مقالات مشابهة

كشف الدور السعودي الأمريكي في التآمر على الرئيس اليمني واغتياله

في 13يونيو 1974م، كان الشعب اليمني على موعد مع حركة التصحيح بقيادة العقيد إبراهيم الحمدي الذي صاغ برنامج الحركة وحدد أهدافها وأعلنها للشعب مؤكداً دخول اليمن مرحلة جديدة من تاريخها.

واجه الحمدي تحديات عدة ابرزها التدخل السعودي في اليمن وبدأ بخطوات تدريجية العمل على انهاء ذلك التدخل السافر والذي بلغ درجة لا يمكن القبول بها فقد كانت السعودية تتدخل في كل صغيرة وكبيرة منها تعيين المسؤولين وتحديد سياسات الدولة وإدارة الفوضى داخل البلاد من خلال اتباعها من نافذين وغيرهم وارادت في تلك الفترة دفع البلاد الى نسخة ثانية من الحرب الشطرية الا ان الرئيس الحمدي تمكن من انهاء الخلافات مع الشطر الجنوبي فتحول التوتر الذي ساد العلاقة بين الشطرين الى روابط متينة من الاخاء والعمل الجاد على إعادة تحقيق الوحدة.

وشيئاً فشيئاً كانت البلاد تتجه نحو الاستقرار والأمن والبناء والعمل ضمن ما شهدته في تلك المرحلة من التأسيس الفعلي لدولة المؤسسات إضافة الى بناء عوامل القوة الذاتية في ظل استمرار الدولة حينها في استنهاض الشعب للمشاركة بعملية البناء فكانت التعاونيات التجربة الفريدة التي أدت الى شق الطرقات وبناء المدارس وتنمية الريف بمختلف المشاريع.

لقد تمكن الرئيس الحمدي خلال ثلاث سنوات من تحقيق إنجازات عدة على مختلف الأصعدة وكان هناك الكثير من المشاريع التطويرية والحيوية قد بدأ العمل بها اضافة الى مشاريع أخرى قيد الدراسة منها المدن السكنية في صنعاء والحديدة وغيرها إضافة الى الشركات العامة في مجالات الصناعة والزراعة ناهيك عن مشاريع تطوير صنعاء وكل تلك المشاريع لم تنفذ وتعرضت مخصصاتها للنهب من قبل سلطة الانقلاب الدموي التي تولت الحكم بعد ان امتدت اياديها الآثمة لاغتيال الرئيس الحمدي تنفيذاً للتوجيهات السعودية والأمريكية.

لقد كان الحمدي يواجه التدخل الخارجي بطريقة هادئة وفي نفس الوقت حاسمة فقد عمل على وضع السعودية ومن خلفها واشنطن امام الامر الواقع من خلال الخطوات التاريخية مع الرئيس سالمين لإعادة تحقيق الوحدة غير أن العملاء في قيادة البلد وللأسف كان هؤلاء العملاء من المحيطين بالحمدي وينتمون للمؤسسة العسكرية وعلى رأسهم احمد الغشمي رئيس الأركان وقتها وعلي عبدالله صالح الذي كان يتولى قيادة لواء تعز فكان انقلاب 11 أكتوبر 1977م يوماً اسوداً بالنسبة لليمنيين.

لقد كان الحمدي يسعى بكل جهد الى استقلال البلد وطي صفحة الوصاية الأجنبية وإيقاف التدخل في شؤونه الداخلية وكان على اعتاب تحقيق ضربة قاصمة لذلك التدخل لولا خيانة الغشمي وصالح وتنفيذهما للمخطط الانقلابي الدموي البشع بإشراف الملحق العسكري السعودي صالح الهديان وبتوجيهات من القيادة السعودية وضوء أخضر من الجانب الأمريكي الذي اكد حينها أنه لم يكن يتوقع أن يكون الحمدي بمثل هذه الخطورة حتى اصبح يشكل خطراً على المصالح الامريكية والسعودية من خلال توجهه الجاد نحو بناء دولة يمنية مستقلة لا تخضع للحلف الغربي فأراد الخروج من عباءة التصنيف العالمي ضمن الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي والامر ذاته كان بالنسبة للشهيد سالم ربيع علي.

لقد أكدت المؤامرة على الرئيس الحمدي وطنية حركة 13 يونيو وهو ما تحدث به البردوني في اليمن الجمهوري قائلاً : انكشاف الوجود آخر 77م فأبرزت تلك المؤامرة وطنية تلك الحركة وهويتها الثورية من خلال وجوه المتآمرين عليها لأن معرفة النقيض يجلي وجه نقيضه .. الشعب استجلى وطنية ثورية يونيو وهويتها اليمنية ولقد دلت المؤامرة عليها على صدق وطنيتها وعلى يمنيتها العامة التي تتبنى يمناً واحداً وترفض وهمية الشطرين وكل الاحداث التي استجدت لضبابية وجه يونيو زادت من اشراق وجهه اليمني.

لقد أدرك الجميع الى أين كان يتجه الحمدي لاسيما من عاصر تلك المرحلة فقد كانت خطوات الحمدي تكشف عن طموحه في تحقيق الاستقلال بعد ان تمكن من الإطاحة بالنافذين المرتبطين باللجنة الخاصة وفتح باب الحوار مع مختلف القوى الوطنية ضمن التمهيد الجاد للخطوات التاريخية في اعلان دولة يمنية مستقلة لا علاقة لها بصراع موسكو وواشنطن.

وهنا نتوقف عند ما كتبه الاديب عبدالله البردوني : كانت أواخر العام 1976م تشي الى انعتاق المرحلة السياسية بصورة تدريجية من القمقم الذي يمثل ضغوط الجار القريب ونوايا “حمران الوجوه” فواقع المرحلة اذا في تلك الفترة لم يكن يمثل ولاء شخصيا او قبليا او عشائريا او طائفيا، ولكن هذا لم يمنع انه كان ينحو منحى في حب السلطة وممارسة الحكم الا انه تميز بتطبيقات فورية أدت الى تبرير اي نوع من أنواع الممارسات مهما كانت وتعزيز الثقة الوطنية بذلك الواقع السياسي الذي خرج من أعماق ذلك القمقم ليضفي نوعاً من الاستقرار للمرحلة السياسية التي شهدتها الساحة اليمنية.

ويقول البردوني ان حركة يونيو وبكل المقاييس اهم حركاتنا الوطنية لأننا من يوم انفجارها ملكنا قرارنا اليمني وامتلكنا مصيرنا عن موقف يمني وعن وطنية لا تساوم ولا تنحني لأي عاصفة وهذه الفترة ازهى عهودنا الوطنية اجتماعياً واقتصادياً ودولياً إذ تقدمت اليمن من خانة الأقل نمواً الى الدول النامية, ولم يكن سقوط تلك المؤامرة الى ذلك الدرك الأسفل إلا انصع دليل على خطوة حركة يونيو وعلى شعبيتها الكاسحة.