مقالات مشابهة

ضربة قاصمة وغضب أمريكي.. لقاء تأريخي بين فصائل فلسطينية والرئيس السوري في دمشق بعد قطيعة عشرة أعوام

في تطور تأمل الحركة أن “يطوي صفحة” الماضي، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء وفدا من فصائل فلسطينية بينها حركة حماس، بعد قطيعة مع دمشق لعقد من الزمن.

وجاءت زيارة وفد من حماس إلى دمشق بعد توقيع الفصائل الفلسطينية الخميس اتفاق مصالحة في الجزائر تلتزم بموجبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام.

أكدت حركة حماس الفلسطينية من دمشق الأربعاء استئناف علاقتها مع السلطات السورية، إثر لقاء وصفته بـ”التاريخي” مع الرئيس السوري بشار الأسد، بعد قطيعة بدأت إثر اندلاع النزاع واستمرت أكثر من عشر سنوات.

وكانت حماس، التي تدير قطاع غزة المحاصر، تُعد من أوثق الحلفاء الفلسطينيين للأسد. وجعلت من دمشق مقرا لها في الخارج طوال سنوات، قبل أن تنتقد قمع السلطات للاحتجاجات التي عمّت البلاد بدءا من منتصف آذار/مارس 2011.

والتقى رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة خليل الحية الأربعاء الأسد، ضمن وفد ضم عددا من مسؤولي الفصائل الفلسطينية، في أول لقاء يجمع بين الطرفين منذ بدء النزاع في سوريا.

وقال الحية خلال مؤتمر صحافي إثر اللقاء “نعتقد أنه يوم مجيد ويوم مهم، نستأنف فيه حضورنا إلى سوريا العزيزة ونستأنف فيه العمل المشترك.. مع سوريا”. وأضاف “نعتبره لقاء تاريخيا وانطلاقة جديدة متجددة للعمل الفلسطيني السوري المشترك”.

وفي وقت لاحق، أفادت الرئاسة السورية عن استقبال الأسد وفدا ضمّ قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية، وجرى النقاش حول نتائج “حوارات المصالحة في الجزائر”.

ونقلت عن الأسد تأكيده أمام الوفد أنه “على الرغم من الحرب التي تتعرض لها سوريا، إلا أنها لم تُغير من مواقفها الداعمة للمقاومة بأي شكل من الأشكال”.

ولم يتطرق البيان إلى عودة حماس إلى دمشق، لكن الرئاسة نشرت صورا ظهر الأسد في إحداها وهو يسير جنبا إلى جنب مع الحية، وهما يتبادلان أطراف الحديث.

ضربة قاصمة

قالت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيى “يمكن أن يُعزى حرص قادة حماس على التقارب مع إيران وحزب الله في هذه المرحلة الدقيقة، إلى أن الحركة تجد نفسها معزولة بعدما طبّعت عدة دول عربية علاقاتها مع اسرائيل”.

وعلى مدى سنوات، اعتبر مسؤولون سوريون في تصريحاتهم مغادرة حماس “ضربة قاصمة” للعلاقة مع سوريا، وبعضهم وصفها بـ”الخيانة”.

وجاءت زيارة حماس إلى دمشق بعد توقيع الفصائل الفلسطينية الخميس اتفاق مصالحة في الجزائر، تلتزم بموجبه بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام.

طي صفحة الماضي

وتوترت العلاقات تدريجيا بين الطرفين إثر اندلاع النزاع في سوريا. وغادر قياديو الحركة وعلى رأسهم رئيس مكتبها السياسي السابق في الخارج خالد مشعل دمشق في شباط/فبراير 2012. وأغلقت الحركة كافة مكاتبها وأوقفت أنشطتها فيها.

وقال الحية “أي فعل فردي هنا أو هناك هو فعل خاطئ لا تقره قيادة الحركة ولم تقره”، مؤكدا “إننا متفقون مع سيادة الرئيس على أن نتجاوز الماضي ونذهب إلى المستقبل”.

وأضاف “نستعيد علاقتنا مع سوريا العزيزة بقناعة وبإجماع قيادي.. وبتفهّم من محبي حركة حماس”، مؤكدا ردا على سؤال صحافي، عدم تحفظ أي من حلفائهم أو داعميهم الإقليميين، خصوصا تركيا وقطر، على هذه الخطوة. وأضاف “بل هم شجعونا على ذلك وقالوا نحن نؤيدكم”.

وجاءت زيارة وفد حماس الى دمشق بعد إعلان قيادتها الشهر الماضي رغبتها باستئناف العلاقات مع دمشق، على ضوء “التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمتنا”، في إشارة ضمنية – وفق محللين- إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين عدد من الدول العربية وإسرائيل واستئنافها بين إسرائيل وتركيا التي لجأ إليها عدد من قياديي حركة حماس بعد خروجهم من سوريا.

وتأتي الزيارة في وقت برزت مؤخرا مؤشرات عن تقارب محتمل بين سوريا وتركيا، إثر تصريحات لمسؤولين أتراك دعت إلى “مصالحة” بين النظام السوري والمعارضة التي تعد أبرز داعميها، في تحوّل بارز في موقفها المعارض منذ بداية النزاع.

كما شهدت السنوات الماضية استئنافا للعلاقات بين سوريا ودول عربية أخرى، على رأسها الإمارات العربية المتحدة بعد قطيعة على خلفية النزاع.

وقال الباحث في مركز سنتشوري انترناشونال آرون لوند لوكالة الأنباء الفرنسية “يبدو أن عودة التواصل بين نظام الأسد ودول عربية أخرى سهلت المصالحة بين دمشق وحماس”، مشيرا إلى أن التغيرات الأخيرة في الموقف التركي أيضا من دمشق “كانت مفيدة لحماس”.

وساطة حزب الله

كانت حركة حماس أعلنت في 2017 فك ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في سوريا منذ الثمانينات، والتي تعد من أبرز مكونات المعارضة السورية إثر اندلاع النزاع.

واضطلع حزب الله اللبناني بدور الوسيط بين حركة حماس والسلطات السورية، وفق ما قال مسؤولون في حزب الله والحركة لوكالة الأنباء الفرنسية.

وحافظت الحركة على علاقة جيدة مع حزب الله، المدعوم من طهران. ورغم خلافه معها حول موقفها من دمشق، لطالما اعتبرها جزءا من “محور المقاومة” الذي يضم أيضا دمشق وطهران وفصائل عراقية وحركة أنصار الله الحوثية في اليمن.

ويتردد مسؤولون من حركة حماس بشكل دوري على لبنان، بينهم رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية. ويقول محللون إن بيروت باتت بمثابة “حاضنة” لقيادات حماس.

وبحسب مصدر مطلع على الوساطة بين الطرفين، فإن دمشق ليست منفتحة في الوقت الراهن على إعادة فتح حماس لمكتبها على أراضيها.

غضب أمريكي

على ذات السياق، قالت الولايات المتحدة الخميس، إن مصالحة حركة حماس الفلسطينية والرئيس السوري بشار الأسد تظهر عزلة الأخير، محذرة من أي تطبيع للعلاقات مع السلطات السورية، واعتبرت أن الخطوة تضر بمصلحة الشعب الفلسطيني وتقوض الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب في المنطقة وخارجها.

وحذرت الإدارة الأمريكية من أي تطبيع للعلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، واعتبرت أن مصالحته مع حركة حماس الفلسطينية تظهر “عزلته”.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحافيين الخميس، إن “تواصل نظام الأسد مع هذه المنظمة الإرهابية يؤكد لنا عزلته”. وأضاف أن “هذا يضر بمصالح الشعب الفلسطيني ويقوض الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب في المنطقة وخارجها”.

وأكدت الخارجية الأمريكية أنها “ستواصل رفض أي دعم لإعادة تأهيل نظام الأسد، لا سيما من المنظمات المصنفة ارهابية مثل حماس”.

وتحالفت حماس التي تسيطر على قطاع غزة طويلا مع سوريا، لكنها اتخذت مسافة منها عام 2012، مستنكرة قمع نظام الأسد للاحتجاجات.

يذكر أن الأسد زار في آذار/مارس الإمارات العربية المتحدة، في مؤشر تطبيع أدانته الولايات المتحدة الشريك الوفي لدول الخليج العربية.