مقالات مشابهة

الرئيس الجزائري يشرف على مراسيم توقيع ميثاق لم الشمل بين الفصائل الفلسطينية

أشرف مساء الخميس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، على مراسيم توقيع إعلان الجزائر المتضمن ميثاق لم الشمل بين الفصائل الفلسطينية وهذا بعد يومين كاملين من أشغال المؤتمر الذي جرت فعالياته بقصر الأمم نادي الصنوبر غرب الجزائر العاصمة.

وجرت مراسيم التوقيع على إعلان الجزائر في أجواء طبعها الإرتياح وسط ممثلي 14 فصيل فلسطيني قدموا إلى الجزائر من أجل تحقيق المصالحة التاريخية بعد إنقسمات إستمرت لعدة سنوات، في وقت ثمن فيه الحاضرون الدور الفعال للديبلوماسية الجزائرية على رعايتها لأشغال مؤتمر لم الشمل والذي توج في الأخير بالتوقيع على إعلان الجزائر الذي يعتبر أرضية صلبة لتحقيق الوحدة الفلسطينية.

في ذات السياق، إعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بأن التوقيع على إعلان الجزائر بين الفرقاء الفلسطينين اليوم حدث تاريخي، مضيفا، إن شاء الله سنرى قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس.

وقعت الفصائل الفلسطينية الخميس في الجزائر العاصمة اتفاق مصالحة تلتزم بموجبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام، حسبما أفاد المشاركون بعد يومين على لقاءات جمعت بينهم.

واتفقت الفصائل الـ14 المشاركة ومن بينها حركتا حماس وفتح على وثيقة “إعلان الجزائر”، ووقعها بالأحرف الأولى رؤساء الوفود أمام كاميرات التلفزيون الجزائري.

وأبرمت فتح وحماس في السنوات الأخيرة عدة اتفاقات وتفاهمات تنص على إجراء انتخابات وتشكيل حكومة وحدة، من بين أمور أخرى، لكن لم يتحقق أي منها.

وسبق حفل التوقيع عزف النشيدين الجزائري والفلسطيني أمام حضور كبير من أعضاء الحكومة وقادة الأحزاب الجزائرية وسفراء دول عربية.

ووقع الإعلان في “قصر الأمم” حيث أعلن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988 “قيام الدولة الفلسطينية”، كما أشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

وقال رئيس وفد حركة فتح عزام الأحمد من المنصة “وقعنا على هذا الإعلان حتى نتخلص من هذا السرطان الخبيث الذي دخل الجسم الفلسطيني وهو الانقسام”.

وأضاف “نحن نشعر بالثقة والتفاؤل ان هذا الإعلان سينفذ ولن يبقى حبرا على ورق”.

أما زعيم حركة حماس إسماعيل هنية فأشاد بـ”يوم أفراح بداخل فلسطين والجزائر وكل الأمة العربية ومحبي الحرية”.
وأضاف هنية “ولكن هو يوم أحزان في داخل الكيان الصهيوني”.

نظامان

ينص “إعلان الجزائر” على إجراء انتخابات بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2023 لرئاسة الجمهورية وللمجلس التشريعي الفلسطيني الذي يعمل بمثابة برلمان للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس الشرقية.

وكان رئيس السلطة الفلسطينية وزعيم حركة فتح محمود عباس قد أرجأ عام 2021 إلى أجل غير مسمى الاقتراع الذي كان ليكون الأول منذ 15 عاما، مبررا ذلك بأن إجراءه ليس “مضمونا” في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمتها.
وقد انتقدت حماس القرار في حينه.

أدت الانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2006 إلى انتصار حركة حماس الإسلامية – التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية – وهو انتصار لم تعترف به فتح والمجتمع الدولي.

وفي عام 2007، اندلعت اشتباكات دامية بين الحركتين، ما أدى إلى ولادة نظامين سياسيين منفصلين: الأول تقوده السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 ويقطنها 2,9 مليون فلسطيني، والثاني تقوده حماس في قطاع غزة الذي يقطنه 2,3 مليون فلسطيني ويخضع لحصار إسرائيلي.

تاريخي

وعُقد الاجتماع الذي سعت الجزائر بشدة لتنظيمه، قبل وقت قصير من انعقاد قمة جامعة الدول العربية المقررة في العاصمة الجزائرية يومي 1 و2 تشرين الثاني/نوفمبر.

وقام الرئيس الجزائري الأربعاء بزيارة “مجاملة” للمشاركين من أجل “تشجيعهم” على إرساء المصالحة.

وقال أنور أبو طه عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي الموجود أيضاً في الجزائر، لوكالة فرانس برس “نقدّر جهود الجزائر من أجل الوحدة الفلسطينية ومواجهة الاحتلال الصهيوني”. لكن تم في اللحظة الأخيرة حذف فقرة من الإعلان تتناول تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وطالبت فتح بأن يلتزم المشاركون في حكومة الوحدة الوطنية بمقررات “الشرعية الدولية”، وفق مصادر قريبة من الاجتماع، وهي نقطة رفضتها حماس.

لكن تحوم شكوك حول هذه المصالحة نظرا لغياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يتواجد حاليا في كازاخستان.

وأشاد المحلل السياسي الفلسطيني خليل شاهين بـ”الأجواء الإيجابية للنقاشات”، لكنه قال لوكالة فرانس برس إن “الوثيقة التي اقترحتها الجزائر عامة ولا تدخل في التفاصيل”.

وأطلق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مبادرة في نهاية العام 2021 للمصالحة بين فتح وحماس، وتمكّن في أوائل تموز/يوليو من الجمع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإسماعيل هنية في الجزائر العاصمة، في لقاء اعتبر “تاريخيا”.

في ذات السياق، يرى المتتبعون لمساعي الديبلوماسية الجزائرية على بعد أيام فقط من إنعقاد القمة العربية بأرض المليون ونصف المليون شهيد، الحرص الكبير للقيادة الجزائرية على إنجاح مؤتمر لم الشمل بين كافة الفصائل الفلسطينية.

ولعل ما تملكه الجزائر من مفاتيح ومصداقية لإحتضان ورعاية لقاء المصالحة بين أزيد من 12 فصيلا يتوقون اليوم إلى ود القضية بعد سنوات من رياح الخلاف، هو موقفها الداعم للقضية العربية الأولى منذ أيام الرئيس الراحل هواري بومدين الذي قال ذات يوم، الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وهو ذاته الموقف الثابت الذي أبداه الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون الذي منذ توليه مقاليد الحكم في الجزائر.

ولأن رغبة الفصائل الفلسطينية في الجلوس إلى طاولة لم الشمل الجزائرية كانت في ظروف إقليمية ودولية مليئة بالتحديات، أصبح من الضروري إجتماعها اليوم لأجل المضي قدما في سبيل تحقيق الوحدة الوطنية التي من شأنها تزويد الأجيال الصاعدة بالمناعة التي تمكنها من مقاونة قوات الإحتلال الإسرائيلي في ساحات صلبة لا يمكن لرياح الاختلاف أن تنال منها وخاصة لما يتعلق الأمر بالدفاع عن الشرف والوطن.

فعلى الرغم من كل المخاوف والتحفظات التي يقف عندها بعض المحللين المتشائمين في عالمنا العربي وحتى من يناصرهم في عدد من البلدان الغربية، بخصوص مدى إمكانية التوصل إلى مصالحة حقيقية بين الفرقاء الفلسطينين، فإن ما يجمع هاته الفصائل الفلسطينية على أرض الواقع أكثر مما يفرقها في المواقع التي يديرها الكيان الصهيوني، لأن من شارك في مؤتمر لم الشمل لم يسمع ولم ولن يسمع من يغرد خارج السرب الفلسطيني بعد توقيع إعلان الجزائر.

وفيما يلي نص “إعلان الجزائر”

وقّعت الفصائل الفلسطينية في العاصمة الجزائرية، الخميس، اتفاقا لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، للأناضول، إن الفصائل الفلسطينية “وقعت اليوم على اتفاق المصالحة برعاية جزائرية”.

وأضاف أن “مؤتمرا صحفيا سيُعقد عند الساعة الخامسة بتوقيت الجزائر (17:00 ت.غ) للإعلان الرسمي عن التوقيع”.

وأفاد بأن “تعديلات جرت على المسودة الجزائرية، أبرزها حذف البند المخصص بشأن (تشكيل) حكومة الوحدة”.

وحصلت “وكالة الأناضول”، بشكل حصري، على نص “إعلان الجزائر” للمصالحة المكون من 9 بنود.

وينص الإعلان على:

1- التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود والتصدي ومقاومة الاحتلال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني واعتماد لغة الحوار والتشاور لحل الخلافات على الساحة الفلسطينية، بهدف انضمام الكل الوطني إلى منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

2- تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك عن طريق الانتخابات، وبما يسمح بمشاركة واسعة في الاستحقاقات الوطنية القادمة في الوطن والشتات.

3- اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام.

4- تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناته ولا بديل عنه.

5- يتم انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حيث ما أمكن، بنظام التمثيل النسبي الكامل وفق الصيغة المتفق عليها والقوانين المعتمدة بمشاركة جميع القوى الفلسطينية خلال مدة أقصاها عام واحد من تاريخ التوقيع على هذا الإعلان.

وتعرب الجزائر عن استعدادها لاحتضان انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الجديد، والذي لقي شكر وتقدير جميع الفصائل المشاركة في المؤتمر.
6- الإسراع بإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وفق القوانين المعتمدة في مدة أقصاها عام من تاريخ التوقيع.

7- توحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية وتجنيد الطاقات والموارد المتاحة الضرورية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار ودعم البنية التحتية والاجتماعية للشعب الفلسطيني بما يدعم صموده في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

8- تفعيل آلية للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية ومتابعة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية والشراكة السياسية الوطنية.
9- يتولى فريق عمل جزائري عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق بالتعاون مع الجانب الفلسطيني وتدير الجزائر عمل الفريق.

وعليه:

– يوجه المجتمعون التحية لجماهير الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وغزة الصامدة والداخل والشتات المنتفض ضد الاحتلال ونظام الاضطهاد والتمييز العنصري، ويعاهدون على تحقيق الوحدة الوطنية والالتفاف حول برنامج وطني كفاحي جامع لكل مكونات الشعب الفلسطيني، ويحيون التضحيات العظيمة للشهداء والنضال البطولي للأسرى والأسيرات في السجون الاحتلال.

– وتأكد القوى التزامها بتطوير المقاومة الشعبية وتوسيعها وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة.

– ويتقدم المشاركون في مؤتمر لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بالشكر والتقدير للسيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية على رعايته ومبادرته للمؤتمر ووصوله إلى النتائج التي تمخضت بإعلان الجزائر.

– ويدعو المشاركون الأشقاء في الجزائر لمواصلة الجهود مع الأشقاء العرب لمتابعة تنفيذ إعلان الجزائر الذي توافقت عليه القوى السياسية الفلسطينية.