مقالات مشابهة

هل غدرت اسرائيل بمصر أم تواطأت جهات مصرية معها باغتيال قادة الجهاد وهم يستعدون للسفر إلى القاهرة ؟؟

عادت حكومة الاحتلال لاستخدام الخديعة والغدر مجددا في عملية جديدة أسمتها “السهم الواقي” استخدمت فيها 40 طائرة، واغتالت ثلاثة من قادة “سرايا القدس” التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، مع عدد من أقاربهم من نساء وأطفال وذلك لتحقيق عدة أهداف.

وتستعد إسرائيل لامتصاص ضربة ثأرية من الجهاد الإسلامي تعتبرها مؤكدة، فيما يعلن بعض قادة الجهاد أن الرد الثأري قادم، وتمتاز تصريحات متحدثين من “حماس” بالعمومية، علما أنها شاركت قبل أسبوع بإطلاق صواريخ نحو أهداف إسرائيلية.

يأتي ذلك وسط تساؤلات كثيرة عن سلوك حركة حماس، هل ستبقى على الحياد أم أنها ستشارك في الرد هذه المرة، فيما تحاول إسرائيل الرسمية تحييدها. وزعمت تسريبات إسرائيلية أن إسرائيل خطّطت لتنفيذ العملية في نهاية الأسبوع الجاري لكن حالة الطقس (الضباب والغيوم المتوقعة بعد أيام) دفعتها لتغيير موعدها، لكن من غير المستبعد أن تكون هذه المعلومات جزءا من عملية التضليل، لأن السماء في الليلة الفائتة تلبدت بالغيوم، ولأنها تحاول استبعاد تهمة الغدر والتغرير بمصر، وإبعاد التهم الصادرة من جهات مصرية بأنها أقدمت على قتل القيادات الثلاثة، وهم يستعدون للسفر إلى القاهرة لاستكمال مداولات التهدئة.

أهداف العملية

جاءت هذه العملية الوحشية انتقاما من “الجهاد الإسلامي” بعد إطلاق رشقات من الصواريخ نحو أهداف إسرائيلية خلال الأسبوع المنصرم، ردا على استشهاد المناضل خضر عدنان مضربا عن الطعام داخل سجنه. وكانت أوساط إسرائيلية واسعة شملت بعض الوزراء، قد وجّهت انتقادات علنية لما وصفته بـ”الرد الضعيف” على صواريخ غزة، في إشارة للقصف الإسرائيلي لمنشآت ومناطق مفتوحة في غزة لم تنجم عنه خسائر بشرية.

ويبدو اليوم أن قوات الاحتلال لم تجد وقتها أهدافا عملية عينية لمهاجمتها، فاكتفت بقصف دون إصابات. لكن تلميحات غليظة صدرت عن جهات رسمية وإعلامية بأن الرد الحقيقي “على الطريق” علاوة على تسريبات بأن إسرائيل ستعود لسياسة الاغتيالات. وفي الأمس فقط، قال عضو لجنة الخارجية والأمن، النائب نسيم فاطوري (الليكود) إن حربا ستنشب قريبا دون أن يوضح أكثر.

وقبل ذلك، كرر دعواته للانتقام ولتصعيد العدوان على غزة، في ظل تساؤلات عن “ضعف رد الفعل ” الإسرائيلي على الصواريخ منذ مطلع الشهر الحالي، وربما جاءت تصريحاته مصادفة مع الجريمة الجديدة، ولكن من غير المستبعد أن تكون جزءا من التلميحات المذكورة.

هذه العملية العدوانية الجديدة في غزة تتعدى أهدافها الانتقام. فهي محاولة قديمة- جديدة لزعزعة المقاومة وشلّ فعاليتها على طريقة “ضرب الرأس” بحثا عن استعادة “الهيبة وقوة الردع” من خلال أسلوب “الصدمة والترويع” واحتلال الوعي، وسلب إرادة الجانب الفلسطيني بزرع الخوف وإخضاع الفلسطينيين بشكل عام، رغم أن التجربة تدلل على أن المقاومة الفلسطينية اعتادت على دفن شهدائها وتعيين بدلاء لهم واستئناف نشاطها كما حصل في “الجهاد الإسلامي” بالذات.

وتضاف لهذه الحسابات، اعتبارات سياسية داخلية، خاصة أن حكومة نتنياهو السادسة تعاني من حضيض غير مسبوق في شعبيتها لعدة أسباب منها “الرد الضعيف على صواريخ غزة” وتحتاج لما يحسّن صورتها في عيون الإسرائيليين.

من جهتها، منحت إسرائيل العملية اسم “السهم الواقي” وهذا يقول إنها عملية مستمرة، وأعلنت عن التئام المجلس الوزاري الأمني- السياسي المصغّر (الكابينت) في مساء اليوم، وهذه رغبة لإطلاع الوزراء المركزيين على ما جرى، لكنها ترتبط باحتمالات تطور الأمور، واندلاع مواجهة عسكرية، علاوة على إرسال رسالة تهديد لـ”الجهاد الإسلامي” بأنها لن تتردد في خوض حرب.

من جهته قال الناطق العسكري الإسرائيلي مهددا إنه “في هذه المرحلة حققنا أهداف العملية، وإذا تطلب الأمر، فإننا سنزيد من الإصابات. لم نحّدد مدة زمنية لنهاية العملية، ونحن مستعدون لكل ما يجب القيام به وسنعمل حسب التطورات”.

طبعة جديدة من “طلوع الفجر”

عقب اغتيالها ثلاثة من قادة “الجهاد الإسلامي”، سارعت إسرائيل للتوضيح بأن العملية من طرفها قد حققّت أهدافها، وأن حركة حماس ليست مستهدفة، ويبدو أنها تسعى لتحييدها كما فعلت تماما في عملية “طلوع الفجر” عام 2022، وفيها قتلت أيضا ثلاثة من القادة العسكريين لـ”سرايا القدس” وأدت لجولة تراشق ناري محدودة مع “الجهاد الإسلامي” فقط.

وفي محاولة جديدة لتحييد حماس، تهدف حكومة نتنياهو أيضا إلى ممارسة سياسة “فرق تسد” وتحاشي وقوع “وحدة الساحات” نتيجة انضمام “حماس” بصواريخها الأكثر قوة ودقة وخطورة، وربما انضمام جهات فلسطينية من جنوب لبنان كجماعات مسلحة تابعة لحماس.

إجراءات إسرائيلية احترازية

من ناحيته، أعلن ما يسمى “منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية” الجنرال غسان عليان، إغلاق معبري “بيت حانون” و”كرم سالم” مع قطاع غزة، في الاتجاهين فورا وحتى إشعار آخر. بدوره أعلن وزير الجيش يوآف غالانت، فرض حالة خاصة على الجبهة الداخلية، وفي ضوء تقييم الوضع تقرر إجراء تغيرات في حركة السير على الطرقات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة، وإغلاق الطرقات المكشوفة منها.

وقال مكتب غالانت، إن الوزير وافق على تفعيل الخطة التي تسمح لسكان البلدات الاسرائيلية المحاذية لقطاع غزة بالإخلاء نحو باقي المناطق داخل إسرائيل في كافة المدن، وسط دعوة المئات من جنود الاحتياط. وأغلق جيش الاحتلال الطرق المحاذية للسياج الحدودي مع قطاع غزة، كما منع الوصول إلى شاطئ البحر القريب من الحدود، وتم وقف حركة القطارات إلى الجنوب من مدينة عسقلان خشية الصواريخ التي قد تطلق من قطاع غزة أو نيران القناصة.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصدر سياسي رفيع (عادة هذه إشارة لرئاسة الوزراء) قوله إن إسرائيل أوضحت سابقا وتوضح حاليا، بأن من يدبر نشاطات “إرهابية” ضدها لن يعفى من المسؤولية، وأكدت أنها ستدافع عن مواطنيها في أي مكان وبقوة متناهية. وجاء في بيان “المصدر السياسي” أن قادة الجهاد الاسلامي الذين تم استهدافهم، خططوا مؤخرا لتنفيذ “هجمات ارهابية” ضد إسرائيل، مشددا على أن العملية هي رد على العدوان المستمر للجهاد الإسلامي .

وانضم للتهديدات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي قال إن جيش الاحتلال مستعد للقادم، وشكر مستوطني غلاف غزة على ثباتهم. أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي هدد حزبه في الأيام الأخيرة بمعاقبة الحكومة من خلال التغيب عن جلسات البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) احتجاجا على ضعف ردود فعل الاحتلال، فقال في تغريدة إنه “ينبغي قتل كل إرهابي أينما كان، وحان الوقت أخيرا”. كذلك فاخر وزير الخارجية في حكومة الاحتلال، إيلي كوهين، بالعملية وهدد بالمزيد قائلا: “نحن نسدد الحساب ونلاحق أعداءنا”.