مقالات مشابهة

استمرار تحرك العراق في اتجاه طرد القوات الأمريكية

للوهلة الأولى، قد يبدو أن إسقاط طائرة مسيرة عسكرية محتلة من قبل الجيش العراقي لم يكن ذا مغزى، بل مجرد حدث للدفاع عن أمن الحدود الجوية للبلاد ونتيجة لخلاف بين القوات الجوية العراقية وما يسمى التحالف المناهض لداعش، لكن هذا الحدث الذي يبدو صغيرًا يمكن أن يكون نقطة انطلاق لمغامرة كبيرة في القتال ضد الغزاة الأجانب. وحول هذا السياق، أفادت وسائل إعلام عراقية مساء السبت (14 مايو 2022) بأن طائرة مسيرة تحطمت في سماء بغداد.

وحسب قناة صابرين نيوز تلغرام، فقد تم استهداف طائرة تابعة لحلف شمال الأطلسي في منطقة الطارمية شمال بغداد في الساعة 5:00 مساءً بتوقيت بغداد. وأضاف إن “الدلائل تشير إلى أن الطائرة التي سقطت تابعة للجيش الفرنسي تحطمت بعد 12 دقيقة من إقلاعها جراء إطلاق نار مباشر في منطقة تابعة للفرقة السادسة من الفوج الـ23 للجيش العراقي”.

وجاء ذلك في وقت أدت فيه الخلافات بين الفصائل السياسية العراقية حول تشكيل حكومة جديدة، إلى حد ما، إلى تهميش قضية استمرار وجود المحتلين الأجانب في العراق وضرورة مواجهتهم. بطريقة ما، أصبح استمرار المأزق السياسي الذي دام سبعة أشهر في العراق سيناريو مناسبًا للمحتلين الأمريكيين، لأن قضية استمرار وجودهم إلى حد كبير خرجت عن دائرة الضوء.

ومع ذلك، أظهر إسقاط طائرة فرنسية دون طيار في بغداد أنها قد تكون لحظة مهمة في تغيير المعادلة السياسية في البلاد. ووقعت الحادثة في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عندما استهدفت طائرات مسيرة مجهولة مواقع الحشد الشعبي في منطقة “زمار” بين أربيل والموصل بالتزامن مع تحليق طائرة استطلاع أمريكية، وفي المقابل قامت القوات المسلحة العراقية باستهدف لعدة مرات مواقع إرهابية تابعة للقوات الأمريكية.

تغيرات تحدث في المعادلات السياسة والدخول في مغامرة رائعة

للوهلة الأولى، قد يبدو أن إسقاط طائرة مسيرة عسكرية محتلة من قبل الجيش العراقي لم يكن ذا مغزى، بل مجرد حدث للدفاع عن أمن الحدود الجوية للبلاد ونتيجة لخلاف بين القوات الجوية العراقية وما يسمى التحالف المناهض لداعش، لكن هذا الحدث الذي يبدو صغيرًا يمكن أن يكون نقطة انطلاق لمغامرة كبيرة في القتال ضد الغزاة الأجانب. كل المعادلات تدل على أن صبر المجتمع العراقي يفيض مع استمرار الوجود والتخريب للمحتلين الاجانب في البلاد.

وبإسقاط الطائرة الفرنسية دون طيار أظهر العراقيون أنهم سيكونون قادرين على مواجهة المحتلين إذا استمروا في انتهاكهم، وأن حماية أمن وسيادة هذا البلد سيكون خط بغداد الأحمر. إن المغامرة الجديدة للقوات العراقية للتعامل مع التخريب المستمر للمحتلين الأجانب يمكن أن تكون شرارة لدخول الجيش العراقي في حرب ضد المحتلين الأجانب.

استمرار الجمود السياسي في العراق

في الوقت الذي وصلت فيه عملية تشكيل حكومة جديدة في العراق إلى طريق مسدود بسبب الخلافات بين الجماعات والأحزاب السياسية في العراق، أظهرت قوى المقاومة في تحركاتها الأخيرة أنها لن تقف مكتوفة الايدي تحت أي ظرف من الظروف وأنها سوف تقوم بمحاربة قوات الاحتلال الأجنبية. وفي السياق ذاته، نرى أنه بعد هجوم المقاومة العراقية على الطائرات المسيرة الغربية، أبدت قوات الاحتلال رد فعل حاسم على مقرات قوات الحشد الشعبي في “الزمر”.

وفي منتصف نيسان على سبيل المثال استهدفت قوات “أصحاب الكهف” التابعة للمقاومة العراقية، قافلة لوجستية للمحتلين الأمريكيين في حي اليوسفية ببغداد. وفي الآونة الأخيرة (11 أيار / مايو 21 نيسان) تعرض رتل عسكري للاحتلال الأمريكي لهجوم في محافظة الديوانية جنوب العاصمة العراقية بغداد، ما ألحق أضراراً جسيمة بالمحتلين.

حقيقة الأمر أن قوى المقاومة أظهرت أن الزمان والمكان لا علاقة لهما بمكافحة المحتلين الأمريكيين. ولقد أرست قوى المقاومة صراحة القاعدة في الميدان بأن لديها القدرة على استهداف مواقع المحتلين في أي وقت وفي أي مكان في الأراضي العراقية. كما توصل المحتلون إلى الاعتقاد بأنه لا يوجد ملاذ آمن للتسامح معهم.

ومن ناحية أخرى، أظهرت قوى المقاومة، من خلال شنها هجماتها الأخيرة على مواقع المحتلين الأمريكيين، أنها لا تحتاج إلى إذن من أي قوة لتحقيق استقلال البلاد وتنفيذ الدستور القائم على طرد المحتل والقوات الأجنبية. ولقد أظهرت قوات الشباب، كجزء من الجيش العراقي، أن جميع أعمالها في اتجاه المحتلين الأجانب كانت متماشية مع تطبيق الدستور وموافقة مجلس النواب العراقي.

كما يمكن قراءة التحركات الأخيرة للتعبئة الشعبية من أجل تلبية الإرادة العامة للمواطنين العراقيين وعلى الرغم من أن العراق يواجه حاليًا جمودًا في تشكيل حكومة جديدة ولم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن انتخاب حكومة جديدة، إلا أن مسألة طرد القوات الأجنبية تظل ضرورة أساسية لدى الجمهور العراقي. وفي غضون ذلك، أصبح صمت الحكومة تجاه المطلب العام للمواطنين العراقيين بطرد القوات الأمريكية، إلى حد كبير، غريبًا ومحورًا لانتقادها تصرفات “مصطفى الكاظمي” في الأيام الأخيرة من رئاسته.

وفي الأساس، فإن طلب انسحاب القوات الأمريكية من العراق ليس مجرد قضية قانونية، بل هو أيضًا رمز لمواطني هذا البلد لاستعادة الاستقلال الوطني. إن صمت حكومة “الكاظمي” في الوفاء بالتزامها بقرارات مجلس النواب التشريعية والوفاء بوعدها بنهاية عام 2021 كموعد لانتهاء وجود المحتلين في العراق ليس فقط غير مقبول بل في المستقبل قد يزيد من موجة المعارضة الشعبية.

ووصفت المقاومة الإسلامية “حركة النجباء” تمديد واشنطن لحالة الطوارئ الخاصّة بالعراق بأنه استمرار لنهب الثروات العراقية، مؤكدة أن ما تدعيه أمريكا من تهديد لأمنها القومي هو ذريعة للتدخل في المنطقة. وبينت الحركة في بيان لها أن ذريعة تهديد الأمن القومي للولايات المتحدة لتمديد الاحتلال هو أكبر دليل على ازدواجيتها، مضيفة إن أمريكا ترى أن ثمّة تهديدًا لأمنها القومي على بعد آلاف الكيلومترات وتعطي نفسها الحقّ بالتحرّك بناء على هذه الحجة الكاذبة، ومن جهة أخرى تجرم فصائل المقاومة عند دفاعها عن العقيدة والأمن القومي في بلد ملاصق أو إقليمي أو دولي.

وأكد البيان أن النظام الأمريكي يمثل الخطر الأكبر على المجتمع الدولي، وأن هذه الحقيقة تنكشف للجميع يومًا بعد يوم وأن وعي الشعوب يتصاعد بفهم كون هذا النظام عائقًا أمام الشعوب الطامحة للاستقلال والتقدم والازدهار والأمن، مشيرًا إلى عقدين من العدوان واحتلال الأراضي العراقية دون تفويض أممي، وأن هذه الحالة يتم تمديدها منذ عام ۲۰۰۳ سنة تلو الأخرى بأعذار واهية بهدف نهب ثروات العراق. وقال المراقب السياسي “مؤيد العلي”، إن “الوجود الأمريكي في الأراضي العراقية غير مرغوب فيه من قبل أغلب أبناء الشعب العراقي”.

وأوضح أن “الوجود الأجنبي في العراق له أثر سلبي على المستوى الأمني والاقتصادي وحتى السياسي بسبب تدخل السفارة الأمريكية في الشؤون الداخلية”. وأضاف العلي، إن “المعطيات والتصريحات الحالية تشير إلى أن الجانب الأمريكي يريد الإبقاء على القوات القتالية في العراق لكن بصفة استشارية بهدف حماية المصالح الخاصة بهم”. وأشار إلى أن “أسلحة فصائل المقاومة جاهزة لطرد القوات الأمريكية من العراق في حال عدم الانسحاب نهاية الشهر الجاري”. وتابع العلي قائلاً، إن “الفصائل تمتلك أسلحة وإمكانيات لم يتم الكشف عنها، وستفاجئ الأمريكيين خلال الفترة المقبلة”