مقالات مشابهة

عيد الأضحى في اليمن تحت الحصار والنار

فرضت الحرب على اليمن طقوسا عيدية خاصة بها، الالاف من الأسر تؤم روضات الشهداء أمهات وزوجات وأطفال يقضون اول أيام عيد الأضحى في اليمن في زيارة احباء لهم غادروا بسبب القتال، وأخرون في المقابر لزيارة ضحايا فارقوا الحياة بسبب اغلاق منافذ السفر، وأطفال لم تكتب لهم الحياة نتيجة تأثيرات الحصار عليهم منذ ولادتهم وايام حياتهم الأولى.

وفي زيارة الارحام أضحت الاحاديث عن استذكار من غادروا الحياة نتيجة الحرب، وتناول قصص الحرب والحصار، وأخر المستجدات عن هدنة هشة تترنح، وانسداد الأفق نتيجة تعنت الولايات المتحدة والسعودية عن وقف الحرب ورفع الحصار.

القدرة على توفير لحوم الأضاحي والملابس في عيد الأضحى في اليمن متدنية الى حد كبير، نظرا لارتفاع الأسعار وانخفاض ميزانية الاسرة نتيجة للحصار وتوقف الرواتب وضعف قيمة الريال، يشكو ارباب الاسر من غلاء فاحش في الملابس وهم في موقف العاجز امام أطفال لايعون تبعات الحصار لكنهم يلمسونه.

اتسم عيد الأضحى في اليمن لهذا العام بزيادة كبيرة في غلاء المعيشة في اليمن نتيجة ازمة مركبة فبالإضافة الى الحصار هناك ازمة غذاء وطاقة عالمية ضاعفت من الأعباء على الاسر اليمنية في ظل إيقاف تحالف العدوان لرواتب نحو مليوني موظفي يمني في الجهازين الحكومي والمختلط، واغلاق المنافذ الجوية والبحرية بوجه التجارة وخاصة ميناء الحديدة الحيوي لقربة من مراكز الكثافة السكانية.

ثمان سنوات من الحرب جيل كامل في اليمن لايعرف سوى الحرب واصوات الغارات والحدائق والمباني المدمرة، العابه السلاح البلاستيكي واحاديث الأطفال بكل فخر عن بطولات المجاهدين من مناطقهم وامنيتهم في ان يكبروا ويذهبوا الى جبهات القتال لمواجهة من يغزون بلدهم.

وبرغم الهدنة الأممية فإن شبح اشتعال القتال مجددا يعود الى الواجهة، وهي لم تتوقف كلية بسبب خروقات طرف مرتزقة التحالف السعودي والذين يرون في توقف الحرب نهاية لهم ولأحلامهم بالعودة الى الحكم، فيما يرى رعاتهم انهم عجزوا عن تحقيق أهدافهم من شن العدوان على اليمن.

نجحت الهدنة فقط في تحقيق اقل مما تفق عليه من الرحلات الجوية ولم شمل عائلات لم تجتمع منذ 7 سنوات نتيجة اغلاق مطار صنعاء من قبل التحالف بشكل تعسفي، ناهيك عن مئات المرضى تمكنوا من السفر، وجميع أولئك أقل من 1% من حجم المرضى او المسافرين، وسيكون على هؤلاء مرضى ومسافرين او يعودوا أو يغادروا قبل نهاية شهر يوليو وإلأ فأنهم سيصبحون عالقين في الداخل او الخارج، وذلك جانب آخر للمأساة اليمنية في ظل العدوان والحصار.

وفقا لوزارة الصحة في صنعاء فالحصار يظل الأكثر ضررا على الانسان اليمني، فهو يحصد عشرات الاف الضحايا سنويا ويصنع اكبر أزمة إنسانية في التاريخ المعاصر، ويتوقع ان تمتد تأثيراته الى أجيال قادمة نتيجة التجويع وسوء التغذية والامراض المرتبطة به.

تفيد اللجنة الطبية العليا بأن ذوي الامراض المستعصي علاجها في اليمن والبالغ عددهم نحو 35 الفا مسجلون رسميا، ومئات الاف مرضى مقيدون لدى المراكز الطبية المختلفة يستحيل علاجهم بسبب تردى الخدمات الطبية في الداخل جراء الحصار بينهم 3 الاف طفل مصابون بتشوهات قلبية يواجهون الموت المحتم، و 500 مريض محتاج لزراعة عاجلة للكبد في مراكز متخصصة بالخارج، ومن استطاع السفر من هؤلاء عبر رحلات الهدنة يمثلون فقط من 1 الى 2% فقط من المرضى الذين تزداد اعدادهم كل يوم.

تحاول الحكومة صنعاء توفير نصف راتب من الإيرادات المحدودة غير ان ذلك لايحدث فارقا في سجل معاناة متواصلة وارتفاع مضطرد للأسعار نتيجة للحصار وأزمة عالمية فعلى مدى سنوات استطاع التحالف سرقة القيمة الشرائية للريال اليمني عبر طباعة تريليونات الريالات غير المغطاة والفائضة عن حاجة السوق ماسبب تدهور قيمته نتيجة فائض المعروض منه.

يحاول اليمنيون نسيان الحرب وتأثيراتها ولو لساعات بالخروج الى الحدائق والمتنزهات خلال أيام عيد الأضحى، وخلال أيام العيد قد لاتستطيع إيجاد مكان بسبب الازدحام الشديد والذي يمكنك ان تلمس معه تأثيرات الحرب بجلاء، فجميعهم اضحى السفر الى الريف كما في السابق منهم خارج عن قدرتهم، فالجميع في المدينة والريف اليمنيين يعانون تراكميا جراء الحرب والحصار المتعدد الاشكال لثماني سنوات.

تركة الحرب تكبر كل يوم في اليوم ليس سياسيا وانسانيا فقط وانما على كل الأصعدة، وسيكون من الصعب نسيان اثارها في وقت قريب او محوها من ذاكرة اليمنيين، خاصة انها كانت حربا قذرة لم تحفظ ادنى مبادئ الحروب او القانون الدولي والحقوق الإنسانية.
ـــــــــــــــــــــــ
إبراهيم الوادعي