط يفصلنا عن هذا القرار المصيري.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زياد ناصر الدين
الميادين نت