تكشف المعلومات أن القوات البريطانية التي تتواجد في مطار الغيضة بمحافظة المهرة تتكون من حوالي 100 جندي ، إذ وصل 40 جنديا بريطانيا إلى مطار الغيضة في السابع من أغسطس الجاري، وضمنهم وحدة حرب إلكترونية متخصصة لمتابعة الاتصالات وإدارتها، علاوة على عمليات دعم من وزارة الخارجية البريطانية، وفريق يعمل مع قوة العمليات الخاصة الأمريكية التي كانت موجودة بالفعل في المطار وسلمت مهامها في وقت سابق للقوات البريطانية، وتساعد في تدريب نخبة من وحدات عسكرية سعودية.

ومنذ العام 2017/م ، تتواجد بريطانيا في مطار الغيضة بمحافظة المهرة إلى جانب قوات سعودية وأخرى أمريكية «انسحبت مؤخرا إثر حادث قتل بين الأمريكيين والسعوديين ، وسلمت مهامها للبريطانية» ، التواجد الاحتلالي البريطاني ظل ساكنا لأشهر ، لم تسجل الأحداث مؤشرات أو مظاهر للتواجد ، لكن بروز التحركات السعودية في المحافظة ومظاهر التوسع والسيطرة والتعسكر أدت إلى اندلاع مظاهرات شعبية مقاومة ، تصاعد الغضب الشعبي وتعالت الأصوات الرافضة للوجود السعودي الذي كشف خلفه وجوداً بريطانياً أمريكياً.

ولمواجهة الرفض الشعبي لجأت بريطانيا وأمريكا والسعودية إلى إثارة ملفات عدة لتبرير تواجدها ، سابقا أثارت ملف «الإرهاب» بغرض مواجهة الرفض الشعبي المتصاعد للتواجد العسكري ، بعدما أثارت قبله التهريب ، جاء إثارة موضوع الإرهاب عبر قصة مختلقة مفادها وجود قيادات إرهابية في المهرة تتعقبهم السعودية وأمريكا وبريطانيا ، ملف الإرهاب والتهريب فشل في تبرير وجودٍ للقوات السعودية والبريطانية والأمريكية في مطار الغيضة ولم يحد من الغضب الشعبي المتصاعد ، فلجأت بريطانيا إلى تبريرات أوسع من الإرهاب والتهريب.

ذرائع زائفة

وصول القوات البريطانية مؤخراً مضافة للقوات الموجودة في مطار الغيضة ، سبقه ترويج ذرائعي انطلق من جملة أكاذيب ومزاعم بريطانية أمريكية حول تعرض سفن شحن لهجمات في بحر العرب قرب عمان ، تتذرع بريطانيا بأن مهمة قواتها هو تعقب مهاجمي ناقلة النفط الإسرائيلية «ميرسر ستريت» في الـ30 من يوليو 2021، شمال شرق ميناء الدقم العماني، أثناء عودتها من تنزانيا إلى الإمارات، بطائرة جوية مسيرة.

روّجت بريطانيا مؤخراً بشكل مكثّف لحوادث تعرّضت لها سفنٌ في سواحل اليمن الشرقية ، هيئة عمليّات التجارة البحرية البريطانية نشرت أخبارا عن تعرُّض سفينة شحن تجارية لهجمات قرب ميناء المكلا ، من دون أن تُقدّم دليلاً على ذلك. وفي الخامس من كانون الأول 2020، قالت شركة «أمبري إنتيلجانس» الاستخباراتية البريطانية البحرية أن سفينة شحنٍ ترفع علم سيراليون، وتحمل اسم «حسن»، تعرّضت لهجوم إرهابي في سواحل قشن في محافظة المهرة، عندما كانت في طريقها إلى ميناء صلالة في سلطنة عمان. واللّافت، في كلّ تلك الحوادث، أنّه دائماً ما يُعلَن عقب الإفادة عنها أنّ السفينة وطاقمها بخير، ولم يصابا بأيّ أذى ما أدى إلى تشكيك واسع في الحوادث ، تلافته بريطانيا في خبر تعرض سفينة شحن صهيونية في بحر عمان لهجوم قالت إن شخصين قتلا لم تعلن عن الأسماء ولا عن صور القتلى.

خبر الاستهداف للسفينة الصهيونية في 29 يوليو المنصرم لم يكن حقيقيا ، ومن خلال الخبر وترويجه الدعائي بدا أنه خبر مختلق لخلق ذريعة بريطانية أمريكية سعودية لاحتلال المهرة بعدما فشلت في تبريره بالإرهاب والتهريب ، خبر استهداف السفينة ميرسر ستريت روجت له هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية ، وتحكمت في الرواية منذ بدايتها حتى إعلانها مغادرة السفينة الصهيونية إلى الإمارات.

لم تعلق سلطنة عُمان على الأخبار التي تناقلتها وسائل إعلام صهيونية نقلا عن مصادر بريطانية تحدثت عن هجوم تعرضت له سفينة صهيونية في بحر عمان بتاريخ 29 يوليو 2021 / م ، رغم أن المصدر البريطاني قال إن الهجوم حصل قبالة خليج عُمان وتحديدا في بحر العرب على بعد أكثر من 300 كيلومتر (185 ميلاً) جنوب شرق العاصمة العمانية مسقط.

ومنذ اللحظة الأولى كثفت وسائل الإعلام الصهيونية والسعودية والبريطانية والأمريكية توجيه الاتهامات نحو الجمهورية الإسلامية الإيرانية باستهداف السفينة بطائرة مسيّرة رغم نفي إيران تلك الحادثة جملة وتفصيلا ، وزعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن السفينة تعرضت للهجوم خلال رحلتها من مدينة دار السلام في تنزانيا إلى ميناء الفجيرة في الإمارات بدون حمولة ، وكذلك روجت بقية وسائل الإعلام الأمريكية والسعودية والبريطانية ، وكلها نقلت عن مصدر في وزارة الدفاع البريطانية وهيئة التجارة البحرية البريطانية.

عقب نشر خبر استهداف السفينة الصهيونية ميرسر ستريت بساعات ، نشر تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خبراً يتحدث فيه عن إحباطه لهجوم على سفينة تجارية سعودية بطائرة مسيِّرة ، وفي الخبر نفسه ومنذ اللحظة الأولى قالت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر في تحالف العدوان أن الطائرة المسيِّرة أطلقها «الحوثيون»، حسب وصف الوكالة التي نشرت خبراً مقتضباً.

صحيح أن خبر استهداف السفينة السعودية لم يلق رواجاً ولم تنشر عنه تفاصيل كثيرة- كما هو في حال خبر السفينة الصهيونية ، لكنه تساوق جاء ليعزز الرواية البريطانية الصهيونية السعودية الأمريكية المشتركة حول الهجوم في بحر عمان ، وقد تضمن الخبر الرسمي الذي نشره تحالف العدوان السعودي في وكالة واس السعودية «إن الحوثيين مستمرون في تهديد الملاحة البحرية جنوب البحر الأحمر بدعم إيراني».

أكاذيب متشابهة

بدا التزامن والروايات المتشابهة للخبرين ومن الصياغة أنها ادعاءات فارغة ، أرادت بريطانيا وأمريكا والعدو الصهيوني والسعودية تبرير التحرك باتجاه المهرة ، وخلق الذريعة التي يواجهون بها السخط الشعبي في المهرة ، وكذلك عنوان تحشيدي تطرحه منظومة العدوان المارقة أمام المجتمع الدولي لإسنادها فيما تذهب إليه من احتلال للسواحل اليمنية شرقا وغربا ، التساوق بين المزاعم الصهيونية بتعرض سفينة لهجوم في بحر عمان ، بما تلاه من مزاعم سعودية بإحباط هجوم على سفينة تجارية في البحر الأحمر ومحاولة خلق عناوين ذرائعية كان واضحا ، وقد وظفته بريطانيا والسعودية وإسرائيل وأمريكا للتواجد في المهرة ، والهدف هو السيطرة على البحر العربي والبحر الأحمر.

وقد أعاد وصول قوات بريطانية إلى المهرة في أغسطس بعد الترويج لحادثة السفينة، التأكيد من أنها كانت ذرائع بريطانية لملاحقة مهاجِمي سفينة «ميرسر ستريت» الإسرائيلية قبالة سواحل عُمان في 29 تموز الماضي، ما يعيد إلى أذهان اليمنيين ذرائع مشابهة استخدمتها بريطانيا في احتلال عدن.

الترويج البريطاني الأمريكي الصهيوني السعودي لمزاعم استهداف سفن شحن في البحر العربي أعقبه تعزيز بريطانيا من تواجدها العسكري في محافظة المهرة، أعاد للأذهان ذريعة بريطانيا العجوز في احتلال عدن ، ففي أواخر العام 1839 اتّخذت بريطانيا من حادثة جنوح السفينة «داريا دولت» في سواحل ميناء عدن، ذريعةً لاحتلال عدن الذي استمر قرابة 129 عاماً.

بعد ستة أيام من إعلان بريطانيا الهجوم على السفينة الصهيونية في 29 يوليو 2021 ، أعلنت القيادة المركزية للجيش الأمريكي أنها حققت في عملية استهداف السفينة الإسرائيلية، وأن النتائج التي خرجت بها عُرضت على بريطانيا وإسرائيل، واللتين تقبلتا النتيجة ، بريطانيا زعمت مقتل جنديين على السفينة وعلى ضوء المعطيات التي برزت في وسائل الإعلام التحالفية ، وبعد ستة أيام نشرت صحف أوروبية خبر وصول قوات بريطانية إلى المهرة ، لاحقا قال الجيش البريطاني إن التواجد في المهرة عملية انتقام رداً على مقتل الجندي البريطاني ادريان اندروود، وذلك على لسان الجنرال كارتر- رئيس القوات المسلحة البريطانية، الذي دعا إلى ما وصفه بانتقام غربي من الهجوم الذى أسفر عن مصرع الجندي البريطاني.

التبرير البريطاني للتواجد العسكري في المهرة يتسق أيضاً مع الطرح الذي ظلت السعودية والإمارات ترددانه منذ وقت مبكر عبر وسائل الإعلام التابعة لهما بأن القاعدة وداعش يتواجدان في المهرة ، سبقها ترويج باستخدام المهرة كتهريب للأسلحة إلى صنعاء.

من الواضح أن بريطانيا قدمت كذبة استهداف الناقلة الإسرائيلية كذريعة للتواجد في محافظة المهرة، وهذه الذريعة تلقى التأييد والمباركة من أمريكا وإسرائيل ، وبالتأكيد من خلفهما السعودية والإمارات، وهي ذاتها الأطراف التي تتشارك وتتحالف في الحرب العدوانية على اليمن ، وهي ذريعة مشابهة لذريعة احتلال بريطانيا لعدن في يناير من العام 1839م، والتي جثمت عقبها على صدور اليمن واليمنيين لقرابة 129 عاماً.

احتلال سيستهدف بالسلاح

أكد رئيس الوفد الوطني والناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبدالسلام الرفض لتواجد أي قوات أجنبية في اليمن ، واعتبر- في مقابلة مع موقع الخنادق- أن جميعها، بما فيها القوات البريطانية المنتشرة في محافظة المهرة، تعد قوات احتلال واستهدافها مشروع.

وأكد رفض الجمهورية اليمنية لوجود القوات البريطانية التي وصلت مطلع الشهر الجاري إلى محافظة المهرة، وقال عبد السلام إن «وجود قوات بريطانية في المهرة هو ليس جديدا في واقع الأمر، له أكثر من سنتين، والوجود العسكري الأجنبي في اليمن مرفوض، سواء كان أمريكيا، بريطانيا، سعوديا، إماراتيا، سودانيا، أو أي بلد».

وتابع: «نحن نعتقد أن أي قوات أجنبية هي قوات احتلال، وطالما هي قوات احتلال فمن حق الجمهورية اليمنية وجيشها أن يواجه أي قوات أجنبية في أرض اليمن ويستهدفها باعتبارها قوات غازية بموجب القانون الدولي والقانون اليمني والأعراف الدولية والإنسانية».

وأضاف عبد السلام أن «الوجود البريطاني في المهرة له ارتباط بمصالح بريطانيا ومصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. وليس فقط في المهرة وأيضا في سقطرى».

وأردف: «سقطرى جزيرة نائية في قلب المحيط، لا توجد بها أحداث، ولا تمثل أي ارتباط، لا جزئي ولا عضوي ولا مباشر ولا غير مباشر، بالأحداث العسكرية في اليمن، ومع ذلك تواجدت فيها قوات إماراتية محتلة حاولت أن تغير الكثير من الثوابت الوطنية اليمنية في الجزيرة وأن تأخذ الكثير من المعالم، سواء الطبيعية أو التاريخية، أو محاولة التغيير الديموغرافي والجيوسياسي».

تقرير – عبدالرحمن عبدالله

مصدرالثورة